الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
أصدرت وزارة المالية الصينية في 13 نوفمبر سندات مقوّمة بالدولار بقيمة ملياري دولار في العاصمة السعودية الرياض. تُعد هذه المرة الأولى التي تصدر فيها الصين سندات سيادية في منطقة الشرق الأوسط، وهي أيضا الإصدار الثاني للسندات السيادية الصينية هذا العام. حققت السندات نسبة اكتتاب ما يقرب من 20 ضعف القيمة المستهدفة، مسجلة أعلى نسبة اكتتاب للسندات السيادية عالميا في السنوات الأخيرة. يعكس هذا النجاح ثقة السوق الدولية في مستقبل الاقتصاد الصيني ويبرز إمكانات السعودية كمحور مالي إقليمي.
تعميق التعاون بين الصين والسعودية لبناء جسور مالية
إن اختيار الصين للسعودية كمكان لإصدار السندات السيادية فيه يحمل أهمية بعيدة المدى. باعتبارها قوة اقتصادية رائدة في الشرق الأوسط، تتمتع السعودية باحتياطيات ضخمة من النقد الأجنبي وقوة اقتصادية قوية. وفي السنوات الأخيرة، شهدت العلاقات الاقتصادية بين البلدين تطورا ملحوظا في مجالات التجارة والطاقة والتكنولوجيا، حيث تجاوز حجم التبادل التجاري بينهما 100 مليار دولار في عام 2023، ما يعادل 90% من حجم التبادل التجاري للسعودية مع مجموعة الدول السبع.
إصدار السندات في السوق السعودية يُعد خطوة هامة لتعزيز التعاون المالي بين البلدين. فهو لا يعكس فقط اعتراف الصين بدور السعودية كمركز استثماري رئيسي، بل يضع أساسا جديدا لتعميق التعاون في مجالات التمويل والتجارة. من خلال الاستثمار في السندات السيادية الصينية، تستطيع السعودية تنويع أصولها وتحقيق أهدافها في التنمية الاقتصادية المتنوعة. وفي الوقت ذاته، يوفر هذا الإصدار فرصة للشركات الصينية لتوسيع أعمالها في منطقة الشرق الأوسط، مما يدعم تنفيذ مبادرة “الحزام والطريق” في المنطقة.
إقبال دولي واسع بمثابة مرآة تعكس مرونة الاقتصاد الصيني
استقطبت السندات السيادية الصينية البالغة قيمتها ملياري دولار اهتماما كبيرا من المستثمرين العالميين، حيث بلغت طلبات الاكتتاب 397.3 مليار دولار. حققت السندات نسبة اكتتاب بلغت 19.9 ضعف القيمة المستهدفة، مع وصول نسبة الاكتتاب للسندات ذات أجل 5 سنوات إلى 27.1 ضعف، وهو يعتبر أعلى مستوى اكتتاب عالمي للسندات السيادية في السنوات الأخيرة.
تنوع المستثمرون في هذا الإصدار جغرافيا ونوعيا، حيث شملت آسيا بنسبة 68%، والشرق الأوسط بنسبة 8%، وأوروبا بنسبة 20%، والولايات المتحدة بنسبة 4%. وحقق المستثمرون من الشرق الأوسط نسبة مشاركة تاريخية. يُظهر هذا التنوع الثقة العالية التي يتمتع بها الاقتصاد الصيني في أوساط المستثمرين الدوليين، خاصة في ظل السياسات الاقتصادية التي اتخذتها الصين مؤخرا لتعزيز التعافي الاقتصادي.
توسيع قنوات التمويل لدعم استراتيجيات التنمية المحلية والدولية
في ظل استمرار الدولار كعملة احتياط عالمية، يُعد إصدار السندات بالدولار في السعودية خطوة لتعزيز قنوات التمويل وتنويعها. كما يساعد على تقليل الاعتماد على أساليب تمويل تقليدية، مما يُسهم في تحسين هيكل التمويل. من خلال الإصدار المنتظم للسندات متعددة العملات، تُعزز الصين معايير تسعير السندات الدولية، ما يوفر مرجعا مهما للشركات الصينية لتوسيع قنوات التمويل في الأسواق العالمية.
يتزامن هذا الإصدار مع دخول الدورة النقدية العالمية مرحلة جديدة، مما يوفر فرصا إضافية للمؤسسات الصينية لاستخدام أسواق الشرق الأوسط كمحور للتمويل بالعملات الأجنبية. كما يُسهم هذا في تعزيز استخدام الموارد والأسواق المحلية والدولية لدعم استراتيجيات “الدورة المزدوجة” في التنمية الاقتصادية.
تعزيز التعاون الدولي للدفع باستقرار اقتصادي عالمي
يُرسل إصدار الصين للسندات السيادية في السعودية رسالة قوية بتعميق التعاون الدولي وتعزيز استقرار الاقتصاد العالمي. يقدم هذا الإصدار فرصة استثمارية عالية الجودة للمستثمرين الدوليين، وفي ظل حالة عدم اليقين التي يشهدها الاقتصاد العالمي، تُعد السندات السيادية الصينية خيارا استراتيجيا للمستثمرين بفضل عوائدها المستقرة وموثوقية تصنيفها الائتماني.
يُسهم هذا النجاح في استقرار الأسواق المالية العالمية وتعزيز تدفق رؤوس الأموال بشكل منطقي، كما يعكس تصميم الصين على تحقيق انفتاح اقتصادي رفيع المستوى وتعميق التعاون مع الدول الأخرى، بما في ذلك السعودية، لتحقيق منافع متبادلة وبناء مستقبل اقتصادي أكثر إشراقا.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال