الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في زمنٍ باتت فيه الجغرافيا ملعبًا للقلق، والسياسة مرآةً للارتباك، والأسواق كائنات هشّة ترتعش أمام أدنى اضطراب، تظهر المملكة كاستثناءٍ صلب في معادلة هشة.
ليست بمنأى عن العواصف، لكنها لا تسمح لها بأن تُربك مسارها. تسمع ضجيج المنطقة دون أن ترفع صوتها على إيقاعه. تتغير خرائط النفوذ والتحالفات، وتبقى وجهتها واضحة، لأنها تنطلق من رؤية لا تُبنى على ردود الأفعال، بل على استباقها.
نحمد الله على نعمة قيادتنا، وعلى قوة بلادنا، وعلى أمنٍ ننام في ظله بسلام، ورؤيةٍ لم تُقصِ جانبًا من الحياة، بل وسّعته، وأعادت رسم معناه، ووضعتنا على مسار لا ينتظر العالم ليتّزن، بل يصنع اتزانه الخاص.
ومن جهودها الرامية لخفض التصعيد والتوترات، وحشد وتوحيد كافة الجهود لمنع تفاقم الأزمات، والحفاظ على الأمن والسلم الإقليمي، تلعب السعودية دورًا محوريًا في احتواء التوترات الإقليمية، وتعبّر عن إدانتها واستنكارها الشديد للهجمات التي شنتها إسرائيل على أراضي الجمهورية الإسلامية الإيرانية الشقيقة، والتي تمثل انتهاكًا صريحًا لسيادتها، ومخالفة واضحة للقوانين والأعراف الدولية.
ونظرًا للظروف التي تمر بها الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وجّه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز –حفظه الله– وبناءً على ما عرضه سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وزارة الحج والعمرة بتسهيل كافة احتياجات الحجاج الإيرانيين، وتوفير جميع الخدمات اللازمة لهم، حتى تتهيأ الظروف لعودتهم إلى وطنهم وأهليهم سالمين.
وبقيادة ولي العهد السعودي، تقود المملكة جهودًا دبلوماسية متواصلة لخفض التصعيد الذي نجم عن تلك الهجمات، ومنع تفاقم الأوضاع، والحفاظ على أمن واستقرار المنطقة، انطلاقًا من نهج يُعلي من لغة التهدئة، ويرفض منطق المواجهة.
هذا الدور لا يقتصر على البيانات والمواقف، بل يتجلى في الاتصالات المباشرة التي يُجريها ولي العهد مع قادة الدول المؤثرة، وفي الحراك السياسي الذي يهدف إلى تجنيب المنطقة مزيدًا من التوتر، وتفادي الدخول في مواجهات لا تُخدم فيها المصالح الإقليمية ولا الدولية.
ويمتد هذا الدور إلى تحركات ميدانية يقودها وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، من خلال لقاءات واتصالات متواصلة مع وزراء خارجية الدول المؤثرة وغيرها من الدول، لدعم المسارات السياسية وحشد الجهود الدولية لتفادي الانزلاق نحو المواجهات.
وفي هذا الإطار، صدر بيان واضح عن وزارة الخارجية يعبّر عن موقف المملكة الثابت تجاه خفض التوترات وتجنب التصعيد، والتأكيد على أهمية احترام السيادة وعدم زعزعة أمن واستقرار المنطقة.
وفي خضم هذه المعادلة الدقيقة بين السياسة والاقتصاد، تتجلى خصوصية التجربة السعودية.
فوسط كل هذا التصعيد السياسي والعسكري، يبرز سؤال منطقي للجميع:
لماذا لم تتأثر الأسهم السعودية؟ ولماذا ظل المؤشر العام صامدًا بل ومتفوقًا في بعض الفترات؟
الإجابة لا تنفصل عن حقيقة قوة الاقتصاد السعودي ورسوخه. ففي ظل الأزمات الجيوسياسية، تتراجع أغلب الأسواق العالمية، وتُصاب بالذعر، بينما حافظ السوق السعودي على توازنه، مدفوعًا بعوامل اقتصادية متينة وثقة استثمارية عالية.
فخلال السنوات الماضية، شهدت المنطقة عددًا من التوترات العسكرية والسياسية الكبرى، من تفجيرات واغتيالات إلى اضطرابات حدودية وأحداث طالت منشآت حيوية، ومع ذلك، لم تتراجع الثقة بالسوق السعودية، بل تعزز الأداء، واستمر تدفق الاستثمارات، وارتفعت المؤشرات في أوقات كان من المتوقع أن تهبط فيها.
جزء من هذه الثقة ينبع من استقرار المملكة وموثوقية بنيتها التحتية، خصوصًا في قطاع الطيران. فقد أظهرت بيانات تتبع حركة الرحلات الجوية الدولية أن عددًا كبيرًا من شركات الطيران حول العالم اختارت مؤخرًا استخدام الأجواء السعودية كمسار بديل في ظل التوترات، لما تتمتع به من أمان واستقرار، وقدرة عالية على استيعاب الحركة الجوية حتى في الظروف الطارئة، بفضل منظومة ملاحة متقدمة وبنية تحتية مطاراتية تواكب المعايير العالمية.
وتُعد السوق المالية السعودية الأكبر في المنطقة، والأكثر استقرارًا بين نظيراتها الإقليميّات، وهو ما جعلها وجهة مفضلة لرؤوس الأموال الباحثة عن بيئة آمنة ومستقرة. وهذا ليس رأيًا محليًا فقط، بل حقيقة تعكسها مؤشرات الأسواق وصناديق الاستثمار الدولية التي واصلت ضخ السيولة في السوق السعودي حتى في فترات الاضطراب.
ختام القول.. المملكة العربية السعودية لم تكن يومًا رهينة للأزمات، بل كانت دائمًا من يصنع الاستقرار وسط الفوضى، ويقود الاتزان في زمن الاضطراب.
تمضي بثقة، وتفاجئ العالم دائمًا بالأفضل.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال