الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
بداية، لا بد من الاشادة بجهود وزارة التعليم في تطويرها المستمر للمناهج التعليمية وما تحتويه من علوم حديثة مع تأصيل لقيمنا الإسلامية والعربية وتعزيز لهويتنا الوطنية. هذه الجهود تعكس رؤيتنا التي وُضِعَت لأجيال المستقبل لكي ينعموا ببلد “ما مثله بلد”.
أيضاً، لابد من الثناء على الوزارة في جرأتها على مواجهة التحديات في التعليم. ومن هذه التحديات – كما هو موضح على موقع الوزارة تحت عنوان برنامج التحول الوطني 2020 – ضعف المهارات الشخصية والتفكير الناقد لدى طلابنا. لذلك عُرِّفت أهداف ثمانية عامة للتعليم ومن ضمنها “تحسين البيئة التعليمية المحفزة للإبداع والابتكار” وأيضا “تعزيز القيم والمهارات للطلبة”.
قد لا نحتاج للبحث عن حلول تتطلب وقت طويل لكي تطبق أو عسيرة التطبيق لأجل تحقيق الأهداف المرجوة. توجد أدوات تخدم تطلعاتنا وبين أيدينا ولكن غير متنبهين لها. على سبيل المثال، لعبة الشطرنج!
والسؤال هنا: ماذا في لعبة الشطرنج وما علاقة هذه اللعبة بالتعليم المحفز للإبداع والابتكار وصقل المهارات؟
كانت أرمينيا أول دولة في العالم تفرض لعبة الشطرنج كمادة إجبارية في المدارس عام 2011. والنتائج حفزت عدة دول أخرى لتطبيق ذات التجربة. مثل المجر (هنجاريا) التي اعتمدت الشطرنج كمادة ضمن مناهجها التعليمية في عام 2013 بالرغم من أنها معروفة بأداء طلابها المتميز في مادتي الرياضيات والفيزياء. وأيضاً تتواجد لعبة الشطرنج – اليوم – ضمن المقرر التعليمي في 800 مدرسة في المملكة المتحدة (بريطانيا).
هذا العام، أعلنت وزيرة التعليم الروسية أن لعبة الشطرنج ستصبح مادة إلزامية في المدارس الابتدائية في روسيا. لما لها من تأثير إيجابي على التحصيل التعليمي للطلاب. حيث سيمارس جميع طلاب المرحلة التعليمية الأولى – والتي تمتد الى أربع سنوات – لعبة الشطرنج لمدة 33 ساعة شهرياً على الأقل.
حسب دراسة للاتحاد الأمريكي للشطرنج لمعرفة آثار اللعبة على الطلاب في سن مبكرة، وُجِدَ أن ممارسة الشطرنج تساهم بشكل فاعل في بناء منهجية الفكر العميق. مما يؤدي الى رفع قدرة الطالب على التركيز في الدراسة. إضافة الى تطوير شخصيته وصقل سلوكه نحو الجدية.
أيضاً، لوحظ أنها تُكسِب الطالب مهارات الصبر والتنبؤ والتخطيط الاستراتيجي والمناورات التكتيكية. وبمجرد البدء في ممارسة اللعبة، يكون الانعكاس واضح وفوري على مستوى التحصيل التعليمي للطالب بسبب التحفيز والتنافس مع أقرانه.
كما أن الهدوء الذي يتحلى به الطالب أثناء ممارسة اللعبة ينعكس إيجاباً على شخصيته. والأهم في نتائج هذه الدراسة أن لعبة الشطرنج ترسخ القيم الأخلاقية عند الطالب. وترتقي بمشاعره وعلاقاته في محيطه الاجتماعي.
اليوم، تُعْتبر أعرض قاعدة اجتماعية في عديد من البلدان المتقدمة مثل روسيا والولايات المتحدة وألمانيا والمملكة المتحدة والهند هي مجتمعات لاعبي الشطرنج. وربما هذا يساهم في تفسير ظاهرة أن هذه الدول تكتظ بالعلماء والمبتكرين ورواد الأعمال!
إذا كنا نتحدث عن مخرجات تساهم في خدمة المحاور الأساس لرؤية المملكة 2030 (مجتمع حيوي، اقتصاد مزدهر، وطن طموح) والحفاظ على المكتسبات الوطنية والمنافسة، فنحن نعني تعليم يؤسس مواطن ينتمي للمستقبل، بمهارات قوية، مفكر، واثق من نفسه، لا يتأثر بأي أجندات مُغْرِضَة، وذو سلوك ريادي (مبتكر ومبدع).
لذلك، إيجاد مكان للعبة الشطرنج ضمن مناهجنا الدراسية ربما يحِلْ الكثير من التحديات التي تواجهها وزارة التعليم فيما يتعلق بعلاج ضعف المهارات الشخصية والقدرة على التفكير الناقد لدى الطلاب، في فترة زمنية قياسية وبأقل التكاليف.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال