الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
ALMESSNID@
“مترجم عن بلومبيرغ”
من المتعارف عليه بين الاقتصاديين أن محافظي البنوك المركزية يلعبون دوراً كبيراً في إدارة الاقتصاد العالمي. ربما يكون ذلك غير صحيح، فبعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي تزايد احتمال مواجهة الحكومات للضغوط الشعبية. رغم ذلك، فهناك مخاطر من أن تؤدي الخطوات التي تتخذها الحكومات إلى الإضرار بالنمو بدلاً من دعمه، مثل أنظمة حماية المنتجات الوطنية والقيود الصارمة على الهجرة. وفي حين تحاول الدول رفع الكفاءة، إلا أن هناك مخاوف من العودة إلى الركود التضخمي الذي عانت منه بعض البلدان في فترة السبعينات، كما يرى “جواكيم فيلس” المستشار الاقتصادي في شركة الباسيفيك التي تدير أصولاً بقيمة 1.5 ترليون دولار.
يقول “فيلس” أن أنظمة حماية المنتجات الوطنية ترفع أسعار الواردات والمنتجات المحلية، كذلك فإن وضع عوائق كبيرة أمام الهجرة تقلل المنافسة في سوق العمل المحلي وبالتالي يزيد نمو الأجور مما يؤدي إلى تضخم غير مرغوب فيه. يقوم المستثمرون في سوق السندات بالمضاربة لتخفيض العوائد إلى مستويات قياسية بسبب توقعاتهم بضعف الاقتصاد العالمي بعد رحيل بريطانيا، إنهم مرتابون رغم توقعات التضخم، وقد اتضح ذلك في الأداء المتراجع للأوراق المالية المحمية من التضخم. يتفق “فيلس” بأن النمو العالمي والتضخم سينخفضان خلال 6 إلى 12 شهراً بسبب انخفاض الطلب وارتفاع قيمة الدولار، متوقعاً أن يعاود التضخم الارتفاع على المدى الطويل نتيجة لتغير السياسات تحت الضغوط الشعبية.
شخّص “آلان جرينسبان” رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي السابق السمة الاقتصادية الرئيسية الشائعة في كل من السبعينات واليوم: إنها ضعف الإنتاجية. هذا ما يحدد مدى سرعة نمو الاقتصاد دون توليد ضغوط تضخمية. ما يحدث هو نشوء تضخم ركودي عام في الدول المتقدمة مما يؤدي إلى يأس الناخبين، وأبرز مثال هو التصويت الذي جرى في 23 يونيو في بريطانيا للرحيل من الاتحاد الأوروبي. وأضاف جرينسبان: إن الولايات المتحدة الأمريكية متجهة نحو التضخم الركودي إذا استمر نمو عرض النقود بنفس المستويات الحالية، إلا أنه لم يضع إطار زمني لحدوث ذلك.
خطر التضخم
يقول جرينسبان إنه لن يتفاجأ من تحرك التضخم بشكل غير متوقع. بحسب “ألين سينا” الرئيس التنفيذي لإحدى الشركات الاستشارية فإن الوصول إلى هذه المرحلة سيعني ارتفاع الأسعار نتيجة: انخفاض العرض الناجم عن القيود المفروضة على الواردات، مصحوباً بزيادة الطلب. مؤخراً، هدد المرشح الجمهوري دزنالد ترامب بفرض تعرفة جمركية عالية على المنتجات المستوردة من الصين وغيرها من الشركاء التجاريين للولايات المتحدة الأمريكية من أجل إعادة التوازن للتبادل التجاري الذي يميل لصالح المنافسين. كما وعدت منافسته هيلاري كلينتون أيضاً باتخاذ موقف صارم من التبادل التجاري، قائلة بأنها ستعين المدعي العام لتمثيل المصالح التجارية الأمريكية في أوروبا، خصوصاً أن خيبة الأمل الأمريكية من الاتحاد الأوروبي لا تقتصر على خروج بريطانيا فقط وفقاً لاستطلاع الرأي الذي نشره مركز “بيو” للأبحاث في واشنطن.
ردة الفعل تجاه العولمة
يرى “يعقوب فونك” الزميل بمعهد بيترسون للاقتصاد الدولي أن هناك ردة فعل عنيفة تجاه العولمة مصحوبة بمعارضة تدفق اللاجئين إلى أوروبا. بلور “محمد العريان” في كتابه (اللعبة الوحيدة في المدينة) رؤية القائلين بأن البنوك المركزية لا تستطيع عمل كل شيء بمفردها، قائلاً بأن التصويت على خروج بريطانيا قد عجلت بوصول الاقتصاد العالمي إلى مفترق طريق. فمن جهة، اتجهت الحكومات إلى رفع النمو العالمي وتعزيز الاستقرار المالي من خلال زيادة الاستثمار في البنية التحتية والحد من عدم المساواة. ومن جهة أخرى، ما زالت البنوك المركزية تخشى من ازدياد مخاطر الركود وتقلبات الأسواق. ويضيف العريان بأن هناك رأي ثالث وهو أن الحكومات تتحرك فعلاً لكنها تتبنى أنظمة حمائية وسياسات ضارة اقتصادياً، وهذا سيفضي إلى الركود وعدم استقرار الأسواق وعدم المساواة.
لم يكن الخبراء وحدهم من تلهف لمزيد من التدابير المالية، بل محافظو البنوك المركزية أيضاً. يقول “روبرت كابلان” رئيس الاحتياطي الفيدرالي في دالاس: “كانت السياسة النقدية هي السياسة الرئيسية خلال السنوات الثمان الماضية، نحن الآن في نهاية تلك المرحلة وأعتقد بأننا في حاجة إلى توسيع التفكير في السياسة الاقتصادية. يؤمن كابلان بأن الحكومات قادرة على فعل الشيء الصحيح، معارضاً الرأي القائل بأن الحكومات قد تتخذ إجراءات مضرة بالنمو بدلاً من تحسينه. ربما توفر الاستجابة الأولية للأوروبيين تجاه خروج بريطانيا بعض الدعم لاقتصاد المنطقة، يقول “يعقوب” أن الاتحاد الأوروبي قد ينفق المزيد على مراقبة الحدود، ويتخلى عن فرض العقوبات على البرتغال وإسبانيا نتيجة تضخم العجز في ميزانيتهما.
عجز مالي أكبر
تشير بعض الآراء إلى أن عجز الميزانية الأمريكية سيستمر في الارتفاع بغض النظر عن الفائز في الانتخابات الرئاسية. يقول “هونغ تران” المدير التنفيذي في معهد التمويل الدولي بواشنطن: في الأجل الطويل، هناك خطر من أن تؤدي ردة فعل الحركات المعادية للنخبوية التي تجلت في رحيل بريطانيا إلى تآكل الاقتصاد. وأضاف: “إذا كان التصويت بخروج بريطانيا يرمز إلى: الشعور بالضيق العميق، والتراجع عن قواعد التجارة التي أعقبت الحرب العالمية، وإعادة النظر في الهيكلة المالية والاستثمارية؛ فإن التأثير سيكون تدريجياً على المدى الطويل لكنه سلبي وسيقود إلى تباطؤ التجارة الدولية وسيؤثر أيضاً في الثقة بالأعمال التجارية وبالتالي على النفقات الرأسمالية والاستثمارية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال