الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
متى يأتي اليوم الذي تعلن فيه الميزانية العامة للدولة دون أن ينتبه لها أحد ؟؟ عندما يصبح الاقتصاد قادرا على النمو والتحرك بعيدا عن الإنفاق الحكومي ، عندما تكون السياسات المالية والنقدية للحكومة أهم من حجم الإنفاق . يومها يتحقق حلم سمو ولي العهد بتحرر الاقتصاد السعودي من عبودية برميل النفط .
حتى ذلك اليوم سنظل نتحدث عن الميزانية والإنفاق الحكومي ، حيث من المتوقع أن يتم اليوم الثلاثاء 18 ديسمبر إعلان الميزانية العامة للدولة ، ومن المتوقع بعون الله أن تكون أضخم ميزانية في تاريخ المملكة . فمن المتوقع أن تتجاوز النفقات 1100 مليار ريال . ومن المتوقع أن تبلغ الإيرادات العامة 978 مليار ريال . وبذلك يكون العجز المتوقع للميزانية القادمة 128 مليار ريال، وهو الأقل خلال ثلاث سنوات رغم ضخامة النفقات .
بالعودة لبيانات الميزانية للسنوات الثلاث الماضية ، ومن خلال الإيرادات والمصروفات الفعلية يتضح ما يلي :
أولا النفقات رغم التراجع الكبير في أسعار النفط للعام 2016 ، وضعف الإيرادات غير النفطية فقد حافظت الحكومة على معدل عالي من الإنفاق . لعلمها بأهمية الإنفاق الحكومي لنمو الاقتصاد كونه المحرك الرئيسي له . فقد تجاوزت النفقات الفعلية ذلك العام 830 مليار ريال ، وفي العام التالي 2017 ارتفعت النفقات الفعلية بنسبة تجاوزت 11٪ لتبلغ فعليا أكثر من 926 مليار ريال ، وبناء على نتائج الربع الثالث لهذا العام 2018 تجاوزت النفقات الفعلية 712 مليار ، ومن المتوقع أن تتجاوز النفقات الفعلية 1000 مليار ريال أي بزيادة تصل 8٪ عن العام الماضي . ومن المتوقع أن تتجاوز نفقات العام المالي القادم 2019 الألف ومائة مليار ريال أي بزيادة تتجاوز 10٪ عن العام المالي المنصرم .
ثانيا الإيرادات الفعلية خلال الثلاث سنوات الماضية أظهرت نموا كبيرا ، فقد قفزت من 520 مليار ريال تقريبا عام 2016 إلى أكثر من 695 مليار العام 2017 بفضل تحسن أسعار النفط أولا ، لكن مساهمة الإيرادات غير النفطية كان كبيرا حيث تحسنت بشكل كبير إذ قفزت من 185 مليار تقريبا إلى أكثر من 255 مليار بزيادة تجاوزت 37٪ ، ولم تفرض الضرائب بعد . كما أظهرت زيادة خلال العام المالي 2018 ، فبناءا على البيانات الربعية للربع الثالث بلغت الإيرادات غير النفطية أكثر من 211 مليار ، ومن المتوقع أن تتجاوز 300 مليار بنهاية العام المالي .
إجمالي العجز الفعلي للعام 2016 تجاوز 311 مليار ريال ، ثم ارتفع في العام التالي أكثر من 230 مليار ، وأعتقد أنه نتيجة التوسع في نفقات سداد مستحقات المقاولين ، وإنهاء المشاريع القائمة . لكن من المتوقع أن يتراجع العجز الفعلي للعام المالي 2018 إلى أقل من 200 مليار ، على الرغم من التوسع الكبير في النفقات الرأسمالية . وذلك نتيجة التحسن الكبير في الإيرادات غير النفطية تحديدا ، والارتفاع في أسعار النفط خلال النصف الأول من العام .
الدين العام استمر في النمو من أكثر من 316 مليار العام 2016 حيث من المتوقع أن يتجاوز 550 مليار بنهاية هذا العام 2018 ، وهذا الدين رغم ضخامته إلا أنه ليس خطيرا ، ولا مؤثرا في قدرة الحكومة على الاستمرار في الإنفاق ، وقدرة الاقتصاد على النمو . أولا لأن ذلك الدين يعد منخفضا نسبة إلى الناتج المحلي مقارنة بديون دول العشرين فهو لا يتجاوز 20٪ ، وثانيا لقوة وكفاءة الاقتصاد السعودي وقدرته على سداد ذلك الدين وخفضه نسبة للناتج المحلي إلى أقل من 10٪ بحلول عام 2030 بإذن الله .
لكن ما يلاحظ على الاقتصاد رغم كل تلك الأرقام المحفزة للميزانية أنه غير قادر على التجاوب معها بشكل إيجابي ، فالتباطؤ مازال مؤثرا في الحركة الاقتصادية . وأعتقد أن ضعف القطاع الخاص وعدم قدرته على التكيف مع تقنين النفقات العامة ، وتحديدا الإنفاق على التوظيف سبب رئيسي .
كما أن سداد مستحقات المقاولين للمشاريع القائمة والسابقة استنزف مبالغ ضخمة جدا من الأموال التي ضختها الحكومة في الاقتصاد خلال السنوات الثلاث الماضية ، ولم يظهر لها الأثر المفترض في الاقتصاد من حيث معدل التوظيف وحركة المشاريع . على العكس من ذلك تراجع التوظيف وتوقفت كثير من المشاريع ، وأعتقد أن المؤسسات الحكومية مازالت تعاني من سوء كبير في الإدارة المالية .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال