الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
صدر نظام رسوم الأراضي البيضاء بقرار من مجلس الوزراء برقم (48) وتاريخ 11/2/ 1437هـ وبمرسوم ملكي رقم (م/4) بتاريخ 12/2/1437هـ حيث يهدف النظام إلى زيادة المعروض من الأراضي المطورة بما يحقق التوازن بين العرض والطلب، وتوفير الأراضي السكنية بأسعار مناسبة بالإضافة إلى حماية المنافسة العادلة ومكافحة الممارسات الاحتكارية. ومع قرب بلوغ النظام لعامه الثالث منذ صدوره .. نتسائل: هل تم تطوير الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني؟
إن أهمية التساؤل السابق لا تكمن في قرب بلوغ النظام لعامه الثالث فحسب، بل يأتي بعد جهود كبيرة قامت بها وزارة الإسكان مشكورة في تدشين العديد من الأنظمة والبرامج التي تساهم في معالجة الكثير من التحديات التي قد يعاني منها ملاك الأراضي البيضاء أثناء تطويرهم لأراضيهم والتي منها: تحديات التمويل وتقليص المدة الزمنية اللازمة لاعتماد المخططات. فعلى سبيل المثال دشنت وزارة الإسكان كلا من:
– برنامج البيع والتأجير على الخارطة “وافي” والذي يمكن من خلاله تمويل المشروع قبل البدء بتنفيذه من قبل المشتري النهائي للمنتج.
– برنامج شراكات والذي يقدم العديد من الفوائد للمطور منها: التمويل، وزيادة نسبة البناء، والوعد – ضمان شراء الوحدات السكنية غير المباعة.
– مركز خدمات المطورين “إتمام” والذي يهدف إلى تسريع وتيرة العمل في المشروعات السكنية من خلال تقديم جميع خدمات التطوير العقاري في مكان واحد وبالتعاون مع الجهات الحكومية والقطاعات ذات العلاقة.
إن المطلع على برامج وزارة الإسكان يرى حجم الدعم والتيسير الكبير الذي يمكن أن يحصل عليه ملاك الأراضي البيضاء عند قيامهم بتطويرها.
وبالرجوع إلى التساؤل أعلاه فإنه يصعب على الباحث الإجابة عليه لغياب البيانات المتعلقة بذلك، حيث لا توضح البوابة الإلكترونية لنظام الأراضي البيضاء حجم الأراضي التي تم تطويرها داخل النطاق العمراني للمرحلة الأولى ومدى إنعكاس ذلك في تحقيق أهداف النظام، ولذلك سنحاول التعرف من خلال البيانات المتوفرة ضمن بوابات برامج وزارة الإسكان الأخرى – والتي من شأنها المساهمة في إعطاء صورة عامة يمكن من خلالها التعرف ولو بشكل جزئي – على حجم تطوير الأراضي البيضاء ضمن النطاقات العمرانية المعلنة، وسيتم التركيز على مدينة الرياض كأحد المدن التي تم تطبيق نظام رسوم الأراضي البيضاء عليها.
وفقا لما تم الإعلان عنه في حساب “الأراضي البيضاء” في موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” بتاريخ 8 جمادى الأولى 1439هـ الموافق 24 يناير 2018م فإنه تبلغ مساحة الأراضي البيضاء في مدينة الرياض الخاضعة للرسوم قرابة 124 مليون متر مربع، وبالنظر إلى البيانات المتوفرة من خلال بوابة سكني ووافي فإنه:
– وفقا لقائمة المشاريع الموضحة ضمن بوابة سكني فإن مساحة مشاريع الإسكان المنفذة على أراضي القطاع الخاص وتقع ضمن النطاق العمراني لرسوم الأراضي البيضاء تقارب 1.3 مليون متر مربع أما بقية المشاريع فهي إما خارج النطاق العمراني لرسوم الأراضي البيضاء أو مشاريع جاهزة بعضها نفذت قبل تطبيق رسوم الأراضي البيضاء.
– أما المشاريع السكنية التي تم الترخيص لها عند صدور نظام الأراضي البيضاء في مدينة الرياض وفقا لبوابة برنامج البيع أو التأجير على الخارطة “وافي” ولم تتوقف وتقع ضمن النطاق العمراني لرسوم الأراضي البيضاء فتقارب 2 مليون متر مربع.
وبافتراض أن جميع أراضي هذه المشاريع تقع ضمن المرحلة الأولى من مراحل رسوم الأراضي البيضاء فإن هذا يعني بأنه منذ الإعلان عن نظام رسوم الأراضي البيضاء فإن مساحة ما قد تم أو يجري تطويره من الأراضي وفقا للبيانات الموضحة ضمن بوابتي “سكني” و “وافي” تقارب 3.3 مليون متر مربع أي ما يعادل قرابة 2.7% فقط من إجمالي مساحة الأراضي البيضاء الواقعة ضمن المرحلة الأولى من مراحل النظام والبالغة 124 مليون متر مربع.
وباعتقادي تبقى هذه الأرقام متواضعة وذات تأثير محدود حتى ولو ارتفعت هذا النسبة ووصلت إلى 5% نظرا لما تقدمه برامج وزارة الإسكان من دعم وتيسير لملاك الأراضي البيضاء.
ومع الأخذ بالاعتبار أن المرحلة الأولى لا تدفع ملاك الأراضي البيضاء إلى إقامة المباني عليها أو بيعها مقارنة بالمرحلة الرابعة من مراحل النظام والتي تشمل “الأراضي المطورة العائدة لمالك واحد في مدينة واحدة، ما دام مجموع مساحاتها يزيد على عشرة آلاف متر مربع”، وإنما تنتهي المرحلة الأولى بتطوير الأراضي واعتماد تخطيطها بشكل نهائي من الجهة المختصة. لذلك فإنه من المتوقع أن تأخذ أهداف النظام وقت طويل حتى تتحقق مالم يتم الإنتقال إلى المراحل الأخرى ضمن مراحل النظام.
إن تطوير الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني سيزيد من الاستفادة من المرافق والخدمات العامة حولها، ويكفي أن نعلم بأنه وفقا لقائمة مشاريع الإسكان المنفذة على أراضي القطاع الخاص بمدينة الرياض والموضحه على بوابة سكني فإن قرابة 77% من عدد الوحدات السكنية تقع خارج النطاق العمراني المحدد للمرحلة الأولى من مراحل نظام رسوم الأراضي البيضاء مما قد يتطلب توفير كامل أو جزء من المرافق والخدمات العامة لها.
أخيراً، أقترح أن تقوم الجهة المسؤولة عن تنفيذ وتطبيق نظام رسوم الأراضي البيضاء بالإعلان بشكل دوري عن منهجية تحقيق أهداف النظام والوضع الراهن حيال التقدم نحو تحقيق هذه الأهداف وبمعنى آخر إصدار تقرير شهري – ضمن الإعلانات الشهرية التي تقوم بها وزارة الإسكان – ويكون خاص بنظام رسوم الأراضي البيضاء يتضمن آلية لقياس كيفية التوازن بين العرض والطلب وكيفية توفير الأسعار ضمن النطاقات العمرانية بأسعار مناسبة (مع تعريف ما هو المناسب) وكيفية حماية المنافسة العادلة ومكافحة الممارسات الاحتكارية ونسبة تحقق هذه الأهداف.
إن وجود هذه التقارير ونشرها من شأنها التأثير بشكل إيجابي على جميع الأطراف ذات العلاقة سواء كان المواطن أو مالك الأرض أو حتى صناعة التطوير العقاري بشكل عام، فوضوح المؤشرات الموجبة لتطبيق كل مرحلة من مراحل رسوم الأراضي البيضاء والإعلان عنها بشكل دوري والإلتزام بتطبيق مراحل النظام وفقا لنتائج هذه المؤشرات باعتقادي سيساهم في سرعة تحقيق النظام لأهدافه.
هذا والله أعلم
إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال