الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
ihsanbuhulaiga@
قبل أيام دخلت على موظف عام، كان لطيفاً ومهنياً وينجز مهامه بحرص وتؤدة. رغبت في أن أبدي رأيي في أدائه المميز، فلم أجد لذلك سبيلاً عملياً.
خطر لي أن أذهب إلى رئيسه أو رئيس رئيسه، لكنها قد تكون مجرد كلمات تنسى، ثم ليس ملائماً تعطيل الموظفين بما قد يعتبر إطراء في غير محله أو حتى قد يساء فهم القصد بالكلية.
ما يحدث الآن في الجهاز الحكومي، أن الرئيس يقيم المرؤوس، لكن على أي أساس؟ لا سيما بالنسبة لمن يواجه ويتعامل مع الجمهور من الموظفين من مراجعين على تنوعهم سواء مواطنين أو موردين أو مقاولين.
فيما مضى كان صعباً ومكلفاً استطلاع الآراء وتتبعها، أما حالياً فذلك ميسر لمن يريد.
عندما نتمعن، نجد أن الجهاز الحكومي يستخدم التحفيز في أضيق الحدود، فلا تمييز بين أفضل الموظفين أداءً وأسوئهم، ولعل هذا أحد أسباب تدني الإنتاجية.
ونحن نريد معرفة أداء الموظفين من قبل مَن يواجههم مِن الجمهور؛ كيف يتعامل معهم؟ وهل ينجز معاملاتهم أم “يزحلقهم” ويضيع أوقاتهم؟
وعلى النقيض، بالأمس القريب كان لدي موضوع روتيني لدى أحد الموظفين الحكوميين، أدى المطلوب منه، لكن بنفس “شينة” يعني تجده وكأنه يعاني ويتكلف وهو يرد السلام.
في حين يجد كل الوقت ليخوض في سواليف مع هذا وذاك، ويشعرك وكأنه يملك المكان والوقت وأنك تحت رحمته ما دامت معاملتك عنده، فما الذي تستطيع فعله؟ لن يؤثر كثيراً أن تشكوه لرئيسه في أغلب الأحيان.
للخروج من هذا كله، لعل من المناسب الطلب من المراجعين تقييم أداء الموظفين الذين باشروا معاملاتهم، وان يكون هذا التقييم أحد مدخلات تقييم أداء الموظف بما في ذلك علاوته السنوية وترقيته.
ولا بأس في فصل أو نقل من يثبت أنه ليس أهلاً لمقابلة الجمهور وأداء واجبه في إنجاز أعمالهم.
إذ لا بد من الإقرار بأن اللجوء لاستثمار مليارات الريالات لتجهيز المكاتب واستقطاب الموظفين واستخدام التقنية ووضع النظم واللوائح، والحديث ليل نهار عن أن مهمة الموظفين خدمة المراجعين.
أن كل ذلك يعتمد على كفاءة مقدم الخدمة، فإن كان الموظف غير مؤهل أو غير راغب أو إن كان محبطاً فسينعكس ذلك سلباً على علاقة إدارته بالمراجعين، وهذا – بالقطع – يتعارض مع أهداف الجهاز الحكومي والخدمة المدنية.
وما دمنا قد درجنا في السنوات الأخيرة على تقييم أداء الموظفين في بعض الخدمات، مثل الاتصالات على سبيل المثال لا الحصر، فمن باب أولى أن تسعى وزارة الخدمة المدنية لتعميم نظام تقييم الموظفين من قبل المراجعين، والعمل مع الأجهزة الحكومية للارتقاء بأداء الموظفين حتى تصل الرسالة واضحة وتصبح راسخة بأن مهمة الموظف تقديم أفضل خدمة لمراجعيه ضمن حدود النظام.
وليس القصد هنا زجر المقصر، بل قبل ذلك تحفيز ومكافأة المتميز، وبذلك تتحسن مؤشرات أداء الجهاز الحكومي ككل، وترتفع الإنتاجية، ويرتفع مستوى الرضا.
ولعل من الملائم ملاحظة أن الارتقاء بالأداء سيعني تحسن أداء خدمات ارتكازية كالتعليم والصحة والخدمات البلدية، بل وحتى النقل بأنواعه والتجارة والصناعة وبقية الخدمات.
وما هو مطلوب هنا يختلف عن تعبئة الاستبيانات، إذ يرتكز على تقييم أداء الموظف من قبل مراجعيه، أي من قبل أصحاب العلاقة.
وعند التعرف – عن كثب – على أنماط أداء الموظفين، يصبح في المتناول وضع الأساليب المناسبة لتحفيزهم مادياً وحتى معنوياً.
فمثلاً نسمع الآن عن جوائز للموظف المثالي، فيطرح السؤال: مثالي في نظر : زملائه أم رؤسائه أم مراجعيه؟
وقضية التحفيز غاية في الأهمية لأكثر من اعتبار؛ فقد يحبط كل الجهد إن لم يكن القياس منصفاً كأن يكافئ المقصر بقدر مكافأة الموظف عالي الإنتاجية في محاولة لمسك العصا من النصف.
إذ إن الهدف ليس إرضاء جميع الموظفين، بل حفزهم لتقديم أفضل ما لديهم رغبة في تحقيق رضا العملاء، كما أن للأمر صلة بتوفير الموارد وحسن استخدامها.
عندما نتمعن، نجد أن الجهاز الحكومي يستخدم التحفيز في أضيق الحدود، فلا تمييز بين أفضل الموظفين أداءً وأسوئهم.
ولعل هذا أحد أسباب تدني الإنتاجية، فالتحفيز – وهو مسار بحثي ثري ضمن مجال إدارة الموارد البشرية – يمكن أن يكون له تأثير السحر على الموظف، إذا صممت برامجه بدقة وحذق.
ماذا تتوقع إن كان جميع موظفي الإدارة يحصلون على ذات العلاوات تقريباً؟ وما الذي سيناله مهندس يعمل بجد واجتهاد لمتابعة أعمال المشاريع وليوفر نتيجة لذلك الوقت والمال على الخزانة العامة، وزميل له يحرص فقط على الالتزام بالدوام والوجه من الوجه أبيض!
في حال أوجدنا نظاماً تحفيزياً مجزياً، فسيدفع ذلك الموظفين دفعاً للأداء، إذ سيكون الموظف تحت ضغط لا ينثني لتقديم أفضل ما لديه، أما حالياً فالضغط يقع على المراجع ليتحمل.
نقلا عن اليوم
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال