الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
أصبح الابتكار والنمو اليوم من العناصر الأساسية التي تسعى إليها المؤسسات، ومنها المؤسسات المالية والمصرفية. وتُعد تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي AI وتكنولوجيا البلوك تشين Blockchain من أبرز الاتجاهات الحديثة التي تعيد تشكيل القطاع المصرفي، كما أن دمجهما يدعم خلق فرص نمو جديدة ويعزز الكفاءة والأمان وكذلك تجربة العملاء. وسوف يلقي هذا المقال الضوء على بعض هذه التفاصيل.
بداية، يركز الذكاء الاصطناعي على إنشاء أنظمة تستطيع محاكاة الذكاء البشري. وفي القطاع المصرفي، يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل كميات ضخمة من البيانات، وتقديم رؤى وتنبؤات دقيقة، مما يساهم في اتخاذ القرارات الاستراتيجية بشكل أدق وأسرع.
ومن جهة أخرى، فإن تقنية البلوك تشين توفر مستوى عالي من الأمان، حيث يتم تشفير البيانات وتوزيعها عبر شبكة من الخوادم والحواسيب، وذلك لأن البلوك تشين هو نظام “سجل رقمي” موزع وآمن، يتيح تخزين المعلومات بطريقة تسمح بالتحقق منها من خلال بيئة تقنية موثوقة. وتتعدد استخدامات البلوك تشين، ومنها العملات الرقمية مثل البيتكوين، وكذلك التطبيقات المالية مثل العقود الذكية والتحويلات المالية أو المدفوعات عبر الحدود وغيرها من التطبيقات الأخرى.
وتعتبر المدفوعات عبر الحدود واحدة من أكثر التطبيقات العملية لتقنية البلوك تشين، حيث يمكن استخدام البلوك تشين لتسهيل التحويلات المالية بين الدول بسرعة وأمان أكبر. وكمثال، عندما يتم دمج البلوك تشين مع الذكاء الاصطناعي، يمكن للبنوك تحليل بيانات السوق في الوقت الحالي وتقديم حلول ذكية لتقليل تكاليف التحويل.
ويعتبر الأمان من القضايا الرئيسية في القطاع المصرفي، حيث يوفر البلوك تشين مستوى عالي من الأمان من خلال تشفير البيانات وتوزيعها من خلال سجل غير قابل للتغيير، مما يجعل من الصعب اختراق النظام، ويقلل من فرص الاحتيال. فعندما يقوم البلوك تشين بتوفير سجل دائم لكل معاملة يقوم بها المستهلك، هذا يجعل من الصعب على المحتالين التلاعب بالسجلات أو تطبيق تقنيات احتيال أخرى. وتقوم أنظمة الذكاء الاصطناعي بتحليل السلوكيات غير الطبيعية في المعاملات، وعندما يتم دمج تلك التقنيات، فإن النظام يصبح قادر على التعلم من الهجمات السابقة وتتبع الأنشطة المشبوهة وتحديث بروتوكولات الأمان بشكل دوري، مما يعزز من حماية المعلومات المالية والشخصية الحساسة.
وبالتالي، في القطاع المصرفي، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي والبلوك تشين في تحسين العمليات المالية، وتقليل التكاليف، وزيادة الشفافية، وكذلك تحسين الكفاءة التشغيلية للبنوك. وعندما يتم دمج الذكاء الاصطناعي مع البلوك تشين، يمكن تعزيز الأمان، وتسريع عمليات المصادقة، وبالتالي تحسين عمليات التحقق من الهوية للمعاملات، بالإضافة إلى إدارة المخاطر، وتقليل الوقت المستغرق في المعاملات أيضاً.
وبالإضافة إلى ذلك، تعتبر تجربة العملاء أحد العوامل الأساسية في نجاح المؤسسات المالية، حيث يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحسن تجربة العملاء من خلال تقديم خدمات مخصصة وتفاعلية. وعلى سبيل المثال، يمكن استخدام روبوتات المحادثة Chatbots المدعومة بالذكاء الاصطناعي للإجابة على استفسارات العملاء بشكل فوري، وعندما يتم دمج هذه الخدمات مع نظام البلوك تشين، يمكن توفير الأمان والثقة بشكل أكبر للعملاء أثناء التواصل بخصوص المعاملات المالية.
ومن التطبيقات العملية للدمج بين تلك التقنيات، هو القروض الذكية، حيث تتيح تطبيقات الذكاء الاصطناعي للبنوك تحليل المعلومات المالية للعملاء بشكل أكثر دقة، مما يسهل عملية الإقراض. ويمكن للذكاء الاصطناعي تحليل بيانات المقترض وتحديد معدلات الفائدة بناء على المخاطر بشكل تلقائي، مما يسرع من عملية منح القروض. وباستخدام البلوك تشين، يمكن توثيق جميع تلك المعاملات بشكل آمن، مما يعزز من ثقة الأطراف المعنية، ويؤدي ذلك إلى تحسين الوصول إلى التمويل وزيادة الشفافية، حيث يمكن استخدام البلوك تشين لإدارة عقود القروض بشكل ذكي وآمن.
ومن التطبيقات كذلك، إدارة الأصول، حيث يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد المؤسسات المالية في إدارة الأصول من خلال تحليل البيانات التاريخية وتقديم توصيات استثمارية للمستفيدين. وعند الدمج مع البلوك تشين، يتم تحسين الشفافية والمصداقية في عمليات التداول، مما يعزز من ثقة المستثمرين.
وحين نتحدث عن هذا الدمج، يجب كذلك ذكر التحديات التي تواجه دمج الذكاء الاصطناعي والبلوك تشين في القطاع المصرفي، ومنها التكاليف. وذلك لأنه وبالرغم من الفوائد الكبيرة التي يمكن أن تقدمها تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والبلوك تشين، فإن تكاليف التنفيذ والصيانة الفعلية يمكن أن تكون مرتفعة، خاصة للمؤسسات الصغيرة، وبالتالي، فإن المؤسسات تحتاج إلى استثمار كبير وايضا تدريب لمنسوبيها أثناء تبني هذه الأنظمة بشكل فعال.
وقد تواجه المؤسسات المالية ايضا تحديات تنظيمية عند دمج هذه التقنيات، مثل الامتثال للأنظمة عند تسريع الذكاء الاصطناعي لعملية التوافق مع اللوائح المالية، وعند تحليل البيانات للتأكد من التوافق مع القوانين والأنظمة، وكذلك عندما يتيح البلوك تشين تتبع المعاملات، يجب أن يتوافق جميع ذلك مع المتطلبات والقوانين المالية المحلية والدولية، مما قد يتطلب تعديلات في العمليات والتقنيات المستخدمة. وايضا، تتطلب تكنولوجيا البلوك تشين تخزين كميات كبيرة من البيانات، مما قد يثير بعض القلق حول الخصوصية، ولذلك يجب على المؤسسات المالية أن توازن بين الشفافية المطلوبة والأمان الشخصي للعملاء.
وأخيرا وليس أخرا، يشير العديد من الخبراء إلى أن دمج الذكاء الاصطناعي والبلوك تشين سيصبح أمر أساسي في القطاع المصرفي في المستقبل القريب، حيث يمثل هذا الدمج استراتيجية قوية للنمو والابتكار في القطاع المصرفي. ويمكن لهذه التقنيات أن تحسن الكفاءة، وتعزز الأمان، وتوفر تجربة عملاء أفضل. وعلى المدى الطويل، سيكون التحول الرقمي المدعوم بالذكاء الاصطناعي والبلوك تشين هو المحرك الرئيسي لتطور القطاع المصرفي وتلبية احتياجات العملاء المتطورة باستمرار.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال