الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تطرق د. حزام بن سعود السبيعي – ولمن لا يعرفه – فهو أحد القامات الوطنية والمدير للمشروع التأسيسي (أبشر)، في تغريداته إلى انهيار توشيبا مما دفعني إلى الكتابة عنها بشكل موسع في هذا المقال لما لها من تاريخ عايشتها العوائل السعودية قديما حين شراء المكيفات والثلاجات والمكانس الكهربائية والتلفزيون لجودتها العالية.
بدأت قصة شركة توشيبا من خلال تأسيس شركتين يابانيتين مستقلتين، حيث تم تأسيس شركة صغيرة في جينزا عام 1875م وشركة Hakunetsu-sha & Co. عام 1890م.
برز مؤسسا الشركتين كرموز للابتكار في تلك الفترة؛ هيساشيجي تاناكا، الذي أُطلق عليه لقب “عبقري الآلات الميكانيكية”، وإيتشيسوكي فوجيوكا، المعروف باسم “إديسون الياباني”.
وتعتبر توشييا إحدى الشركات الصناعية الرائدة في اليابان منذ بداياتها للعبها دورا بارزا في تصنيع الإلكترونيات والآلات الكهربائية، حيث كانت من أوائل الشركات التي أدخلت تكنولوجيا الكمبيوتر وأشباه الموصلات، كما تميزت في تطوير الأنظمة النووية مما جعلتها ركيزة من ركائز الاقتصاد الياباني.
عام 2015م، تعرضت توشيبا لفضيحة كبرى تتعلق بممارسات محاسبية غير قانونية. حيث كشفت الشركة عن أنها قامت بالتلاعب في أرباحها بمبلغ وصل إلى 1.59 مليار دولار على مدى سبع سنوات. هذا الانتهاك أثر بشكل كبير على سمعة الشركة ومصداقيتها في السوق العالمي.
ومن المضحكات المبكيات بأن شركة المحاسبة المتورطة في هذه الفضيحة هي Ernst & Young ShinNihon، الفرع الياباني لشركة Ernst & Young، التي تم توجيه اتهامات لها بعدم اكتشاف هذه التلاعبات على مدى عدة سنوات. نتيجة لذلك، فرضت السلطات اليابانية عقوبات على شركة Ernst & Young ShinNihon، بما في ذلك تعليق بعض عملياتها لمدة ثلاثة أشهر وتغريمها حوالي 17.4 مليون دولار.
وبالمناسبة كتبنا مقال عن (انتهاك شركة EY لمبادئ الحوكمة وأخلاقيات العمل) في هذه الصحيفة الموقرة.
في عام 2017، واجهت توشيبا خسائر مالية بسبب انهيار وحدتها الأمريكية للطاقة النووية Westinghouse، التي تقدمت بطلب للإفلاس بعد تعرضها لأزمات مالية مما شكل ضربة قاسية للشركة، ووضعها في موقف مالي حرج للغاية وتعرضها لأزمة مالية خانقة.
وفي محاولة للنجاة، وجدت توشيبا نفسها مجبرة على اتخاذ قرارات جذرية، كان من أبرزها بيع قسم رقائق الذاكرة، الذي كان يُعتبر أحد أهم الأصول الربحية للشركة لتعويض الخسائر المتراكمة واستعادة التوازن المالي، لكنها أثرت بشكل سلبي على قدرة الشركة على تحقيق النمو المستقبلي (محور الاستدامة المالية).
في عام 2023، وبعد سنوات من الأزمات المالية والإدارية، اتخذت توشيبا قرارًا بتحويلها إلى شركة خاصة. قادت هذه العملية مجموعة من المستثمرين بقيادة شركة Japan Industrial Partners (JIP)، التي استحوذت على 78.65% من أسهم الشركة بقيمة إجمالية بلغت حوالي 13.5 مليار دولار والتي على أثرها تم شطب أسهم الشركة من البورصة اليابانية بنهاية عام 2023م، في خطوة تاريخية تعكس تحولًا جذريًا في مسار الشركة التي امتد تاريخها لأكثر من 148 عامًا.
حاليا، ضمن خطتها لإعادة الهيكلة وتحقيق الاستدامة المالية، أعلنت توشيبا عن تقليص حوالي 4000 وظيفة كجزء من مساعيها لتحسين الكفاءة التشغيلية وفقا لإطار خطتها لتحقيق هامش ربح تشغيلي يبلغ 10% في غضون ثلاث سنوات. كما تعتزم الشركة نقل بعض عملياتها من طوكيو إلى كاواساكي، بهدف تقليص النفقات التشغيلية وضمان استقرارها المالي في ظل الضغوط المستمرة.
كما تعتزم توشيبا التركيز على تطوير تكنولوجيا رقائق الطاقة لأن هذا القطاع يتوقع له أن يشهد طلبًا متزايدًا مع التحول العالمي نحو السيارات الكهربائية والطاقة المتجددة مما تشكل فرصًا كبيرة لتعزيز نموها المالي في السنوات القادمة، خاصة مع توقعات بزيادة الاعتماد على تقنيات الطاقة النظيفة.
بين الماضي والحاضر، توشيبا التي كانت رمزًا للابتكار التكنولوجي في اليابان، وجدت نفسها في خضم أزمات متعددة. من فضيحة المحاسبة إلى انهيار وحدتها النووية، واجهت الشركة تحديات غير مسبوقة هددت وجودها. ومع تحولها إلى شركة خاصة وتركزها على تطوير رقائق الطاقة، يبقى السؤال الأساسي: هل تستطيع توشيبا استعادة مكانتها كلاعب رئيسي في السوق التكنولوجي، أم أن هذه التحولات تمثل بداية النهاية لعملاق التكنولوجيا الياباني؟ فقط الزمن سيكشف عن الإجابة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال