الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
لم تكن وليدة اليوم، او معاصرة للرئيس الأمريكي الحالي، وإنما بدأت بوادرها منذ حوالي 20 عاماً، عندما أيقن الأمريكيون ان الاقتصاد الصيني الذي انفتح على العالم مؤخراً بعد سنين من الكبت الاشتراكي اصبح من اكثر الاقتصاديات تهديدا للولايات المتحدة، رائدة الاقتصاد الرأسمالي في العالم، وقائدته، وفي عقر دارها!
في نهاية التسعينيات ربما ارتبط وبالمصادفة مفهوم العولمة المنتشر بقوة مذهلة آنذاك عندما تحول العالم الى قرية صغيرة، ببداية الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وأصبحت الأسواق الأمريكية تعج بالبضائع الصينية المتدنية الاسعار مقارنة بالبضائع الأمريكية، مما جعل الطلب يرتفع بشكل مذهل على المنتجات الصينية، وينخفض الميزان التجاري بين البلدين بالنسبة للولايات المتحدة، نتيجة ارتفاع صادرات الصين اليها، الأمر الذي قاد الإدارة الأمريكية آنذاك بشقيها السياسي والاقتصادي للتفكير مليا بمحاربة الصين وكبح تمددها الاقتصادي المذهل.
ومن الواضح ان تلك الجهود لم تفلح في الحقيقة، فقد اضحى الاقتصاد الصيني الأسرع نموا في العالم خلال ال١٠ سنوات الماضية ، يمتلك اصولا بالتريليونات، وقوة بشرية كبرى، وتكاليف انتاج متدنية، وسرعة في الإنتاج ايضا مبهرة، صاحبها تخطيط نقدي متطور نتيجة لتثبيت سعر اليوان مقابل الدولار آنذاك مدعوما باحتياطيات نقدية كبيرة.
جميع تلك العوامل جعلت الولايات المتحدة فعليا مكتوفة الأيدي أمام التقدم الصيني، ثم جاءت الأزمة المالية 2008 فجعلت امريكا مكتوفة الأيدي بشدة.
وحينما تسلم ترامب السلطة، كان الاقتصاد الأمريكي يتقدم بشكل جيد والمؤشرات أضحت اكثر نمواً، الأمر الذي جعله ينظر الى قضية الصين ومحاربتها بشكل اكبر، فتوالت التصريحات والقرارات وفرض الرسوم على بضائع ومنتجات صينية بمئات المليارات من الدولارات، ولم تقف الصين مكتوفة الأيدي بل ردت عليها بفرض رسوم أخرى على الواردات الأمريكية.
انعكاس ذلك قد يكون خطيرا، فالأسعار قد ترتفع، فقبل الطلب عليها، فيزداد حجم المخزون نتيجة لقلة المبيعات، فتزداد التكاليف على الشركات المنتجةفتضطر ربما الى تسريح بعض موظفيها فتزداد معدلات البطالة، الأمر الذي يزيد يقينا بمن يظن ان كسادا اقتصاديا يلوح بالأفق!
وفوق ذلك كله فالاحتياطي الفيدرالي الأمريكي قام مؤخرا بخفظ سعر الفائدة (قسراً) بضغط من الرئيس الامريكي، مما جعل المخاوف تزداد جراء ذلك، فانخفضت الأسواق المالية حول العالم، وشرع المستثمرون لشراء الملاذ الآمن لاستثماراتهم بدلا عن الأسهم، كالذهب والعملات الكبرى.
ولكن بتصريح عقلاني من الرئيس الأمريكي او القيادة الصينية بأن الطرفان سيتفاوضان للوصول الى حل وسط وتوقيع اتفاقيات قد تحل المسائل المعقدة للغاية بين الشقين الاقتصاديين العالميين، وينتهي بذلك صراع قد يهوي بالاقتصاد العالمي ككل. نأمل ذلك!
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال