الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يتم التسويق لكل جيل من أجيال شبكات الجوال بقدرات ومزايا جديدة تهدف بالشكل الاساسي إلى تحسين تجربة المستخدمين. فدعونا نرجع الى الوراء ونستذكر الجيل الأول من شبكات الجوال، حين تم التسويق للمرة الاولى لخدمات الاتصال الصوتي، قدم بعد ذلك الجيل الثاني، حينما تم دمج خدمات الرسائل النصية مع الاتصال الصوتي. وفي حين أصبحت خدمات النطاق العريض هي السمة المعروفة في شبكات الجيل الثالث. تزامن الجيل الرابع مع ظهور الهواتف الذكية ومتاجر التطبيقات، وحاجة المستخدمين لاستهلاك كمية أعلى من البيانات، ويمكن وصف تلك الحقبة بإنترنت التطبيقات. كما شهدنا دخول الجيل الخامس وما قدم معه من تسويق لتطبيقات انترنت الاشياء بجانب خدمات الجوال.
ونحن اليوم على وشك دخول حقبة الجيل السادس، هذا الجيل يتم التسويق له بعصر “الذكاء المتصل، فالجهود تهدف الى تقريب الحياة التي نعيشها ونلمسها بواقعنا الافتراضي، وتوفير اتصال في اي مكان واي زمان عن طريق تكامل الشبكات الأرضية مع الاقمار الصناعية ذات المسارات المدارية المنخفضة. كما ان الذكاء الاصطناعي لن يصبح مجرد تطبيق أو خدمة، بل سيكون مدمجًا بطريقة عضوية في أجزاء البنية لشبكة الجوال.
دعونا الآن نستقري الاتجاهات المحتملة لتبني تقنيات الجيل السادس وذلك بأخذ نظرة قريبة الى الدروس المستفادة من انتشار تقنيات الجيل الخامس، في البداية تعتبر شبكات الجيل الخامس نقطة تحول في مسار تصميم شبكات الجوال، فالشريحة المستهدفة لهذا الجيل لم تعتد مقتصرة على خدمات الجوال مثل الاجيال السابقة، بل هناك دخول بوتيرة هادئة لحالات استخدام جديدة تستهدف الشركات والقطاعات المدنية والعسكرية، مستفيدة من مزايا جديدة تتعلق بمرونة وموثوقية وسهولة تطبيق الشبكات، وهذا التطور يأتي استجابة لتبني مبادئ مبتكرة في استخدام الطيف الترددي والشبكات الخاصة وتقنيات الوصول المفتوح (Open RAN). كما تشير عدة دراسات ان الشريحة الاكبر لمستفيدي شبكات الاجيال المستقبلية ستكون لصالح قطاع الشركات والأعمال، وهذه الشريحة ستتجاوز شريحة الافراد السائدة حالياً في استخدام الشبكة.
على كل حال، نلحظ وجود تحديات تواجه مشغلي الشبكات في نماذج عملهم القائمة، فشبكات الجيل الخامس تم تسويقها بوعود متطلعة للغاية لخدمة تطبيقات عديدة تحت مظلة المدن الذكية مثل Metaverse، والمركبات ذاتية القيادة، والروبوتات وغيره. كثير من هذه التطبيقات بقيت في مهدها ولم تكن ناضجة للتبني، بينما الناضج منها لم يلقى التسويق المبتكر لاستخداماته، وهذا يفسر السباق القائم لمشغلي شبكات الجوال لتقليل فجوة التسويق عن طريق البدء في عمليات فصل الاصول وإطلاق الشركات التابعة لتسويق حالات استخدام جديدة للشبكة، وذلك للاستفادة الأمثل من قدرات الشبكات المتقدمة.
اخيراً، سيكون من التحدي الحصول على قيمة مضافة من تبني تقنيات الأجيال الجديدة دون التسويق الأمثل لحالات استخدامات مبتكرة تلامس حاجة الأفراد والسوق، ولها طابع تنافسي مستدام، وبالمقابل يكون لها عوائد مستقرة تعوض حجم الانفاق العالي على ترقية البنية التحتية للشبكات. هذا التحدي يمكن التغلب عليه بتضافر الجهود بين صناع القرار ومطوري التقنيات ومشغلى الشبكات، فالهدف الأسمى هو الوصول لحلول استخدام وتقنيات ابتكارية قابلة للتسويق ولها عوائد مستدامة. كما يجدر لواضعي السياسات تكييف المستهدفات الوطنية بما يتماشى مع تقادم نضج التقنيات، وسن التشريعات الدافعة لعجلة الابتكار والتنافسية بقيادة من الشركات الصغيرة والمتوسطة، وذلك تحت ضمانات لهم بالحصول على حصص مشاركة من السوق المهيمن عليه بواسطة الشركات الكبيرة، فوجود مستهدفات تبني واستحواذ من قبل الشركات الكبيرة، سيصنع سوق تنافسي للشركات الصغيرة، وسيعزز من ثقافة الابتكار والتنافسية، وبالتالي تبني أوسع لحالات استخدام للشبكة سواءً صناعية أو ومدنية أو عسكرية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال