الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
أشعر بالفخر العميق كلما رأيت عبارة “صنع في السعودية” تزين منتجًا محليًا، فهذه العبارة تعكس جهودًا عظيمة تظافرت على كافة الأصعدة وعلى جميع المستويات أدت إلى قصة نجاح وطنية ملهمة. عززت تلك المشاعر النتائج المذكورة في تقرير عام 2024 لرؤية المملكة 2030، الذي أظهر تقدمًا مذهلاً في تحقيق أهداف الرؤية، بل وتجاوز العديد من المستهدفات قبل موعدها، وأسعدتني نتائج إيجابية للعديد من المبادرات والبرامج ذات الطابع الاقتصادي والصناعي.
لقد أصبحت الصناعات المحلية محركًا رئيسيًا للاقتصاد الوطني، وساهمت بشكل فعال في خلق فرص عمل جديدة وزيادة الناتج المحلي الإجمالي. أحد العوامل الرئيسية في تعزيز الصناعات المحلية يكمن في جذب الاستثمارات وتوطين العديد من الصناعات في المملكة. على سبيل المثال، أشار التقرير إلى وجود أكثر من 571 مقرًا إقليميًا عالميًا في المملكة بنهاية عام 2024، وهو ما يعكس ثقة العالم ببيئة الأعمال السعودية، حيث زاد عدد المصانع فيها إلى أكثر من 12 ألف مصنع. أما اقتصاديًا، فقد نما الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بنسبة 4.3% في 2024، واستقر التضخم عند 1.7% رغم التحديات العالمية، في حين انخفض معدل البطالة إلى 7%، محققًا هذا الهدف قبل الموعد المحدد. كما تحسنت المملكة بـ20 مركزًا في مؤشر التنافسية العالمية، مما يبرز نجاح الإصلاحات الهيكلية. ولعل ما عزز هذا النجاح هو برنامج “تيسير” لتحسين بيئة أعمال القطاع الخاص، الذي نفذ أكثر من 900 إصلاح تنظيمي، مما سهّل إجراءات الاستثمار وجذب المستثمرين.
إن الصناعات المحلية السعودية ليست مجرد أرقام، بل هي قصص نجاح تلهم الجميع. ففي قطاع التصنيع، أصبحت المنتجات المحلية رمزًا للجودة والابتكار في مجالات متعددة، حيث ارتفعت نسبة المحتوى المحلي في الصناعات التحويلية غير النفطية إلى 47% في 2024، سائرًا بخطى واثقة نحو النسبة المستهدفة وهي 65% بحلول 2030. كما شهدت المشاريع العملاقة مثل نيوم، البحر الأحمر، والقدية مشاركة واسعة من القطاع الخاص مع ارتفاع نسبة المحتوى المحلي في مشاريع صندوق الاستثمارات العامة إلى 52%، مع طموح للوصول إلى 60% بحلول 2025، مما يعزز التوطين الاقتصادي ويدعم التنمية المستدامة في المملكة. هذا التحول هو نتيجة جهود استراتيجية لتقليل الاعتماد على الواردات وتعزيز الاكتفاء الذاتي. كما أن الاستثمارات الأجنبية وتوطين الصناعات لعبت دورًا أساسيًا في خلق الوظائف وزيادة الإنتاج والتصنيع المحلي، حيث ارتفعت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 77.6 مليار ريال في 2024. وقد شهدنا نموًا كبيرًا في صناعات بمجالات استراتيجية مثل السيارات الكهربائية مع إنشاء شركة “سيير” ووجود مركز لإنتاج سيارات “لوسيد” في المملكة، وإنجازات أخرى في مجالات الصناعات العسكرية والطيران والصناعات البحرية. هذه الإنجازات تعتبر أيضاً دعامة اقتصادية تحمي المملكة من التقلبات العالمية وتضمن استقرارها على المدى الطويل.
ولتعزيز المنجزات التي تحققت والمساهمة في المضي قدمًا في هذه المسيرة الملهمة، فقد أطلقت المملكة الاستراتيجية الوطنية للاستثمار، التي تضمنت تشريعات جديدة مثل نظام الاستثمار الجديد، مما ساعد على إيجاد بيئة محفزة وتسهيل دخول الشركات الأجنبية، وهي خطوة تعزز انتقال المملكة إلى المرحلة التالية المتمثلة في جذب الاستثمارات وتمكين القطاع الخاص وبالذات للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، والتي ارتفعت مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي إلى 21.9% في 2024، متجاوزة مستهدف العام الحالي وسائرة بخطى واثقة نحو مستهدف عام 2030 بنسبة 35%. ثقة المواطنين في هذه الرؤية واضحة من خلال دورهم الفاعل والرئيسي في دعم المنتجات الوطنية والمساهمة في المبادرات والإلتزام برؤيتها المستقبلية. هذه الثقة تمتد أيضًا إلى الأسواق العالمية، التي ترى في المملكة وجهة استثمارية واعدة، كما يتضح من تحسن موقعها الائتماني عالميًا بالحصول على تصنيفات قوية من فيتش (+A) وستاندرد آند بورز (A/A-1).
على المستوى المحلي، يثق المستهلك السعودي اليوم بجودة المنتجات المحلية أكثر من أي وقت مضى، بفضل الأنظمة الصارمة التي تضمن حماية المستهلك وتطوير المنتجات بمعايير عالية. هذا التحسن في الجودة رفع سمعة المنتجات السعودية، فأصبحت خيارًا مفضلًا ليس فقط داخل المملكة، بل في الأسواق الإقليمية والعالمية أيضًا. وليست المنتجات التحويلية والصناعية فقط، بل حتى المنتجات الاستهلاكية مثل الألبان والزيوت السعودية التي باتت تنافس نظيراتها العالمية بجودتها العالية، مما يعزز شعورنا بالفخر بكل ما هو “صنع في السعودية”.
إن عبارة “صنع في السعودية” هي أكثر من مجرد شعار؛ إنها رمز للتحول الاقتصادي والإرادة الوطنية التي تقود المملكة نحو تحقيق رؤية 2030. من خلال تعزيز الصناعات المحلية وخلق فرص العمل وبناء اقتصاد متنوع، تتجه المملكة بخطى واثقة نحو مستقبل مشرق مليء بالفرص. إن الثقة المتزايدة من المواطنين والمستهلكين والأسواق العالمية، إلى جانب دور الشباب والشابات في دفع هذا التقدم، تؤكد أننا نسير على الطريق الصحيح، وأن المملكة ستبقى منارة للابتكار والنجاح نحو تحقيق وتجاوز كافة مستهدفات رؤية 2030.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال