الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
ارتفعت أسعار النفط الى اعلى مستوياتها في 2019، والاعلى منذ منتصف شهر نوفمبر عام 2018 بالرغم من التشاؤم الذي بثّته وكالة الطاقة الدولية طيلة مؤتمر سيرا الاسبوع الماضي في هيوستن، والذي اصبح بكل تاكيد حدثاً محلياً امريكياً اكثر منه مؤتمراً عالمياً.
على الرغم من ان رئيس مؤتمر سيرا اعلن انسحابه من منتدى مبادرة مستقبل الاستثمار “دافوس الصحراء” في الرياض شهر اكتوبر الماضي، إلا ان ارامكو السعودية اشتركت بفاعلية في المؤتمر هذا العام على المستوى التقني للمساعدة في مواجهة تحديات الطاقة والاستدامة البيئية.
وعلى الرغم من اوبك+ ينجح للسنة الثالثة على التوالي في توازن السوق واستقرار الاقتصاد العالمي حتى مع تزايد إنتاج وتصدير النفط الصخري الامريكي إلى مستويات قياسية، إلا ان مؤتمر سيرا هذا العام استخدمته وكالة الطاقة الدولية كمنصة للترويج لطفرة النفط الصخري مع تحييد وتهميش واضح لجهود اوبك بقيادة المملكة العربية السعودية لتوازن السوق.
وكالة الطاقة الدولية لم تتحرّج بأن تظهر كمسوق لمنتجي النفط الصخري الامريكي وكأنها تُنفّذ بعض الأجندات الإيرانية من داخل الوكالة عندما استخدمت مؤتمر سيرا هذا العام لتضخيم النمو السريع من الحوض البرمي الذي من شأنه ان يؤدي بإرتفاع إنتاج النفط بأكثر من 2.76 مليون برميل يوميا إلى 13.72 مليون برميل يوميا قبل عام 2024. وبذلك ادّعت الوكالة ان الولايات المتحدة الامريكية وقتها سوف تستطيع تصدير نفط اكثر من روسيا وقرابة ماتصدره المملكة العربية السعودية في غضون خمس سنوات من الآن. وهذا جاء بناء على تقرير النفط لعام 2019 الذي اصدرته الوكالة عمداً قبيل بدأ مؤتمر سيرا الاسبوع الماضي.
هناك عدة ملاحظات على توقعات الوكالة على المدى المتوسط (medium-term outlook):
* جاءت توقعات وكالة الطاقة الدولية بتباطؤ نمو الطلب على النفط عند متوسط 1.2 مليون برميل يوميا خلال السنوات الخمس المقبلة من 99.2 مليون برميل يوميا في 2018 إلى 106.4 مليون برميل يوميا في 2024.
* عدم تطابق كبير في سيناريوهات توقعات الوكالة، والتي لم تنظر إلى احتمالية هبوط الاسعار، ومستوى السعر المطلوب لدعم نمو الانتاج.
* على سبيل المثال، هل ستغيّر الوكالة توقعاتها بعد عام 2020 إذا انخفضت اسعار النفط إلى اقل من 50 دولار لسعر خام برنت؟ وهل سينمو إنتاج النفط الصخري بشكل اكبر بعد عام 2020 كما اقترحت ارقام الوكالة؟
* وكالة الطاقة الدولية لم تشكّك في قدرة الولايات المتحدة على التصدير، وهي مقيّدة على نطاق واسع بسبب محدودية مرافق التصدير والخدمات اللوجستية التي لن تكون قادرة على استيعاب هذه الزيادة في الإمدادات من النفط الصخري الأمريكي بشكل فعّال.
وبذلك فقد روّج مؤتمر سيرا صراحةً هذا العام إلى هبوط اسعار النفط، وتأخذنا الذاكرة إلى عام 2016 عندما روّج المؤتمر إلى اسعار أقل لفترة أطول (lower for longer) عندما كانت مستويات الاسعار عند 30 دولارا للبرميل – ما يقرب من معدل %70 اقل من مستوياتها في عام 2014. بثّ المؤتمر هذا التشاؤم مدعياً ان الاسعار ستهبط بعدها إلى 15 دولار، ولكن الأسعار إلى الآن لم تهبط دون الثلاثين دولار.
أما مؤتمر سيرا عام 2017 فكانت الأسعار وقتها عند مستويات 55 دولار، ومع ذلك روّج المؤتمر إلى تفاقم نمو المعروض متجاوزاً الطلب بالرغم من عدة اشهر على بدأ اتفاقية اوبك+. واستمر ذلك ايضا العام الماضي بالرغم من هبوط استثمارات واستكشاف المنبع التي قد سجلت مستويات منخفضة عالمياً، ولم يُنبّه المؤتمر لذلك، مع ان ذلك يُهدد شح قادم في الامدادات قد يجهز على تلبية نمو الطلب على النفط.
أما هذا العام والاسعار عند 65 دولار قرابة مستويات العام الماضي، لاتزال اساسيات السوق قوية مع السنة الثالثة على التوالي من جهود اوبك+، يبقي السوق متوازن حتى مع الارتفاع الكبير في انتاج الولايات المتحدة من النفط الصخري وزيادة صادراته الى مستويات قياسية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال