الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
“مطلوب مستشار مصري أو سوداني لديه خبرة لا تقل عن عشر سنوات للعمل في مكتب محاماة”. قد تثير الجملة السابقة استهجان البعض وتستوقفهم، إلا أنها تبدو مألوفة بالنسبة للوسط القانوني ومجتمع المحامين.
فمن الملاحظ بأن كثيرًا من أرباب المهنة لا يستغنون عن وجود المستشار العربي. هذا الشخص الذي أُحبُ أن أطلق عليه “الجندي المجهول”، وغالبًا ما يتميز بكونه متمكن من لغة الكتابة وبارع في صياغة المذكرات، ويتميز كذلك بخبرته الطويلة التي أهَلَتْهُ بأن يكون اليد اليمنى وصمام الأمان للمكتب وصاحبه.
كل ذلك لا بأس به، وليس أمرًا مستهجنًا بأن يقوم المحامي المحلي بالاستعانة بزميل له من دولة أخرى خاصة إذا كان يتمتع بخبرة واسعة وثقافة عالية وقدرة على تولي عدد كبير من القضايا بمختلف التخصصات. لكن الذي نستطيع أن نقول عنه غير مقبول هو أن يتولى هذا الشخص غالبية -إن لم يكن كافة- المهام المكتبية في الظل، والمتدرب يتولى الأعمال الميدانية في الشمس، فيما يظهر في الواجهة صاحب المكتب الذي يتولى مهمة التوقيع وختم الأوراق فقط.
ظاهرة “مستشار الظل” هذه متفشية في كثيرٍ من مكاتب المحاماة، سواءً كان صاحب المكتب محام مخضرم أو كان حديث عهد بالمهنة، فكلاهما متبني لفكرة الاستنصار بهذا الزميل، الذي ستُنسب مهامه لهم في نهاية المطاف، الأمر الذي غالبًا لا يعرف العميل عنه شيئًا.
قد يرى البعض بأن الموضوع لا يستحق الوقوف عنده وبأنه لا ينطبق عليه لفظ “ظاهرة” وبأن الحديث عنه مبالغة لا داعي لها، لكن إذا تحدثنا عن اقتصاد المهنة، -بدون الاستناد لتقارير أو دراسات معينة لانعدامها- فإن العامل الأساسي لتحقيق الربح للمحامي هو سمعته وَصِيته، فكيف من الممكن أن نتصور الحال حينما تُبنى هذه السمعة على شيء غير حقيقي وغير موجود بالأساس؟
وفي حال كان هنالك داعي لعمل تقارير عن أداء المهنة وعمل مكاتب المحاماة؛ بصفتنا منتسبين لهذه المهنة؛ هل نستطيع أن نقبل بأن تُبنى هذه التقارير على حقائق وأرقام مضللة؟ كيف سيكون مستقبل اقتصاد المهنة حينها؟
قد نتفق جميعًا بأنه من الإجحاف أن تُنسب الإنجازات لشخص لم يحققها، لكن ما هو مؤكد بأن هذا الأجحاف ليس بحق صاحب الإنجاز الحقيقي فقط، بل بحق المهنة أيضًا.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال