الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يحمل مصطلح “board” دلالة تاريخية تعود إلى القرن السادس عشر، حيث كان يشير في الأصل إلى طاولة خشبية تُعقد حولها الاجتماعات المهمة. ومع مرور الزمن، تطور هذا المصطلح ليعبر عن الأفراد المؤثرين الذين يتجمعون حول تلك الطاولة لاتخاذ قرارات حاسمة. وقد تم توثيق عبارة “مجلس الإدارة” لأول مرة في عام 1712، بينما تعود جذور كلمة “مجلس” إلى ثلاثة آلاف سنة على الأقل.
أما الكلمة الأخرى “director”، فهي من أصل فرنسي، وتعني الشخص الذي يمتلك صلاحيات مثل التوجيه والإرشاد والإدارة والإشراف والقيادة. لذا، يُفضل أن تُترجم إلى اللغة العربية مضافة دائمًا لكلمة مجلس الإدارة، فيقال: “عضو مجلس الإدارة”، مما يوحي بامتلاكه كفرد صلاحيات التوجيه والإشراف والقيادة والإدارة، وليس بشكل منفرد، بل من خلال عضويته في المجلس المشرف والموجه.
يرتكز دور مجلس الإدارة على أمرين هامين هما: توجيه الإدارة التنفيذية من خلال وضع الأهداف (استراتيجيات) ثم الإشراف على تنفيذ هذه الأهداف (حوكمة) دون الحياد عن الطريق المرسوم لتحقيقها. في الشركات، يعمل مجلس الإدارة وفقًا للإرشادات المنصوص عليها في نظام الشركات، ولوائح حوكمة الشركات المتعلقة بالشركات المساهمة، والنظام الأساس للشركة، واتفاقيات الشركاء إن وجدت، وسياسات ولوائح الحوكمة.
يعمل مجلس الإدارة كوكيل للمساهمين وأمينًا على الشركة بما يحقق مصالحها ومصالح مساهميها، مع ضرورة عدم إغفال حقوق أصحاب المصالح العامة. وعليه، يتخذ قرارات رئيسية تشكل مستقبل الشركة وتحافظ عليها. ومن خلال مسؤولياته الرئيسية في حماية مصالح المساهمين، يتحمل المجلس مسؤولية تعزيز ثروات المساهمين، وضمان دقة البيانات المالية، وتقديم المعلومات الأساسية التي يمكن أن تؤثر على قرارات الاستثمار.
بالإضافة إلى ذلك، يُعتبر وضع سياسات لتحديد ومعالجة المخاطر المختلفة—بما في ذلك المخاطر المالية والقانونية وغيرها—واجبًا حيويًا، مع المراقبة المستمرة لهذه المخاطر، التي تُعد أمرًا حاسمًا لحماية أصول الشركة. كما يجب على المجلس التواصل بفعالية مع الأفراد والمؤسسات المستثمرة في الشركة، مع معالجة المخاوف لديهم وتعزيز العلاقات الإيجابية بشكل دوري ومستمر.
يلعب مجلس الإدارة دورًا محوريًا في الإشراف على العمليات داخل الشركة وضمان الالتزام بالمعايير القانونية والأخلاقية. ويعمل المجلس بشكل مستقل عن الإدارة اليومية، ويركز على القضايا الأوسع التي تؤثر على الشركة وأصحاب المصلحة. وتشمل هذه القضايا تحديد الأهداف الاستراتيجية، والإشراف على الإدارة التنفيذية، والمراقبة المالية وتقاريرها، وتطوير السياسات، بالإضافة إلى إدارة الأزمات الطارئة .
على الرغم من عدم تحديد عدد الأعضاء برقم محدد في نظام الشركات، إلا أن العديد من الشركات تختار مجلسًا يتكون من خمسة إلى أحد عشر عضوًا، وغالبًا ما تختار عددًا فرديًا لتجنب حدوث تعادل في التصويت. ويتم انتخاب الأعضاء مرة كل أربع سنوات قبل المساهمين في اجتماع خاص للجمعية العامة للشركة، بعد ترشيح المرشحين من قبل لجنة الترشيحات في المجلس أو بواسطة المساهمين أنفسهم.
تشكل المجالس عادة لجانًا مختلفة للتعامل مع مسؤوليات محددة، مثل اللجنة التنفيذية التي تعمل كحلقة وصل بين الإدارة التنفيذية ومجلس الإدارة، ولجنة المراجعة، ولجنة الترشيحات والمكافآت، ولجنة المخاطر، ولجنة الاستثمار وغيرها من اللجان المنبثقة من المجلس. وعادةً ما يكون المجلس مكونًا من تشكيلة من الأعضاء المستقلين وغير المستقلين، والتنفيذيين وغير التنفيذيين من المساهمين أو من غير المساهمين، مما يوفر وجهة نظر مستقلة تقلل من تضارب المصالح.
تشمل الوظائف الرئيسية داخل المجلس الرئيس أو رئيس المجلس، الذي يقود المجلس ويحدد جداول الاجتماعات، ويمكّن الأعضاء من اتخاذ القرارات السليمة، ويمثل الشركة أمام أصحاب المصلحة والجهات الحكومية. ويختص دور نائب الرئيس على دعم الرئيس ومساعدته في إدارة المجلس ، ويتولى المسؤوليات في حال غيابه، بينما يقتصر دور أمين المجلس على المهام الإدارية.
تعتمد فعالية المجلس على جودة تشكيله وكفاءة وسلوك أعضائه، الذين يجب أن يمتلكوا مجموعة متنوعة من المهارات والخبرات ذات الصلة بأعمال الشركة، ويعملون معًا بشكل تعاوني لتحقيق الأهداف المشتركة. ويجب على الأعضاء إعطاء الأولوية لتقدم الشركة على مصالحهم الشخصية، ومعالجة تضارب المصالح بشفافية، وعليهم أن يحافظوا على أعلى مستوى من المساءلة والدقة والصواب في القرارات، مما يعزز بيئة من الثقة والنزاهة.
من خلال فهم جذوره التاريخية، ووظائفه التشغيلية، وأفضل الممارسات العالمية، ودراسة حالات نجاح أو فشل مجالس الشركات، يمكن للشركات التأكد من أن مجالسها، التي تُعد الركيزة الأساسية في الحوكمة الرشيدة، مجهزة جيدًا لمواجهة تعقيدات مشهد الأعمال وضمان النجاح المستدام، وحماية مصالح المساهمين وأصحاب المصلحة على حد سواء.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال