الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
باحث في مجال الأعمال
alolayana@
بحسب احصائيه لوزارة العمل الأمريكية فإن حوالي ٦٠٪ من مشاريع رواد الأعمال تفشل في الخمس سنوات الأُول من عمرها، وتختلف نسبة فشلها من قطاع إلى آخر فمثلاً في قطاع المعلومات والاتصالات تصل النسبة إلى حوالي ٧٠٪، وفي قطاع التأمين والعقارات يصل إلي حوال ال٤٥٪. و إذا نظرنا إلى أفضل ٥٠٠ شركة في الولايات المتحده الأمريكية في عام ٢٠٠٠، سنجد أن ٤٠٪ من هذه الشركات تبدلت بشركات أخرى في عام 2010. وعلى الرغم من الدراسات والجهود التي بذلت في الولايات المتحدة الأمريكية خلال السنوات الماضية وانتشار تعليم ريادة الأعمال ومسرعاتها في الجامعات ومراكز تجمع الرواد علي مختلف الولايات، إلا أن هذه الجهود لم تفلح بتقليل نسبة المشاريع الريادية الفاشلة إلا بنسبة ضئيلة.
في السعودية, وعلي الرغم من عدم وجود احصائيات دقيقة, إلا أن هناك عدد من التقارير تشير إلي أن عدد المشاريع التي لم يكتب لها النجاح تقدر بأكثر من 60٪ في السنوات الخمس الأول من عمر المشروع. وفي ظل الدعم الذي يلقاه رواد الأعمال في السعودية يبرز السؤال هنا حول هل نستطيع تخفيف نسبة فشل هذه المشاريع؟ هل بامكاننا توجيه بعض مواردنا وبرامجنا في السعودية نحو تهيئة بيئة أفضل تساهم في زيادة نسبة نجاح المشاريع؟ أم أنه وحتى تخرج لنا مشاريع ناجحة لابد أن تفشل مشاريع أخرى؟ وهل فشل معظم هذه المشاريع قدر محتوم؟
حاولت نظريه ضريبه البدء (Liability of newness)، التي طوّرها ستنشكومب (Stinchcombe,1965) في مقالته البنية الاجتماعية والمنظمات أن تفسر أسباب الفشل حيث يشبه المشروع الجديد بالمولود، وعند ولادة المولود فإن والداه يولونه عناية خاصه، حيث يأخذ التطعيمات اللازمة، ويتعلم من خلال هذه العناية الخاصة كيف يحبو ثم يمشي، كيف يتأتأ ثم يتكلم، ويتعلم من خلال ذلك أيضاً كيف يتواصل مع الناس، يذهب للمدرسة لتهيئته للمجتمع، حتي يصل لمرحله من النضج والشباب بحيث يعرف عادات المجتمع اللي حوله، وكيف يتعامل ويتفاعل معه ويصبح قادراً على التعامل مع متغيراته وأكبر قدرة للاستقرار والعمل لتحقيق أهدافه.
يشير ستنشكومب إلي أن المجتمع عبارة عن منظومة اجتماعية معينة لها عاداتها وتقاليدها وطرق تواصل معينة التي استقرت منذ عقود من الزمن، فإذا أرادت منشأة (جديدة) أن تنضم لهذه المنظومة الاجتماعية، فإنها تحتاج إلي زمن تقدم فيه نفسها للمجتمع وتتعرف عليه، وتبني لها نظام معين تستطيع من خلاله التعود علي البيئة المحيطة بها، وتعّرف العاملين علي هذه البيئة الداخلية والخارجية. وتلخص نظرية ضريبة البدء أسباب أن المنشآت الحديثة هي أكثر عرضه للموت أو الفشل من المنشآت المعمرة بالتالي:
١- يحتاج العاملون في المنشآت الحديثة إلى التعود على التفاعل مع الأنظمة والهيكلة الداخلية للمنشأة الحديثة ، وهذا بطبيعة الحال يأخذ وقت وجهد وقد تفشل المنشأة في تطبيقه
٢- تحتاج المنشآة للوقت والجهد لبناء الثقة بين الموظفين حيث أنهم غالباً يعملون سوياً لأول مرة
٣- تحتاج المنشآة للوقت والجهد لبناء علاقات مع العملاء
يجدر لفت الانتباه إلى أن ليس جميع فئات المجتمع لها نفس نسبة الفشل, حيث تشير الدراسات أن نسبة نجاح مشاريع أبناء العوائل التي لها تاريخ بالتجارة والأعمال أعلى بشكل لافت من نسبة بقية العوائل، ويُفسر ذلك إلى أن أبناء العوائل التجارية يستفيدون من علاقات عائلاتهم ومن فرص الحصول على قروض أو دعم مادي من عوائلهم في وقت الحاجة. كما أن أبناء العوائل التجارية تختلف دوافع بداياتهم عن غيرهم، فقد أشارت دراسة قام بها سينق وماكدونالد إلى أنه على الرغم من أن الدافع المادي موجود عند أغلب رواد الأعمال، إلا أن دافع بداية المشروع التجاري لرواد الأعمال من العوائل التجارية يميل إلى اثبات الذات, بينما الدافع لدى بقية رواد الأعمال هو القيام بالمسوؤليات الأساسية لنفسه ولعائلته.
إن نسبة فشل المشاريع يختلف مناطقياً أيضاً، فالمشروع الذي يبدأ بالرياض غير الذي يبدأ في صبيا، والذي يفتتح في جده غير الذي يفتتح في ضباء، ولذلك أعتقد بأننا إذا أردنا تقليل نسبة الفشل فينبغي علينا إن نطور برامج وحاضنات ومسرعات أعمال, وتفضيلات أيضاً موجهه لفئات ومناطق معينة بحيث نشجع رواد الأعمال فيها. فمثلاً هناك مسرعات أعمال وجوائز لرواد الأعمال من السود أو اللاتينو في أمريكا تعمل على دعم وتحفيز رواد الأعمال بينهم.
هناك مثل يقول “لكل مجتهد نصيب”، وهذا صحيح، لكن المجتهد من منطقة معينة وعائلة معينة يختلف نجاحه كماً وكيفاً عن المجتهد من منطقة أخرى وعائلة أخرى، وعلى الرغم من أن احتماليه الفشل والنجاح واردة من كل مشروع، إلا أن قدرات وظروف رواد ورائدات الأعمال تختلف من فرد لآخر في مواجهة هذا الفشل وربما تجاوزه أو الحد من آثاره، ولذلك وعندما نجيب علي التساؤل أعلاه “هل فشل معظم المشاريع الرياديه قدر محتوم؟” فإنني اعتقد بأن الإجابة هي نعم، لكن نستطيع تخفيف هذه النسبة أو على الأقل من آثارها من خلال تهيئة بيئة مناسبة لريادة الأعمال، وبرامج حكومية ومجتمعية موجهه لفئات وأفراد ومناطق أقلاً حظاً.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال