الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
بعد نهاية اجتماع “أوبك+”، لم نسمع اي مهاترات من الجمهوريين الذين ازعجونا بها وباتهاماتهم لنا قبل انعقاده. ربما أدركوا الآن أن اهمال الحقائق الذي مارسوه هو الذي أضر بصناعة النفط الصخري الأمريكي.
فقد تنكروا تماما لموقف المملكة من النفط الصخري التي طالما وقفت بجانبه لإيمانها أن نموه مهم لتلبية الطلب المتنامي على النفط في المستقبل. ولماذا كانت المملكة تدعو مرارا وتكرارا لتعميق خفض الإنتاج. خاصة في أوائل مارس الماضي – وان كان على حساب مصلحتها – لصالح صناعة النفط وأسواقه.
أما في الكواليس الخلفية، فمن ضمن الحقائق التي أهملوها هي حقيقة عدم قدرة مقاومة النفط الصخري للأسعار المنخفضة في الأساس. ومع تأثره بجائحة فيروس كورونا، ظهرت المآسي. وبالرغم من ذلك يريدون من النفط الصخري أن يظل في مستوى انتاجه الاعتيادي. وأيضا يريدون للمضاربات الغير مسئولة على عقوده ان تظل كما هي أيضا في السوق الأمريكي.
فما الذي حصل؟ ما هو حال صناعة النفط الصخري في الولايات المتحدة الآن، خاصة بعد تأخُّر الانصات لنداء المملكة الداعي لحماية قطاع النفط سواءا داخل “أوبك+” أو خارجها.
الأخبار والتقارير على منصات وكالات الإعلام العالمي المتخصص والعديد من الصحف – خاصة الأمريكية – ذات المصداقية العالية تعطي إشارات هامة عن حقيقة الوضع الحالي. أقسى أثر لجائحة فيروس كورونا المستجد كان على صناعة النفط الصخري في الولايات المتحدة. فبسبب الحجر المنزلي، أقفلت المصانع والمتاجر وأيضا توقف استهلاك الوقود لتعطُّل وسائل المواصلات البرية والجوية والبحرية. مما أدى لانخفاض الطلب على المنتجات النفطية.
ضعف الطلب هذا، أملأ وسائل التخزين بنفط خام غير مرغوب فيه. حتى تحولت ناقلات النفط البحرية الى مخازن عائمة له. ثم أتى الأسبوع العجيب الذي رأينا فيه أسعار خام غرب تكساس لعقود شهر مايو تظهر على شاشات الأسواق بالسالب. لتتبادر أفكار و سيناريوهات مقلقة حول إذا ما كنا سنشهد أسبوع جديد أكثر درامية، نرى فيه خروج العديد من شركات إنتاج وتكرير النفط الصخري الأمريكي من السوق.
فاليوم شركات النفط الصخري لا تعيش كابوس الاغلاق ولكن حتميته. وهذا ما كانت شركات إنتاج النفط الصخري يناقشوه خلال الأيام القليلة الماضية فيما بينهم. وبدأ العديد من المنتجين الصغار العمل على إغلاق أبار لهم في عدة ولايات مثل “أوكلاهوما” و “نيو مكسيكو” و “داكوتا الشمالية” التي تسبب اغلاق العديد من الآبار فيها – على سبيل المثال – الى خفض إنتاج الولاية الى ما يقارب 30 % من مجمل مستوى إنتاجها المعتاد.
أما الشركات الكبيرة مثل “اكسون موبيل” و “بي بي” و “كونوكو فيليبس” و “كونتيننتال ريسورسز” فهم ما بين القيام بإعادة نظر جادة في تحجيم أعمالهم أو اعطاء إشارات للسوق انهم يعملون بالفعل على وضع خطط إغلاق لبرامج إنتاجهم. ليس هذا فقط، بل توجد إشارات صادرة من قطاع النفط الصخري تدل على أن هناك احتمالات كبيرة أن نرى بعض المصافي تخرج من السوق أيضا. فقد أعلنت عدة مصافي مثل “ماراثون” و “رويال دتش” أن نشاطها سيتفاوت ما بين وقف الإنتاج الكلي وتعطيل بعض وحداتها التكريرية لخفض الإنتاج الى النصف. ليس فقط في الولايات المتحدة – الذي يشهد حاليا معالجة تكريرية هي الأقل منذ 30 عام – ولكن أيضا في بعض مصافي تملكها هذه الشركات الامريكية في أوروبا وجنوب أسيا.
كما أن تدحرج الاسعار المرعب الذي شهدناه يوم الاثنين – 20 أبريل الماضي – لعقود خام غرب تكساس لشهر مايو، يضع احتمالية عالية أن عقود يونية لن تسلم من انهيار في الأسعار هي أيضا. وهذا ربما يفسر أن صناديق كبيرة في المضاربة على عقود خام غرب تكساس الوسيط قصيرة الأجل – مثل “أميركا لعقود النفط” و “بروشير” و “سامسونج إس أند بي” – احتاطت بالتخلص من عقود شهر يونيو.
كل هذه الضغوط سيكون لها انعكاسات مؤلمة على اقتصادات الولايات المنتجة، وتأثير سلبي أيضا على مؤشري مجمل الناتج المحلي ومجمل الناتج القومي الأمريكي.
صناعة النفط الصخري في الولايات المتحدة (وحتى النفط الرملي في كندا) تعيش لحظات مأساوية. ومع التخزين الأسبوعي المتعالي للنفط الخام مما أدى لنفاذ وسائل التخزين، وحقيقة أن استهلاك المنتجات المكررة الذي وصل إلى مستوى منخفض جدا يكاد أن يلامس القاع، فغالبا سنشهد أسبوع درامي – في أي لحظة – أكثر قسوة من أسبوع انهيارات الأسعار.
إذا لم يشهد الاقتصاد بشكل عام انتعاش متعالي الوتيرة وقريب جدا بالرغم من صعوبة تحقيق ذلك، فسنرى قائمة طويلة بأسماء شركات أمريكية صغيرة تخرج من صناعة (إنتاج وتكرير) النفط الصخري. ولا يُستبعد أن نرى أسماء كبيرة تلحق بأخواتها الصغار، أو تحل مكانهم السابق.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال