الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
لماذا كل هذه الضجة الإعلامية الكبيرة من قبل بعض وسائل الإعلام الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية على التقدم المبهر لدولة الصين في تقنية الذكاء الاصطناعي التوليدي؟ هل هذا التقدم كان محض صدفة أم كان مخطط له؟ ولماذا ظهرت نتائجه الملحوظة في عام 2025؟ للإجابة على هذه التساؤلات، سأتناول أولاً الإستراتيجية الصناعية “صنع في الصين 2025” التي أعلنت عنها الحكومة الصينية في عام 2015 والتي تهدف إلى توطين الصناعات التقنية المتطورة جداً لتحويل الصين إلى قوة عظمى تعتمد على قدراتها المحلية مع تقليل الاعتماد على التقنيات الغربية.
الأهداف الاستراتيجية للمبادرة تشمل ثلاث مراحل:
بحلول عام 2025: تصبح الصين قوة صناعية رئيسية من خلال تعزيز الصناعات التقنية المتطورة مثل أشباه الموصلات والذكاء الاصطناعي بالإضافة إلى زيادة الاستثمارات في البحث والتطوير في المجالات الحيوية.
بحلول عام 2035: تحقيق الريادة العالمية في الصناعات التقنية المتقدمة وتبني دمج تلك التقنيات بشكل شامل في جميع جوانب الحياة مع تقليل الاعتماد بشكل كبير على التقنيات الغربية وتعزيز دورها كمركز عالمي للابتكار في التقنيات المتطورة.
بحلول عام 2049 (والذي يوافق مرور 100 عام على تأسيس جمهورية الصين الشعبية): أن تصبح الصين القوة العظمى عالميًا في العديد من التقنيات المتطورة متجاوزة الدول الغربية على رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية مع تحقيق اكتفاء ذاتي صناعيًا وتقنيًا.
تهدف هذه المبادرة الطموحة جدًا إلى تطوير عشرة مجالات صناعية متطورة وذات أهمية كبيرة للاقتصاد الصيني والعالمي على حد سواء، وهي:
1. تقنية المعلومات المتقدمة (أشباه الموصلات، الذكاء الاصطناعي، التطبيقات الذكية).
2. الروبوتات.
3. صناعة الطيران والمعدات الفضائية.
4. المعدات البحرية والسفن المتطورة.
5. معدات النقل السكك الحديدية.
6. السيارات الكهربائية.
7. معدات الطاقة (مثل الطاقة الشمسية والبطاريات المتطورة).
8. المواد الجديدة (مثل المواد النانوية).
9. الأدوية الحيوية والأجهزة الطبية المتقدمة.
10. الآلات والمعدات الزراعية الحديثة.
لتنفيذ هذه الاستراتيجية الطموحة، وضعت الحكومة الصينية عدة مبادرات فرعية لتتمكن من تحقيق تلك الأهداف والتي تشمل:
من الواضح أن هذا الإنجاز لم يكن محض صدفة، بل كان مخطط له من قبل الحكومة الصينية منذ عقد من الزمان. ظهور هذا الإنجاز في بداية عام 2025 يعد دليلاً على التزام الصين بتنفيذ خططها في الوقت المحدد والذي من شأنه أن يدعم مساعيها في زيادة ثقة دول العالم بقدراتها والذي قد يعزز فرص الصين في جلب أستثمارات أجنبية نوعية لاقتصادها.
هذا التطور قد يفسر الاهتمام الشديد من بعض الدول الغربية والمحاولات الحثيثة لعرقلة التقدم الصيني وذلك بفرض قيود على الشركات الصينية في الأسواق الأمريكية والأوروبية وحظر تصدير التقنيات المتقدمة مثل أشباه الموصلات وتقنيات الذكاء الاصطناعي وبالاخص الرقائق الإلكترونية المتقدمة المصنعة من قبل شركة إنفيديا إلى الصين ومحاولة التبرير من قبل الحكومة الأمريكية أن كل هذه الإجراءات الصارمة ضد التقدم الصيني هدفه حماية الأمن القومي الأميركي.
في رأيي، المنافسة ما زالت في بدايتها والصين أمامها الكثير من العقبات التي وضعتها الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية والذي يحتاج تجاوزها إلى حنكة من قبل الحكومة الصينية وقدرات تقنية وابتكارية استثنائية لجذب المزيد من الثقة العالمية، والذي قد يجعل من الصين دولة مستقلة ووجهة بديلة للاستثمارات في التقنيات الحديثة والمبتكرة في المستقبل ما لم تؤدي تلك المنافسة بين بعض الدول الغربية والصين في نهاية المطاف إلى نشوب حرب عسكرية مباشرة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال