الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
إعلان الرئيس الأمريكي “دونالد ترمب” عن لقاء مرتقب مع نظيره الروسي “فلاديمير بوتين” في الرياض، وبحضور سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، يبرهن دور المملكة العربية السعودية، كممكن محوري في تقريب وجهات النظر وتوحيد الرؤى في لحظات حساسة من التاريخ السياسي والاقتصادي العالمي، وهذه المكانة لم تأت كنتيجة لظروف عابرة، بل هي ثمرة رؤية طموحة وعمل استراتيجي طويل الأمد، والنظريات العلمية في تحليل دور المملكة المؤثر في النظام الدولي يؤكد ما نراه اليوم.
من منظور دراسات “ماكس فيبر” (Max Weber) في أطر القيادة الكاريزمية تحت مظلة “نظرية القيادة” (Leadership Theory)، تمثل المملكة نموذجا للدولة القادرة على ممارسة القيادة التحويلية (Transformational Leadership)، فهي لا تكتفي بلعب دور الوسيط، بل تعمل على إعادة تعريف معايير التفاعل الدولي من خلال تقديم مبادرات استباقية تعزز السلام والتعاون الاقتصادي والسياسي، وقد نجحت المملكة في استضافة قمم حوارية دولية، وعملت على رأب الصدع بين قوى متنافسة، وهو ما يعكس قدرة قيادية استثنائية في تحويل الأزمات إلى فرص لتعزيز الاستقرار العالمي.
وبحسب “نظرية الموارد” (Resource-Based Theory) التي قدمها “جاي بيرني” (Jay Barney)، فإن الدول التي تمتلك موارد استراتيجية وقابلة للاستثمار الفعّال تكون قادرة على تعزيز مكانتها في النظام العالمي، وهذا ينطبق على المملكة التي تمتلك مزيجا استثنائيا من الموارد الطبيعية مثل مصادر الطاقة، والموارد الجيوسياسية كالموقع الجغرافي الحيوي، والموارد القيادية مثل الاستقرار الداخلي، ولكن الأهم من ذلك هو كيفية استثمار هذه الموارد في خلق قيمة استراتيجية، وهو ما نجحت المملكة في تحقيقه من خلال استخدام موقعها الجغرافي كجسر بين الشرق والغرب، وتوظيف مواردها الاقتصادية في تعزيز مكانتها كفاعل أساسي في الاستقرار الاقتصادي والسياسي العالمي.
أيضا، تؤكد “نظرية الشبكات الاجتماعية” (Social Network Theory) من خلال أحد أهم المساهمين في تطويرها “ستانلي ميلغرام” (Stanley Milgram)، بأن الدول التي تتمتع بموقع مركزي في الشبكات الدولية تمتلك قدرة أكبر على التأثير في القرارات والسياسات العالمية، والمملكة بفضل علاقاتها المتنوعة، تمثل نقطة تلاقي رئيسية في شبكة العلاقات الدولية، خاصة مع الولايات المتحدة وروسيا والصين وأوروبا، فضلًا عن دورها المحوري في العالمين العربي والإسلامي، ومن خلال هذه الشبكة المتعددة الأقطاب، تمتلك المملكة قدرة (يمكن وصفها بالفريدة) على إدارة الأزمات والتوسط بين القوى المتنافسة، مما يعزز مكانتها كفاعل أساسي في تحقيق الاستقرار العالمي، لذلك فإن استضافة المملكة لقادة عالميين لمناقشة قضايا حيوية، يعكس كيف يمكن لدولة تتمتع بموقع مركزي في الشبكة السياسية والاقتصادية العالمية أن تؤدي دورا في إعادة التوازن للعلاقات الدولية وتوجيه مسارات الحلول الدبلوماسية.
إضافة إلى ما سبق، تشير “نظرية الاعتماد المتبادل المعقد” (Complex Interdependence Theory) التي طورها “روبرت كيوهان” (Robert Keohane) و”جوزيف ناي” (Joseph Nye)، إلى أن العلاقات بين الدول تقوم على توازن المصالح المشتركة والتأثير المتبادل، وكلما زادت درجة الترابط الاقتصادي والسياسي بين الدول، زادت احتمالية التعاون بدلاً من الصراع باهظ الثمن، ويصبح من الأفضل البحث عن حلول وسط تحقق المكاسب لجميع الأطراف، وفي هذا السياق يمكن النظر إلى المملكة كنموذج بارز لدولة تعتمد على نهج الاعتماد المتبادل في سياستها الخارجية، فمن خلال بناء شراكات استراتيجية متنوعة مع دول العالم، تعمل المملكة على تعزيز الاستقرار العالمي عبر آليات التعاون الاقتصادي والاستثماري والطاقة، مما يخلق بيئة تشجع على التفاوض بدلاً من الصدام.
في ظل الأزمات العالمية المتزايدة، تحتاج الدول إلى قيادات ذات مصداقية وموثوقية عالية، وقادرة على تقديم حلول مبتكرة ومستدامة، ومن هذا المنطلق – وبدعم النظرية العلمية – تقدم المملكة نموذجا متكاملا لقيادة عالمية حكيمة، حيث يمكنها تعزيز الحوار بين القوى الكبرى من خلال استضافة لقاءات تجمع قادتهم، في بيئة محايدة توفر أفقا للحوار البنّاء، والمساهمة في بناء نظام اقتصادي عالمي أكثر توازنا، ودعم الحلول السياسية للصراعات الدولية، ونقل الخبرات الدبلوماسية والتنموية للدول النامية، مما يجعلها ركيزة للتوازن في عالم متغير.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال