الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
محمد هو موظف بسيط، يسكن أحد أحياء المدينة التي عاش فيها لسنوات طويلة غارقاَ بين مهام العمل، واحتياجات المنزل حتى اقترب من سن النظامي للتقاعد فبدأ يستدرك. فكر مليا في الوسيلة الأنجع للاستفادة من مدخراته، فلم يجد أفضل من اقتراح صديقه عبد الله، الذي دائما ما كان يكرر بأن الاستثمار في قطاع المنتجات الغذائية سيكون هو الجواد الرابح.
كان ذلك قبل عدة سنوات، استفاد خلالها من الدخل الثابت، لكنه للأسف الشديد لم يدرك خلال تلك الفترة الطويلة أهمية المتابعة المستمرة لأحدث أساليب العمل. لم يدر بخلده بأن العملاء بطبيعتهم يسعون للأفضل، وهم في حالة بحث مستمر عن أحدث التقنيات. في أبسط الأحوال نستطيع أن نقول بأن محمد لم يكن ينبغي أن ينتظر حتى تجبره الظروف التي نمر بها اليوم، ليبدأ بتقديم خدمات توصيل الطلبات عن طريق التطبيقات الإلكترونية.
اليوم أعتقد أن أمام محمد وغيره من أصحاب البقالات الصغيرة في الأحياء فرصة من نوع جديد، على أن استغلالها بشكل جيد يحتاج كثير من الجهد، الذي سيؤتي ثماره لا محالة مع الوقت. نقطة البداية ستكون من معرفة أن كل عميل يدخل إلى المتجر في الأسابيع القادمة هو من سكان الحي، و هذا هو الحي الذي قررت أنت كبائع أن تقوم بخدمته بشكل مسبق.
التعرف على احتياجاتهم في هذه المرحلة، وتوطيد العلاقة بهم سيكون له آثار كبيرة على تحسين الخدمة في النطاق المكاني وتقديم تجربة أفضل. عليك أن تبدأ باكتشاف الفرق بين الاحتياج الفعلي والرغبات في هذه المرحلة تحديدا. وعلى قدر المعرفة يكون حجم النمو في الأعمال، لذلك شجعهم على التفاعل دوما. مفهوم الولاء هو مفهوم نتحدث عن أهميته كثيرا، وتزداد هذه الأهمية مع كون هذا الولاء أكثر قابلية للتطبيق، على اعتبار أن العملاء هم أشخاص مقربون. الأمر ذاته قد ينطبق إلى حد ما وبدرجات مختلفة على أصحاب الصيدليات ومحطات الوقود. أعلم جيدا أن الظروف تفرض نفسها ن حيث نوع المنتجات التي يتم طلبها، ومع ذلك أرى أن القدرة على قراءة السلوك في هذه الفترة مهم جدا.
لازلت أذكرالدور الذي طالما كان يقوم به بائع الحي من خلال قدرته على توقع الاحتياجات المستقبلية للسكان، بناء على معرفته بسلوكهم الاستهلاكي.
خلال الأيام القليلة الماضية وصلتني كما وصلت الكثيرغيري، دعوات لحضور ملتقيات افتراضية ، بعضها كان يهدف لشرح آلية وضع خطة أزمات، وطريقة تطبيقها على أرض الواقع. شخصيَا فأنا لا أنكر سعادتي الكبيرة بهذا الحراك العلمي الذي نشاهد أثره على الساحة مؤخراَ، فهو إن دل على شيء، إنما يدل على أننا مقبلون على توجه عام نحو المطالعة والمعرفة، حيث بتنا ندرك درجة تأثيرها في حياتنا اليومية.
وبالرغم من سعادتي الغامرة بكل تلك الأدوات، التي تهدف للتحفيز على إطلاق أطر عامة يمكن أن تهم الجميع في المرحلة الحالية، إلا أنني أؤمن بأن كثير من الفرص بين أيدينا اليوم تحتاج فقط لاستدراك عاجل لطبيعة الأمور، تماما كقصة محمد.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال