الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
اعتادت عائلة على ارتياد أحد المطاعم الشهيرة والتي دائماً ما تقدّم ضيافة مجانية تتضمن بعض أنواع الخبز الشهيّة، إلا أنه في أحد الأيام، تفاجأ الزبائن بعدم تقديم هذه الضيافة المجانية، وأبلغهم النادل حين استفسارهم عن ذلك، بأنه يتعيّن عليهم الدفع للحصول على هذا الطلب حيث أنه لم يعد مجانيًّا، فأصيب الزبائن بحالة من الإحباط والانزعاج إزاء ذلك، وعند طلبهم لكافة الأطباق ووصولها على الطاولة، لم تنل سلطة الشمندر استحسان الأم، فطلبت استبدالها بنوع آخر من أنواع السلطات، وإلغاء طلب سلطة الشمندر، إلا أن النادل أخبرها بأنه لا يمكنه إلغاء الطلب من الفاتورة، وأنه سيتعيّن عليها دفع ثمنها، وهنا بدأ الخلاف، وامتعضت الأم كثيراً، وذكرت أنه في كل المطاعم التي ترتادها، كان بإمكانها إلغاء أو استبدال أي طلب لم ينل استحسانها، بل أنه في كثير من الأحيان يبادر النادل باقتراح بديل لأي طلب يعلم أنّ الزبائن لم يتقبّلوه.
كانت توقعات هذه السيدة مبنية على تجارب مطاعم معينة وبمستوى رفيع من الخدمة، وتفاجأت حين خالفت خدمة هذا المطعم كل توقعاتها، مما أصابها بالإحباط بداية مع عدم الحصول على الضيافة المعتادة، ثم الجدال والخلاف مع النادل بخصوص رفض استبدال طلبها.
هذا الخلاف الذي حصل في المطعم نشأ بكل بساطة من عدم توافق الخدمة المقدمة مع توقعات الزبائن، وتجدر الإشارة هنا لما يعرف بنموذج “التوقع ونفي التوقعات”، Expectancy-Disconfirmation Model-EDM، والذي يستخدم ضمن إطار قياس رضا العميل، حيث يشير النموذج إلى أن رضا العميل مرتبط بشكل مباشر بالتوقعات المسبقة في ذهنه عن الخدمة أو المنتج، سواء من تجربة سابقة، أو من إعلان ترويجي، أو مراجعة لمستخدم آخر.
إن تأمّلنا في عموم خلافاتنا، فسنلحظ تباين التوقعات ما بين أطراف الخلاف، في شتى الأصعدة، وحول كبرى القضايا وأصغرها، نرى ذلك بين المدير وموظفيه، وبين الشركات ومستثمريها، بين الزوج وزوجته، والوالدين وأطفالهم.
هناك مستويان من التوقعات التي بحاجة لضبط وإدارة:
الأول هو التوقعات التي تنشأ من الأعراف والتقاليد وطبيعة الوسط المحيط بنا، كأن نتوقع عند مصافحة الناس أن يقفوا احتراماً وتقديراً، أو أن نتوقع ممن يتأخر عن موعده – ولو لدقائق – بأن يعتذر عن تأخيره. مخالفة هذا النوع من التوقعات قد تتسبب بإحباط، أو انزعاج لدى الطرف الآخر، وقد تتطور لتصل لحالة من الخلاف.
في المستوى الثاني، هناك توقعات على درجة أعلى، وهي التوقعات التي ترقى لمستوى الالتزام والشروط التعاقدية، ومخالفتها تتسبب بخلافات أكبر لكونها توقعات موثّقة ومتّفق عليها كتابة، وليست مجرد توقعات نابعة عن أعراف ربما لا تكون واضحة ومتفق عليها من الآخرين. مخالفة هذا المستوى من التوقعات من الأرجح أن تتسبب بخلاف أعمق.
عمليًّا، علينا السعي لتوضيح التوقعات ابتداءً، عند تأسيس شراكة معينة، أو مشروع معين، أو في العلاقات، فكلما كانت الأمور واضحة كلما قلّت احتمالية نشوب خلافات، وبطبيعة الحال لا تحظى جميع شراكاتنا ومشاريعنا بالقدر نفسه من الجهد التواصلي لتوضيح هذه التوقعات، فقد تسير بعض الأمور بشكل عفوي ويتفاجأ الطرفان بتصرفات وبخطوات كل طرف، وهنا تأتي أهمية التحلي بالوعي بأن هذه التصرفات لم تكن بالضرورة لغرض الإضرار أو الانتقاص من الطرف الآخر، إنما نشأت بسبب تباين المنطلقات والتوقعات لكل طرف، لذلك من الأجدر لكلا الطرفين التواصل وتبيان ذلك، والرجوع لخط أساس واضح من التوقعات مستقبلًا.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال