الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
مع تواصل تطبيق الإصلاحات الاقتصادية في المملكة العربية السعودية، فإن الحكومة لا تترك فرصة إلا وتستغلها في سبيل ترسيخ وضع المملكة العربية السعودية كلاعب عالمي يتمتع بعلاقات قوية ونافذة مع أقوى اقتصادات العالم. وبينما تستعد أرامكو – الشركة الأكثر ربحية في العالم – للطرح الأولي لأسهمها، فقد عمدت في نفس الوقت إلى تشكيل تحالفات استراتيجية للحفاظ على مستويات أرباحها وتنويع قاعدة عملاءها. ومن أحدث هذه التطورات الصفقة التي أبرمتها مع صناعات ريلاينس الهندية للبيتروكيماويات والتي تستحوذ أرامكو بموجبها على 20% من قيمة أسهم هذه الشركة. لقد دأبت أرامكو ولمدة 20 عاما على تزويد شركة ريلاينس بالنفط، لذلك، يتوقع من هذه الصفقة أن تقوي علاقة التعاون بين أكبر شركة منتجة للنفط في العالم، وبين أكبر مصفاة لتكرير النفط في العالم التي تمتلكها شركة ريلاينس. وبالنسبة لشركة ريلاينس، فإن هذه الصفقة تعتبر واحدة من أكبر الاستثمارات الأجنبية فيها.
ستسعى أرامكو خلال السنوات القليلة المقبلة إلى مضاعفة طاقتها الاستيعابية في مجال تكرير النفط الخام، وهي تهدف بذلك إلى تشكيل تحالفات مع أكبر الاقتصادات المستهلكة للنفط في العالم لتتحوط لنفسها من التقلبات المحتملة في ظل تنامي حالة الضبابية وعدم الوضوح التي تمر بها قطاعات النفط والغاز. ونظرا لتراجع اعتماد الولايات المتحدة الأمريكية على النفط السعودي، وتباطؤ اقتصادات الاتحاد الأوروبي، فقد دأبت المملكة العربية السعودية منذ حين على استكشاف الأسواق التي يتوقع لها أن تنمو بسرعة في المستقبل المنظور لتتحوط ضد أي تغيرات وتقلبات غير محسوبة. إن هذه الصفقة مع شركة ريلاينس وأي صفقات أخرى محتملة، تساهم في زيادة قاعدة المستهلكين للنفط السعودي، وهي قاعدة سيكون بإمكانها أن تستوعب الإنتاج المستقبلي المتزايد، وأن توفر حالة من الاستقرار في أرباح أرامكو. ومن هذا المنظور، تعتبر قارة آسيا من أسرع القارات نموا في العالم، فمن المربح التعامل مع أسواق تتسارع مستويات نموها بمعدلات ضخمة كأسواق الصين والهند وكوريا الجنوبية.
الهند هي واحدة من أكثر الدول استهلاكا للطاقة في العالم، وتأتي في المرتبة الثالثة بعد الصين والولايات المتحدة الأمريكية. وقد اعتادت الهند على شراء حاجتها من النفط من إيران وفنزويلا، ولكن هذه الدول ترزح حاليا تحت سيف العقوبات الأمريكية، وهو ما يشكل فرصة سانحة للمملكة العربية السعودية لتضع موطئ قدم لها في الاقتصاد الهندي وترسخ مكانتها باعتبارها مزود النفط الأول للهند، وتستثمر بعد ذلك في علاقات طويلة الأمد مع الاقتصاد الهندي الضخم، وهو ما سيعود بأكبر الفائدة على كلا الدولتين. وبناء على هذه الصفقة، ستقوم أرامكو بإمداد مصفاة النفط التابعة لشركة ريلاينس بكمية من النفط العربي الخام مقدارها 500 ألف برميل يوميا، وهو ما يمثل ضعف الكمية المعتادة.
راكمت شركة ريلاينس كميات ضخمة من الديون على كاهلها بسبب سعيها للتحول نحو الاستثمار في قطاع الاتصالات والتكنولوجيا الهندي. ويتمثل الهدف الرئيسي للشركة حاليا في أن تتحول إلى شركة بلا ديون بحلول شهر مارس من العام 2021، وبما أن هذه الصفقة مع أرامكو ستدر على الشركة أموالا تصل إلى 15 مليار دولار أمريكي، فإن هذا سيساعد دون شك شركة ريلاينس في تخفيض حجم مديونيتها الضخمة البالغة 42 مليار دولار أمريكي. كما ستتمكن شركة ريلاينس من خلال هذه الصفقة أن تستفيد من التكنولوجيا والخبرة الإدارية والاستثمارات في البحث والتطوير التي تتمتع بها شركة عالمية بحجم شركة أرامكو، وهو ما سيؤدي بالضرورة إلى الارتقاء بمهنية ومعايير وفاعلية العمليات الإدارية والتجارية لشركة ريلاينس.
تتمتع شركة ريلاينس بسمعة جيدة في الهند، وهي معروفة لكل الهنود وتصل إلى كافة المواقع على امتداد مساحة شبه القارة الهندية، لذلك فهي استثمار جذاب للغاية بالنسبة لشركة أرامكو. ومع ذلك، فإن هذه الصفقة ما تزال في مراحلها الأولية وتخضع لإجراءات الفحص النافي للجهالة ، فقد تم الإعلان عن هذه الصفقة من خلال السيد (موكيش أمباني) رئيس مجلس إدارة ريلاينس في اجتماع الجمعية العمومية السنوي العام للشركة، ولم يتم إتمام الصفقة منذ ذلك الحين. تنبع حساسية هذه الصفقة من حقيقة أن أرامكو هي أكبر مدر للسيولة النقدية في المملكة العربية السعودية، لذلك يتحتم عليها أن تضمن استمرار تدفق هذه السيولة النقدية بشكل مستدام في المستقبل دون أن يؤثر على ذلك الصفقات التي تعقدها الشركة مع الأطراف المحلية والدولية. ومن شأن هذه السيولة النقدية الهائلة أن تسهم في دعم ميزانية وخطط المملكة لتخفيض اعتمادها على النفط كمصدر رئيسي للدخل والبحث عن مصادر أخرى واعدة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال