الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في قلب المملكة يلتقي التاريخ مع الرؤية، والعراقة مع الحيوية، تنبض القصيم بإيقاع مختلف. ليست منطقة تنتظر من يُعيد اكتشافها، بل منطقة قررت أن تصنع مستقبلها بنفسها، وأن تكتب فصول تحولها بيد أميرها، وبعقول شبابها، وبمحبة أهلها. ومن يراقب المشهد هناك، كما أفعل أنا، سيدرك أن ما يجري ليس مجرد تنمية، بل وعي يتجدد، وتخطيط يتحول إلى فعل أسبوعًا بعد آخر.
وأنا أتصفح حساب إمارة القصيم على منصة إكس، لا أبحث عن خبر أو مبادرة، بل أبحث عن المشهد الكامل، عن الإيقاع المتواصل الذي لا يكاد يتوقف. كل أسبوع هناك جديد: إطلاق لمشروع، تتويج لفائز، أو لقاء يجمع الناس على محبة القصيم. ولأن الحديث عن التحولات لا يكتمل دون شواهد ملموسة، فإن مشروع نقل المياه من الجبيل إلى بريدة، الذي تتجاوز تكلفته 8.5 مليار ريال، يروي قصة القصيم بشكل مختلف. مشروع يمتد لأكثر من 587 كيلومترًا، بطاقة نقل يومية تصل إلى 650 ألف متر مكعب، ومنظومة من 9 خزانات استراتيجية بطاقة تفوق 1.6 مليون متر مكعب، ليس فقط لتأمين الإمداد، بل لدعم الزراعة والصناعة والتنمية العمرانية، ولرسم خريطة جديدة للمنطقة ضمن رؤية السعودية 2030.
ومع هذا المشروع العملاق، تتكامل الصورة بمبادرات يومية على الأرض. برنامج “براعم القرآن” مثلًا، ليس مجرد نشاط تعليمي، بل غرس لقيم تُبنى عليها المجتمعات. وكذلك جائزة القصيم للتميز والإبداع، التي تكرم الفكرة والجهد، وتمنح الاعتراف للمميزين من أبناء المنطقة. هذه التفاصيل الصغيرة هي التي تصنع الفرق في المسار الطويل.
أما على مستوى الأداء المؤسسي، فقد حققت إمارة منطقة القصيم مؤشرات متقدمة في تقرير المركز الوطني لقياس أداء الأجهزة العامة “أداء” للربع الأول من عام 2025، في شهادة وطنية على جودة الإدارة والتكامل بين الجهات الحكومية، وهي نتيجة منطقية لمن يتابع العمل المنهجي والمستمر في المنطقة.
ولأن الإنسان هو جوهر التنمية، فإن القصيم لم تغفل مجتمعها، بل احتضنته بلقاءات التلاحم، كما حدث مؤخرًا حين احتفى أهالي بريدة بأهالي عنيزة، في مشهد لا تصنعه التعليمات، بل تخلقه المحبة. واللافت أن هذه الحيوية لم تتوقف عند الكبار، بل امتدت للشباب، الذين أصبحوا جزءًا من الحراك: في ريادة الأعمال، في تنظيم الفعاليات، في المساهمة بالتقنية والمحتوى المحلي، ليكونوا شركاء حقيقيين في البناء.
كذلك تشهد القصيم اليوم تطورًا في نموذج السياحة الريفية، إذ تحولت مزارعها وقراها إلى وجهات موسمية، تستقبل الزوار بالتراث، والمنتجات المحلية، والأنشطة التي تعيد ربط الإنسان بالمكان. وهذا أحد أوجه تحقيق مستهدفات “مجتمع حيوي” ضمن الرؤية الوطنية.
أمير المنطقة، صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز، هو القلب النابض لهذا الحراك. لا يكتفي بمتابعة المشاريع، بل يعيش تفاصيلها، يراقب أداء الجهات، ويوجه الطاقات نحو الإنجاز. ومن يطالع مؤلفاته يدرك أن هذه المتابعة ليست وليدة الميدان فقط، بل نابعة من فكر متزن، وثقافة إدارية عميقة. فقد ألّف عدة كتب تعبر عن هذا العمق، من أبرزها: “المجالس المفتوحة والمفهوم الإسلامي للحكم في سياسة المملكة”، و”الدبلوماسية والمراسم الإسلامية”، و”من رسائل الملك سعود بن عبدالعزيز الدعوية”، و”الأمان الثاني”. وهي كتب أعتزم قراءتها كاملة قريبًا، لما تحمله من بعد إنساني وإداري وفكري يندر أن يجتمع بهذا الوضوح. إنها مؤلفات تجذب القارئ لا لغزارة معلوماتها فقط، بل لأنها كُتبت من رجل يعيش ما يكتب، ويحوّل فكره إلى واقع.
ختام القول..
القصيم اليوم لا تنتظر من يسلّط الضوء عليها، بل تصنع الضوء من داخلها، وتفرض حضورها بمشاريعها، وبأميرها الذي اختار أن يكون قائدًا ميدانيًا لا إداريًا خلف المكاتب. أمير يملك رؤية واضحة ويعيش تفاصيلها، يتابع الصغيرة قبل الكبيرة، ويحرص على أن تُبرز المنطقة بأفضل صورة، لا في المؤتمرات فحسب، بل في كل قرية وفعالية ومبادرة. إنه نموذج للقائد القريب، الذي يرى في كل منجز قيمة تستحق الدعم، وفي كل فكرة فرصة يمكن تحويلها إلى واقع. ما يجري في القصيم ليس مجرد نمو، بل هو وعي تنموي يتجدد كل يوم، يعكس روح المملكة الجديدة، ويجسد رؤية وطن لا يعرف التباطؤ.
ولأن لكل منطقة في القلب مكان، فللقصيم مكانة من نوع مختلف.. وسنكتب عنها لاحقًا، كما يليق بعشقٍ وُلد من حب أميرها، وتعمق بمحبة أهلها، وتضاعف مع كل خطوة تبهرنا في طريقها نحو المستقبل
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال