الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
هل يمكن لبرامج مواطنة الشركات أو ما يعرف بالمسؤولية الاجتماعية لشركات القطاع الخاص أن تساهم في إيجاد وتطوير وتمويل المنشآت الصغيرة بالمملكة؟
الإجابة بكل تأكيد نعم. ولكن موضوع المنشآت الصغيرة يتطلب منظور خاص في برامج المسؤولية الاجتماعية للشركات. هناك حاجة لأن يُحدِد البرنامج من هم الذين سيدعمهم. وهذا يعتمد على الهدف الأساس للبرنامج نفسه. فإما أن يكون في تحسين الوضع المعيشي (الحد من الفقر) أو تعزيز النمو الاقتصادي، من خلال إنشاء شركات تجارية صغيرة منتجة. الهدفان مختلفان وأدوات كل هدف مختلفة بحكم اختلاف الظروف والسمات لشخص عاطل عن العمل ويريد أن يسترزق من خلال عمل خاص، وموظف سابق قرر أن يصبح رجل أعمال.
هذا يستدعي التنبه لحزمتين من التحديات لابد من مراعاتها أثناء تصميم برامج مسؤولية اجتماعية تساهم في تطوير وبناء المنشآت الصغيرة. الحزمة الأولى يمكن تلخيصها في شكل ثلاث أسئلة تحتاج لإجابات دقيقة قبل وضع وتنفيذ أي برنامج في هذا التوجه:
السؤال الأول
ما هو الغرض من برنامج المسؤولية الاجتماعية للشركة في ظل اعتبار كل من المساهمة في النمو الاقتصادي الوطني واستراتيجيات وأهداف الشركة نفسها؟ بالرغم من أن دور المسؤولية الاجتماعية للشركات تجاه دعم وإيجاد منشآت صغيرة أصبح معروفًا هذه الأيام للشركات وكذلك الحكومات خاصة في الغرب، إلا أن الثقافات الاجتماعية المختلفة – في دول كثيرة والمملكة منهم – قد لا تزال لديها وجهات نظرها الخاصة أو علامات استفهام تجاه مثل هذه البرامج. ومع ذلك، يمكن معالجة هذه المسألة إذا كانت استراتيجية برنامج المسؤولية الاجتماعية للشركة مُعرّفة ومُحدّدة بعناية. بحيث لا تبدو كمناورات علاقات عامة. ولكن مُحدّدة الهدف إذا ما كان لغرض المساهمة في تطوير بيئة المنشآت الصغيرة التي تساهم في تعزيز الاقتصاد وخلق فرص العمل.
السؤال الثاني
ماذا يقصد بمنشآت صغيرة؟ اليوم، النظريات الاقتصادية مدفوعة نحو تطوير ايديولوجيتها بسبب وظائف برامج المسؤولية الاجتماعية للشركات. لذلك، يجب الانتباه إلى أن هذه البرامج الهادفة للمساهمة في تطوير بيئة المنشآت الصغيرة لا بد أن يكون تعريفها متواكب مع ما تمليه مصالح المساهمين في الشركات بناءً على مفهوم تعظيم القيمة من وجهة نظرهم. مع الأخذ في الاعتبار القضايا الحساسة للمساهمين مثل العائد على الاستثمار، وتقليل المخاطر، والاستدامة. وهذا بالضرورة يحتاج من المساهمين في الشركة وإدارتها العليا أن يؤمنوا بما سوف يقومون به. وأن يتحققوا دائما من أن مبادرتهم في المسؤولية الاجتماعية – لدعم وتطوير المنشآت الصغيرة – في الإطار العام للشركة وبحضور ملموس. وله عائد على المجتمع والشركة في ظل القيمة المكتسبة العامة. وأن تعمل هذه البرامج في مجالات جذابة للاستثمار فيها ومقنعة.
السؤال الثالث
ما هي التشريعيات المؤثرة والهامة التي يجب على قادة برامج المسؤولية الاجتماعية للشركات وصناع القرار أخذها في الاعتبار أثناء دعمهم لتطوير روح المبادرة التي يكون نتاجها منشآت صغيرة فاعلة؟ يجب على قيادات مثل هذه البرامج في الشركات إعطاء اهتمام خاص لمساعدة واضعي السياسات لتهيئة البيئة المناسبة لمن سيتم دعمهم لإنشاء منشآتهم. سواء كان الهدف هو المساعدة في منع الفقر والتغيّر الاجتماعي أو تعزيز عمليات النمو الاقتصادي من خلال إنشاء شركات صغيرة جديدة.
أما الحزمة الثانية من التحديات فهي متعلقة بنجاح الوصول الى مخرجات برامج المسؤولية الاجتماعية للشركات. لأنها تلامس روح المبادرة للشركات في استمرارية عمليات تطوير برامج المسؤولية الاجتماعية. ويمكن تلخيصها في أربع عوامل تحتاج التنبه لها والتعامل معها بحذر:
العامل الأول
هو الوقت. أغلب الدراسات تشير الى أن هذه البرامج – في مضمار تطوير المنشآت الصغيرة – قد تستغرق وقت طويل لكي تُظهِر نتائج حقيقية وملموسة. لذلك مثل هذه البرامج تتطلب نفس طويل.
العامل الثاني
هو الجدية في تنفيذ خطط البرامج. وهي عقبة أمام كثير من قادة برامج المسؤولية الاجتماعية في الشركات. فبِغَضّ النظر عن مدى جودة البرنامج، بدون قادة مٌفوضين وبصلاحيات عالية في رسم خريطة التنفيذ وتنفيذها والسماح لهم بالوصول للمعلومات والموارد المساندة التي يحتاجونها، لا يمكن لهذه البرامج أن تنجح.
العامل الثالث
هو أن يكون لدى الشركات – خاصة الأجنبية – دراية عميقة بمتطلبات المجتمع والسوق السعودي. مما يسهل عليهم الحصول على الدعم اللازم من الجهات الحكومية ذات العلاقة والمجتمع المحلي. كما أن مراعاة الاختلافات الثقافية مسألة في غاية الأهمية حتى لا تقع هذه الشركات في دائرة الشك في نواياها بسبب تقديم برامج غير مناسبة بالرغم من صدق جهودها.
العامل الرابع
هو اعتبار مؤشر الناتج المحلي الإجمالي البوصلة لبرامج المسئولية الاجتماعية للشركات في دعم بيئة المنشآت الصغيرة ذات قيمة مضافة. هذا يسهل على هذه البرامج أن تحدد المجال المناسب للاستثمار فيه. وإلا قد يكون التأثير عكسي وتكون هذه البرامج مساهمة بشكل غير مقصود في عملية تبطيئ التقدم الاقتصادي على المدى الطويل.
نجاح الشركات مستقبلا لن يكون بواسطة ملاكها ومدرائها فقط، ولكن بالمجتمع الذي يحيطه أيضا. في المملكة، المجتمع في جُلِّه من الشباب. وهو أكثر وعيا وجرأة – من الأجيال السابقة – في التصدي لأي برنامج مسئولية اجتماعية لا يساهم بقيمة حقيقية. لذلك، التبرعات لغايات دعائية بحتة لم يعد ولن يكون مقبول. الالتزام بتطبيق مفهوم المواطنة القائم على القيمة المضافة المستدامة هو المطلوب.
وهذا أدعى الى أن تُدعم شركات القطاع الخاص بتشريع يساعدها بالالتزام في ايجاد برامج مسئولية اجتماعية بِبُعد اقتصادي مستدام، مثل دعم إنشاء المنشآت الصغيرة. وبمقياس مدى مساهمة هذه البرامج في الناتج المحلي. من يدري، ربما نرى هذا التشريع قريبا جدا!.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال