الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
سنناقش في هذه المقالة المنهجية المؤسساتية لمتابعة أداء القطاعات الحكومية وهي محالة لفهم الوضع الراهن وتقييمه وإبداء وجهة نظر منبثقة من استطلاعات لبحوث ودراسات وخبرات علمية وعملية للوصول إلى أفضل الممارسات وبالتالي يجب أن تكون لدينا وقفة تأمل حول تقييم العمل الحالي من حيث سلامة الإجراءات وكفاءتها وفاعليتها من جهة والنتائج المتحققة من جهة أخرى.
(ومن هنا يكمن التساؤل كيف تدار مشاريع الدولة؟ أو بصورة أوضح هل الإجراءات الحالية المتبعة لتنفيذ أي مشروع في القطاع الحكومي تحقق النتائج المرجوة منها؟
وبدايةً لابد أن نوضح الإطار لمفردة المشروع وهو جميع المشاريع الرأسمالية والتقنية والفنية التي يتم دعمها من ميزانية الدولة.
سنستعرض هنا الإجراء الحالي حيث تقدم الجهة الحكومية احتياجها لوزارة المالية مباشرة ليتم دعمها في ميزانية الجهة الطالبة ومن ثم التنفيذ من قبل الجهة بشكل كامل وهنا نغض الطرف عن ما يتم استخدامه من نماذج أو مناقشات بين الجهتين لأن الهدف في هذه المقالة هو تحديد أفضل ممارسة عملية للوصول إلى كفاءة انفاق ومن ثم تحقيق النتائج المرجوة.
في الوقت الحاضر تم إضافة إجراء وهو إرسال أي مشروع جديد تطلبه الجهة الحكومية إلى مركز تحقيق كفاءة الانفاق ليتم مناقشة الجهة في الدراسات والتصاميم والأمور الفنية اللازمة ثم إبداء المرئيات فقط وانتقال الأمر بعد ذلك إلى وزارة المالية.
إلى هنا وهذا هو الوضع الراهن في إجراءات اعتماد المشاريع. والسؤال: هل هذه الإجراءات كافية أم تحتاج إلى الانتقال إلى فكر مؤسسي جديد؟
لذلك في أدبيات الإدارة نجاح أي تغيير يجب أن يكون بدعم وإلهام من السلطة العليا سواء على مستوى المنظمة أو مستوى الدولة.
ومن خلال الإجراءات الحالية فإنه أصبح من الضروري جداً إنشاء مكتب أو هيئة مستقلة تحت مسمى مكتب إدارة المشاريع PMO يكون كيان مستقل غير تابع لأي جهة حكومية وتعزى إليه جميع الصلاحيات لممارسة الأدوار المتعلقة بذلك؛ أي لابد أن يكون للمكتب سلطة قرارية من حيث الموافقة أو عدمها لأي طلب مشروع جديد يقدم من قبل الجهات الحكومية وبالتالي تنتقل سلطة القرار من وزارة المالية إلى PMO.
لأن وجود هيئة أو مكتب لإدارة مشاريع جميع القطاعات الحكومية أصبح ضرورة ملحة في ظل التغييرات الاقتصادية القائمة والقادمة وذلك لزيادة معدل نجاح المشاريع وتطبيق معايير موحدة لجميع مشاريع الجهات الحكومية.
الفوائد كثيرة في إنشاء هيئة أو مكتب لإدارة مشاريع القطاعات الحكومية من أهمها: إدارة محفظة المشاريع من حيث تشكيل فرق من مدراء البرامج الذين لديهم القدرة على إدارة مشاريع ذات علاقة في وقت واحد وتخصيص الموارد اللازمة لها وبالتالي جمع الخبرات التراكمية وتلافي الأخطاء في مشاريع منفذة في زمن سابق لأن المنفذ والمعد لها جهة سيادية واحدة وبالتالي ستكون على دراية كاملة بتحسين الإجراءات وتطويرها مع الوقت لان عامل الخبرة التراكمية سيكون هو الأساس في ذلك.
في حين أن الوضع الراهن هو بأن تكون لكل جهة حكومية حرية التنفيذ لمشاريعها وقد تخطئ أو تستغل أكثر من جهة نفس فكرة المشروع من نفس الشركة أو المؤسسة المنفذة وذلك لأن كل جهة تعمل لوحدها دون مراعاة للجهات الأخرى أو حتى تتواصل معها لأخذ الخبرة.
أيضا من أهم الأدوار التي يقوم بها مكتب إدارة المشاريع بأن يكون مخزن للمعلومات الخاصة بالمشاريع المنفذة بمختلف تصنيفاتها حيث يحتوي على كافة التفاصيل للمشاريع المنفذة ويقوم بتبويب تلك المعلومات ليستفاد منها في مشاريع مشابهه لها في المستقبل.
من وجهة نظر شخصية أرى أننا لابد أن نغير ثقافة إدارة مواردنا المالية وأن نخصص الأمور في إجراءاتنا فلا نحمل وزارة فوق طاقتها (من الموافقة على المشاريع إلى الانفاق إلى المتابعة في التنفيذ) بل يتجزأ العمل ويتحول إلى مختصين يقومون بدراسة الأمور بشكل علمي وعملي ويتخذون القرار المناسب وتتولى وزارة المالية الانفاق فقط (أي تنفيذ ما تم إقراره) وذلك لأن استمرار الإجراءات كما هي عليه في الوضع الراهن هو عبارة عن إعطاء صلاحيات تخصصية لمنظمات غير مختصة بذلك.
فلابد أن يدار الامر برمته بصورة متناغمة ففي حال كانت الميزانيات منخفضة يكون PMO جاهز لتنفيذ المشاريع ذات الالويات القصوى والعكس صحيح. ولذلك أقول إن هذه الفترة هي الفترة الذهبية لإحداث أي تغيير بسبب تقبل كلا المجتمعين الوظيفي والعام لأي إصلاحات ممنهجة أو غير ممنهجة وبالتالي فان استغلال الوقت مطلب أساسي حتى لا ينتقل تنفيذ الفكرة إلى مرحلة ما بعد التقبل وهي التحقق من النتائج. عندها سيتطلب التغيير أن يأخذ دورته المعهودة.
تغريدة :
حتى نصل إلى مرحلة كفاءة الانفاق فيجب أن يعاد الفكر والإجراءات معاً داخل قطاعاتنا الحكومية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال