الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
رفع الرجل ذو الملامح الصينية قبعته المصنوعة من القش وهو يرمق رجلاً ذو ملامح شرق أوسطية بنظرة ذات مغزى، فباغته الاخير بالسؤال: كيف سندخل البضاعة المقلدة للسعودية؟ هل لديك حلول؟ لقد تعطلت مصالحنا بسبب تأخيركم!! رد عليه الصيني بهدوء وبلغة انجليزية رصينة؛ لا تقلق سيحل الموضوع اصدقائنا “أصفهاني واسطنبولي” في الميناء الشهير القريب منكم. وستكون بضاعتك بمستودعات شركتكم بجدة في الموعد المتفق عليه.
القصة أعلاه خيالية وأي ربط بينها وبين الواقع هو ضرب من الجنون، وعلى من يصدقها أن ينعزل لفترة عن العالم الافتراضي، حتى تصدر قرارات حكومية حاسمة بهذا الصدد. تلافياً للتنمر الذي قد يقع عليه!!
الحقيقة ان فلسفة إقامة مناطق حرة قرب الموانئ ترتبط ارتباطاً وثيقاً بوجود أسواق أخرى سيتم التصدير لها، فتكون هذه المنطقة مخصصة بشكل كبير لأنشطة إعادة التعبئة والتغليف، وسرياً قد يتم التلاعب بالمكونات، مع تعديل ملصقات بلد الإنتاج من البلد الأصلي إلى بلد التعبئة او بلد اخر – الممر السريع- وهذا يعطي موثوقية عالية للمنتج بأنه على سبيل المثال في حالتنا – منتج خليجي- ولكن مع الأسف لا يوجد شخص خليجي واحد يتدخل في هذه المعادلة. وربما لو كان هناك مواطنون قائمون على الإدارة والفحص والتغليف واعادة التصدير، لتمكنا من تلاقي اغلب المشاكل القائمة.
نشرت الصحف أخبار متواترة عن الدجاج المصعوق والأدوية التي تم التلاعب بمكوناتها والتي تقدم لنا على أنها – منتج خليجي- بينما الحقيقة انه لم يعاينها او يلمسها خليجي قط! بل على العكس نتفاجأ بأن بعض الشركات هناك مملوكة جزئياً ويعمل بها أفراد وكيانات تابعة لدول لا تضمر لنا خيراً.
لن اتطرق لمشكلة الدخان المغشوش، والتي قتلت بحثاً وسيتم حسمها قريباً من الهيئات المتخصصة بالمملكة، ولكنني من هذا السياق أدعو هيئة الرقابة ومكافحة الفساد إلى فتح ملفات التلاعب بالمكونات وتعديل ملصقات ومستندات بلد المنشأ واستغلال علاقتنا المميزة مع دول مجاورة لتمرير بضائع -مقلدة- او فاسدة إلى المملكة، وهذا لن يمكن تحقيقه الا من خلال التحريات في المناطق الحرة المجاورة، وسيجدون هناك ما قد يملأ مئات الصفحات من التقارير، وقد يتم بناءً عليها ضبط المئات من صغار وكبار التجار.
الجدير بالذكر ان هناك الكثير من البضائع المستوردة عبر المناطق الحرة وغيرها يوضع عليها الختم الشهير – هذا المنتج مخصص للتصدير- لانه طبعاً لم يخضع لاختبارات الجودة الداخلي الصارم، ولا ترضى حكومات تلك الدول على شعبهم باستهلاك بضائع غير موثوقة، وبالتالي يتم تصديرها إلى السعودية عبر تاجر جشع بثمن بخس، ويسوقه لنا على أنه – المنتج الخليجي الفاخر-!!
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال