الأحد, 28 يوليو 2024

ماذا يريد “سوفت بنك” من الشراكة السعودية .. وما علاقة الرجل الحالم؟

FacebookTwitterWhatsAppTelegram

1111 7

صفوق الشمري

* تقرير من أعداد: د. صفوق الشمري

اقرأ المزيد

تعتبر مجموعة سوفت بنك اليابانية للاتصالات والنت والتقنية من اكبر المجموعات في اليابان وتاتي تقريبا بالمرتبة الثالثة بعد العملاقان تويوتا ومتسوبيشي. أسست المجموعة في عام 1981 وولدت كشركة اتصالات وليدة وصغيرة باسم ديجيتال فوت وكانت فرع من تلفون اليابان ، وخلال سنوات نمت المجموعة وتوسعت لتشمل الان عدة شركات كبرى سواء داخل اليابان وخارجها، فهي تملك حصص أغلبية او كبرى في عدة شركات مثل شركة الاتصالات الامريكية سبرنت التي تملك 80% منها وايضا ياهو اليابان التي تملك حوالي الثلث بالاضافة الى حصص جونغ هو للترفيه وايضا برايغتستار الامريكية ، وايضا تتملك حصصا في الشركة الصينية الشهيرة علي بابا .

99

ومؤخراً قامت سوفت بنك بواحد من اكبر الاستحواذات في عالم التقنية وهو الاستحواذ على شركة الرقائق البريطانية ارم بحوالي 32 مليار دولار . ويقف خلف هذه النجاحات والتوسع الكبير رجل هو الرئيس التنفيذي للشركة ماسايوشي سون ، هذا الرجل المولود في مدينة صغيرة قرب فوكوكا من عائلة ذات أصول كورية في مجتمع يشكل اليابانيين حوالي 98.5% من المجموعات العرقية من مجموع السكان ، ولد سون في عام 1957 لعائلة كورية فقيرة ، كما هو الحال لكثير من العوائل الكورية في اليابان ، وعانى من الفقر في بداية حياته ، لكن ذلك أكسبه مهارات حياتية جيدة.

بعد فترة تحسنت احوال ابوه ، ودخل احد المدراس الجيدة في اليابان ، كان يحلم ان يكون استاذ مدرسة لكن عرف انه سيواجه مشكلة بسبب خلفيته الكورية ، فغير الفكرة بامتلاك مدرسة وحاول إقناع المدرس بان يكون هو مدير المدرسة بينما سون المالك لانه من الصعوبة بمكان في ذلك الوقت ان تكون المدرسة تحت اسم شخص كوري ، رغم ان عائلته حاولت استخدام الأسماء اليابانية لكن المدرس رفض الفكرة.

اتخذ ماسايوشي سون قرار غير مسار حياته ، فقد سافر في سن 16 سنة الى امريكا للدراسة ، ويبدو ان سون احب المجتمع الامريكي الذي يرحب بالغرباء بغض النظر عن اصولهم ، وبدأت تظهر هناك علامات نبوغه في مجال المفاوضات ، فكان مفاوض بارع بالفطرة وله قصة شهيرة كيف اقنع مدير مدرسته وحاكم الولاية بوجهة نظره في الدراسة.

بعد ذهابه لامريكا، التحق بأحد الجامعات ومن ثم التحق بجامعة كالفورنيا بيركلي الشهيرة ، في تخصص الاقتصاد والحاسب ، اراد انشاء شركته الخاصة ، ويقال انه بعد التفكير في 300 فكرة اختار فكرة واحدة وهي اختراع مترجم لغات صوتي وباعه الى شركة شارب ب 450 الف دولار. تخرج سون من جامعة بيركلي 1989 وبدا حياته المهنية الحافلة وحصل على الجنسية اليابانية عام 1990.

SoftBank Corp. Chief Executive Masayoshi Son dumps a bucket of ice water onto himself as he takes part in the ALS ice bucket challenge at the company headquarters in Tokyo August 20, 2014. The Ice Bucket Challenge is aimed at raising awareness of � and money to fight � Amyotrophic Lateral Sclerosis, more often known as ALS or Lou Gherig's Disease. It involves participants dousing themselves with buckets of ice water, and then nominating others to do so. Nominees may also choose to donate to the cause as a way out of doing the challenge, or in addition to doing it. REUTERS/Toru Hanai (JAPAN - Tags: BUSINESS HEALTH SOCIETY TELECOMS)
سون بطبيعته انسان حالم ويسعى بعزم لا يفك لتحقيق احلامه ، بدأت امبراطورية سوفت بنك التقنية بشركة ديجيتال فون وبدات تكبر وتتوسع وتستحوذ حتى صارت تقدر بحوالي 70 مليار دولار. وهنا عرض لتواريخ مهمة في حياته الاستثمارية:

– عام 1994 تم طرح اسهم سوفت بنك في البورصة.
– عام 1996، أسس “ياهو اليابان” مع ياهو الولايات المتحدة الأمريكية.
– عام 1996، وضع “J سكاي B” مع نيوز كوربوريشن ومع روبرت مردوخ.
– عام 1999، إنشاء “ناسداك اليابان” مع سوق الأوراق المالية في بورصة ناسداك في الولايات المتحدة.
– عام 2000، افتتح سوق الاوراق المالية في بورصة ناسداك في أوساكا
– عام 2000، استثمر 20 مليون $ (¥ 2000000000) في علي بابا الصين (في وقت لاحق أن تصل إلى/ 8000000000000 80 مليار $ ين)
– عام 2001 بدأ ياهو BB
– عام 2002، تم إقفال NASDAQ اليابان
– عام 2004 اشترى شركة اليابان للاتصالات.

على الرغم من النجاحات الباهرة في حياته الا انه تعرض لصعوبات ولكبوات وسقطات كبيرة، منها مرضه بالتهاب الكبد في 1983 وأضطر لترك منصبه كرئيس تنفيذي وبقي رئيس مجلس ادارة ، وحارب المرض لثلاث سنوات كان كافيه له للتفكير ومراجعة النفس وخططه في الحياة. وفي واحدة من اقوى الصدمات ، كان سون من اكبر الخاسرين في ازمة انهيار سوق التكنولوجيا المعروفة (دوت كوم) حيث يقدر ما خسره كهبوط بالقيمة بحوالي 70 مليار دولار.
الكبوة الثالثة ، ان سون كان يخطط للتقاعد ولذلك احضر احد مسئولي غوغل البارزين وهو اراورا من أصول هندية وبدا بتحضيره ليكون الرئيس التنفيذي لكن خطة سون أصدمت بكثير من العراقيل منها مقاومة المدراء التنفيذين للمجموعة لاخطار شخص غير ياباني ومن خارج وسطهم ليقود المجموعة ، وأعلن سون قبل فترة عودته عن خطته للتقاعد والاستمرار كرئيس تنفيذي ، اما ارورا فقد قدم استقالته قبل فترة.

الكبوة الرابعة، حاول سون بقوة ان يحدث اندماج بين شركة سبرنت الامريكية للهواتف التي يمتلك حصة اغلبية فيها ولكنها كانت تعاني من بعض التعثر وخسائر وشركة تي موبايل الامريكية الشهيرة ، ولكن السلطات الفيدرالية ووزارة العدل وقفت ضد الاندماج ، وما زال الى الان يامل سون بالاندماج في تصريحات حديثة قبل عدة اسابيع.

666

السؤال ماذا يريد سون من انشاء صندوق للاستثمار في التقنية والذي اعلن قبل يومين عن مشاركة السعودية فيه عبر توقيع اتفاقية غير ملزمة لدخول صندوق الاستثمارات العامة في الصندوق الذي يقدر حجمه بـ 100 مليار دولار وقد تصل استثمارات السعودية الى 45 مليار دولار وسوفت بنك الى 25 مليار دولار، القريبين من تفكير سون يعتقدون ان الرجل يريد انشاء منظومة متكاملة في القطاع التكنولوجي ، فالبرغم من ان استحواذه على عملاق صناعة الرقائق الالكترونية البريطانية “ارم” فاجأ الكثيرين الان انه اراد بناء المنظومة التقنية من البداية ، فهو استحوذ على عملاق الرقائق التي تدخل في معظم الأجهزة الالكترونية او ما يسمى الهارد والان يسعى للاستثمار في السوفت مثل البرامج والاتصالات والترفيه.

090

ومعروف عن سون سعيه للأفكار الجديدة الخلاقة مثل دعمه للربوت الآلي بيبر الذي يحس بالمشاعر ويتفاعل مع الانسان والذي له بعض الانتشار في اليابان ، لكن سون الان يبحث عن أفكار جديدة خلاقة على مجال أوسع وبميزانية اكبر بعد انشاء الصندوق. هناك الحلم القديم الجديد وهو الاندماج بين سبرنت و تي موبيل الامريكية الذي لا يزال يداعب خياله.

masayoshi-son-8

ما فائدة السعودية من الصندق الجديد؟

لا شك ان الاستثمار بالتقنية يعتبر المستقبل بالاضافة الى عوائده الضخمة ، خصوصا مع وجود شخص مثل سون أمضى جل حياته في التكنولوجيا منذ بداية الثورة الجديدة لها ، بالاضافة الى انه مفاوض محنك جداً ويستمتع بالمفاوضات لانها فطرية بالنسبة له ،العوائد المترتبة على الاستثمار كثيرة اذا فعلا كان الصندوق سيجمع منظومة متكاملة بين الهارد والسوفت ، وسيحدث ثورة في عالم الاتصالات والترفيه ، لذلك الصحافة العالمية واليابانية اهتمت بالخبر بشكل ملحوظ بل ان الصحافة اليابانية وضعته في مقدمة أخبارها وعلقت عليه كثيرا لما له من تأثير مستقبلي على عالم التقنية.

المهم في الصندوق ان تتم الاستثمارات بتروي وحساب كل خطوة ، فصحيح ان سون خبير وذكي ولكن في نفس الوقت هو حالم ! وهو حالم إيجابي ويسعى ورأى احلامه بجد والتقنية تحمل وجهين كما في قصة حياة سون ، وجه إيجابي وتوسع هائل وايضا ربما خسائر كبرى كما في دوت كوم كراش، لكن الجانب الإيجابي يبدو اكثر أضاءت فالسيد سون يتعلم من تجاربه وسقطاته، وكلما يتعرقل فانه يقوم اقوى.

 

* طبيب وكاتب سعودي – أوساكا اليابانية

ذات صلة

المزيد