الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
عندما يكون الحديث عن قطاع منشآت صغيرة ومتوسطة قوي ومؤثر ومتوافق مع تطلعاتنا كما رسمتها رؤية المملكة 2030، فإن الابتكار العلمي الموجِد لریادة الاعمال الابتكارية هو سيد الموقف. تماماً كما هو الحاصل في كوريا الجنوبية وسنغافورة. معظم ما لدينا اليوم عبارة عن منشآت صغيرة ومتوسطة تقليدية. هي اعمال تجارية نمطية وليست ريادة ابتكارية علمية وان كان في بعضها شيء من الابداع. وورائها أفراد تُجّار شغوفين لدخول السوق بدافع الاحتياج او اقتناص الفرص وليس رواد مبتكرين شغوفين بالعلم والاجابة على الأسئلة العلمية والاكتشافات.
هنا لا نقلل من أهمية هذا النوع من المنشآت في المنظومة الاقتصادية. ولكن مهم أن ندرك أن مثل هذه المنشآت مهما زاد عددها ففي الغالب لن ترفع من مشاركة قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي بالوتيرة والثقل المطلوبين وعليه لن يكون تأثيرها قوي اقتصادياً. هي منشآت لا تصنع منتجات ولا أسواق جديدة وانما توفر منتجات وخدمات تقليدية وتحيا على السيولة النقدية في اسوق محلية متواجدة أصلاً. إذا توفرت السيولة النقدية في هذه الأسواق تنفست وبقت وإذا تراجعت اختنقت وتعرضت لخطر الموت والخروج من السوق. إضافة، هذه المنشآت ليس فيها من السمات التي تؤهلها للتواجد في الأسواق الخارجية وتقديم منتجاتها وخدماتها كالأسواق الافريقية المتعطشة للمنتجات والخدمات التقليدية في الوقت الراهن.
وسنظل نواجه السؤال الذي يفرض ويكرر نفسه: ما العمل؟
الجامعات وبالشراكة مع شركات القطاع الخاص القوية والصناديق الاستثمارية – كما هو الحال في كثير من الدول في العالم الأول – قادرة على بناء بيئة ريادة أعمال ابتكارية والمشاركة في ايجاد منشآت ريادية ابتكارية بواسطة روادها من الطلاب والأساتذة ورواد المجتمع. تساهم في تحقيق متطلبات الرؤية خاصة في رفع مشاركة قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة الى 35% في الناتج المحلي وربما تتعدى هذه النسبة.
وبنظرة سريعة على جامعاتنا، وبالرغم من تواجد عدة جامعات مرموقة عالمياً في المملكة، الا اننا لا نطلب من باقي جامعاتنا ان يكونوا بمستوى جامعة مثل “إم أي تي” الأمريكية والتي – في غضون عشر سنوات من دعمها للبحث العلمي والريادة الابتكارية في مرحلة مبكرة – خرج منها ما يقارب ال 900 شركة قوية. ولا أن يكونوا في مستوى جامعة “هارفارد” التي خرج منها في نفس الفترة ما يقارب ال ٧٥٠ شركة مؤثرة. ولن نطلب فوراً من طلابنا الرواد – بالرغم من وجود عقول جبارة – أن ينافسوا طلاب “إم أي تي” و “هارفارد” لكي يؤسسوا شركات تخلق عشرات الالاف من الوظائف وتساهم في الاقتصاد بمبالغ تقدر بالمليارات.
بل نطلب من هذه الجامعات أن تحذوا حذو كلية أمريكية صغيرة جداً أسست قبل أكثر من عشر أعوام ومازالت صغيرة. ربما لم يسمع بها أحد. هي كلية “أولن” الأمريكية للهندسة وهي ليست ضمن المؤسسات التعليمية الأمريكية الموصي بها من قبل وزارة التعليم لدينا. هذه الكلية الصغيرة والمغمورة خرج منها 16طالب ريادي مبتكر. أسسوا شركات ذات قيمة مضافة قاربت قيمتها الاجمالية – اليوم – ما يقارب ٦٠٠ مليون دولار. ويوجد مثل كلية “أولن” الكثير مثل كلية “بامونا” الأمريكية وهي أيضاً غير موصى بها. هذه الكلية المغمورة جداً يزورها مسئولين من شركة الفابيت العملاقة (جوجل) بشكل دوري لاكتشاف ماذا لدى طلابها من أفكار وأبحاث جديدة واقتناصها قبل وصول منافسيها إليهم.
جامعاتنا أمامها فرص ذهبية وفي عدة تخصصات وتستطيع ذلك. وهنا، جامعاتنا ربما عليها استبدال محاولاتها التعلم من الجامعات الكبرى بمحاولة التعلم من الكليات والجامعات المغمورة مثل كلية “أولن” وكلية “بامونا”. أما جامعاتنا التي لها وزنها الأكاديمي محلياً واقليمياً وعالمياً فلا حجة لها في ألا تتحرك في نفس مستوى كبريات الجامعات العالمية. خاصة مع الميزانيات الضخمة المرصودة لها.
ومع دعم شركات القطاع الخاص الباحثة عن قيمة تنافسية أعظم لأعمالها وشركات الاستثمار برأس المال الجريء، سوآءا التقليدية التي تبحث عن الربح فقط أو الخلوقة التي تبحث عن الربح وأيضا تؤمن بأنها ملتزمة تجاه رؤية المملكة، تستطيع جامعاتنا أن تكون المساهم الأساس في بناء ريادة أعمال ابتكارية علمية تدعم اقتصادنا وتصنع التأثير الذي نتطلع اليه وفي وقت قياسي.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال