الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يلعب الشباب السعودي اليوم دوراً محورياً في تشكيل ملامح الاقتصاد الوطني لا سيما في ظل التحولات الجذرية التي تشهدها المملكة نحو اقتصاد متنوع قائم على المعرفة والتقنية. ومع تسارع التطور التكنولوجي في العالم لم تقف المملكة موقف المتفرّج بل تبنّت هذا التغيير وقررت أن يكون شبابها في قلب الحدث. ولعل رؤية السعودية 2030 هي الإطار الأوضح لهذا التوجه إذ تراهن المملكة على طاقات الشباب وتعمل على تمكينهم بالعلم والمهارة والخبرة خاصة في المجالات التقنية والرقمية لتكون المملكة رائدة لا فقط في المنطقة بل على مستوى العالم.
ضمن هذا المسار تأتي المبادرات الوطنية مثل مبادرة الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي “سدايا” التي تهدف إلى تأهيل الشباب السعودي للاستثمار في الذكاء الاصطناعي ليس فقط كأداة تقنية بل كفرصة اقتصادية حقيقية. فالتدريب والتعليم المستمر الذي توفره المبادرة لا يهدف إلى تخريج مبرمجين فقط بل صُنّاع حلول ورواد أعمال قادرين على تقديم أفكار ومشاريع تقنية تحل مشكلات واقعية في الصحة والتعليم والزراعة بل وتتجاوز ذلك إلى مجالات غير تقليدية. وهنا تتضح النظرة الاقتصادية الذكية: الذكاء الاصطناعي ليس رفاهية بل هو استثمار في المستقبل يخلق وظائف يرفع الإنتاجية ويقلل من الاعتماد على القطاعات التقليدية.
التوجه السعودي نحو التكنولوجيا لم يعد مجرد طموح بل أصبح واقعاً ملموساً ويتجلى ذلك في تفوق المملكة في المسابقات الدولية مثل تحقيق المركز الأول في مسابقة WAICY العالمية للذكاء الاصطناعي 2024. هذا التتويج لم يكن وليد صدفة بل نتيجة استراتيجية متكاملة مهدت الطريق أمام 1,298 طالبا سعودياً قدّموا 662 مشروعاً تقنياً في مجالات متنوعة من تطبيقات الذكاء الاصطناعي من الفن والمحتوى المرئي إلى النماذج اللغوية والبيانات. هذه الإنجازات تؤكد أن الاستثمار في العقول لا يقل أهمية عن الاستثمار في الموارد.
الذكاء الاصطناعي وغيره من مجالات التقنية الحديثة لم تعد ترفاً بل أداة حيوية لمواجهة التحديات الاقتصادية خصوصاً في زمن يشهد تقلبات في أسعار الطاقة وتغيرات سريعة في الأسواق العالمية. وبما أن الاقتصاد السعودي يسعى للتحول من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد إنتاجي قائم على الابتكار فإن تفعيل دور الشباب في هذا التحول لم يعد خياراً بل ضرورة.
ومن هذا المنطلق يجب أن يتوسع الدعم ليشمل إقامة ورش عمل وندوات دورية ليس فقط لتعليم المهارات بل لتبادل الخبرات بين الشباب أنفسهم وفتح قنوات للتعاون مع القطاع الخاص والمراكز البحثية. إن خلق بيئة محفزة للابتكار واحتضان الطموحات التقنية للشباب سيعزز من مكانة المملكة عالمياً ويُسهم في بناء اقتصاد وطني مرن قابل للنمو الذاتي وقائم على استغلال الطاقات البشرية والكفاءات المحلية.
أخيراً الاستثمار الحقيقي ليس فقط في المشاريع بل في من يُديرها. وإن راهنت المملكة على شبابها فهي تراهن على مستقبلها.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال