الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
بينما كنت أستعد للكتابة عن قطاع السياحة في السعودية، شدّني مشهد الاقتصاد العالمي، بحركات غير متوقعة تعيد تشكيل المشهد. ومع تصاعد التوتر الاقتصادي بين الصين وأمريكا، وجدت نفسي مضطراً لتحريك القلم نحوه قبل أن أعود إلى المشهد المحلي.
رفعت واشنطن الرسوم الجمركية إلى 20% على بعض الواردات الصينية، فردّت بكين بفرض 10%-15% على الطاقة والمواد الأمريكية. الجميع انشغل بتحليل تأثير هذا التصعيد على التجارة والنمو، لكن ألم يدركوا أن الصين تمتلك أوراقًا أخرى قد تعيد رسم المشهد الاقتصادي، ليس فقط عبر السياسات النقدية، بل من خلال إعادة تشكيل خريطة الطاقة العالمية؟
كيف لا، وهي أكبر مستورد للطاقة في العالم، تستهلك 10 ملايين برميل يوميا، وتشكل أكثر من 15% من الطلب العالمي على النفط، إلى جانب استيرادها الهائل من الغاز والفحم؟ أي تغيير في تحركاتها داخل أسواق الطاقة، سواء عبر تعديل مصادر التوريد أو التأثير في التسعير، سيكون كفيلاً بالتأثير على أسواق النفط والغاز عالميا.
بين اليوان والنفط الروسي… كيف تناور الصين بذكاء؟
في 2015 خفضت الصين اليوان بنسبة 2% لتعزيز صادراتها، لكن هذه الخطوة رفعت تكلفة واردات النفط والغاز، مما زاد الضغوط على الاقتصاد الصيني. اليوم، ومع تصاعد التوترات التجارية، قد تجد بكين الحل في تعزيز الشراكة مع روسيا، التي أصبحت أكبر مورد للنفط إلى الصين متجاوزة السعودية، حيث تضخ أكثر من 2 مليون برميل يومياً. من خلال تسعير النفط باليوان والروبل، يمكن للصين تقليل الاعتماد على الدولار، وضمان استقرار التكاليف، فيما يتيح خط أنابيب “قوة سيبيريا” تدفق الغاز الروسي دون المرور بالأسواق الغربية، مما يمنحها ميزة استراتيجية في أسواق الطاقة العالمية.
التأثير على الاقتصاد العالمي والدول المرتبطة بالدولار
لعبة الشطرنج: من يحاصر الاقتصاد أولا؟
على لوح الشطرنج الاقتصادي، لا يُحسم الفوز بالحركات السريعة، بل بالصبر والقراءة العميقة. بدأت واشنطن بـ تحريك “القلعة” الجمركية لإغلاق المسارات أمام بكين، التي ردّت بتحريك “الجندي” عبر تعريفات مضادة. لكن المصير لا يُحسم بهذه المناورات، بل بحركة “الوزير” في اللحظة الحاسمة، فهل يكون خفض اليوان هو الخطوة التي تقلب الموازين؟
تحت المجهر… اعتقد ان الصين لن تتسرع في هذه الخطوة، وقد تلجأ إلى خفض تدريجي لتجنب ردود الفعل العنيفة وإعادة ترتيب أوراقها “إن لزم الأمر”. لكن استمرار الضغوط الاقتصادية قد يدفعها إلى تحريك “الوزير” بجرأة، حتى لو زاد ذلك من التضخم الداخلي.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال