الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
مع بداية جائحة كورونا أعلن صندوق النقد الدولي في تقريره السنوي آفاق الاقتصاد الدولي أن الاقتصاد العالمي دخل مرحلة الركود الاقتصادي ؛ لكننا مع استمرار الوضع وتأزم الأسواق والاعمال ، يتحول الركود الاقتصادي الذي يسهل مواجهته بمجموعة حزم وسياسات اقتصادية الى مايعرف بالركود التضخمي أو (Stagflation) وهو مصطلح لم يعرفه العالم قبل سبعينيات القرن الماضي.
هو ببساطة عبارة عن مجموعة من الأخبار الاقتصادية السلبية لأي دولة، والتي تشمل على سبيل المثال لا الحصر ، إلغاء الدعم، رفع الضرائب، الغاء بدلات المعيشة ، تخفيض الانفاق الحكومي، ارتفاع البطالة ، بطء النمو الاقتصادي، ارتفاع التضخم.. يتبعها إجراءات احترازية وضرورية تتبعها الحكومة ثم يتبعها القطاع الخاص كذلك تساهم في بطء النمو الاقتصادي وتخفيض معدلات الاستهلاك .
ولهذا جاءت رسالة وزير المالية قبل اسبوع على قناة العربية ثم قرار وزارة المالية اليوم 18 رمضان 1441 هجري الموافق 11 مايو 2020م باتخاذ مجموعة اجراءات اقتصادية بسبب ثلاث تحديات لم تكن مأخوذة في الحسبان عند اعداد الميزانية لهذا العام والتي جاءت نتيجة حدوث جائحة كورونا الجديد وهي: اولها: الانخفاض الحاد في اسعار النفط أثر على الايرادات النفطية سلبا بنسبة تصل الى 50% ، ثانيها : تعطل غالبية الأنشطة الاقتصادية اثرت على الايرادات غير النفطية وثالثها : الانفاق اللازم على الصحة لمواجهة انتشار الفايروس الذي لا يعلم يقينًا فترة انتهائه .
هذه الاسباب اتبعها صدور قرارين اقتصاديين مؤثرين كذلك ، للمحافظة على الاستقرار الاقتصادي والمستوى المعيشي المناسب للمواطن والمقيم هما : قرار إلغاء بدل غلاء المعيشة ، الثاني : رفع نسبة الضريبة من 5% الى 15% اضافة الى رفع مجموعة من المميزات التي كان يتقاضاها موظفوا القطاع العام غير المسجلين في الخدمة المدنية ؛ وبالتاكيد سيتبعها قرارات اقتصادية اخرى متى ماجدت ماسة لمواجهة اَي تحديات او مخاطر اقتصادية اخرى قد تمس أمن المواطن ورفاهيته وتماسك الاقتصاد والمجتمع .
هذه الاجراءات من المتوقع أن يدخل اقتصادنا بسببها ، اضافة الى ما يتعرض له حاليا من ضغوطات اقتصادية اخرى ، موجة ركود تضخمي نأمل أن نخرج منها قبل أن ندخل موجة الانكماش الاقتصادي الذي يتبعها مرحلة الكساد.
الركود التضخمي سيعمل على ضعف معدل نمو الناتج المحلي أو تقلصه وهو الاغلب كما سيزيد من ارتفاع معدلات البطالة ؛ لأن الدولة في حال استمرار الجائحة وانخفاض أسعار النفط ؛ ستضطر لتخفيف الضغوط المالية عليها ، للتخلي عن سياسة دعم رواتب موظفي القطاع الخاص الذي يجب عليه أن يتخذ من الاجراءات المناسبة لتعديل وضعه للتكيف مع الظروف الجديدة لكن بكفاءة وفاعلية أفضل ، وذلك بهدف المحافظة على استقرار موظفي القطاع العام حتى لا تلجأ إلى تقليص رواتبهم وميزاتهم …
والنتيجة الطبيعية لهذا الوضع هو أن منشآت القطاع الخاص مؤسسات وشركات ستقوم كذلك بالاستغناء عن جزء من موظفيها وتقليص رواتبهم في سعيها إلى خفض نفقاتها، وهو ما سيقلل بدوره من القوة الشرائية للمستهلكين بسبب خفض الانفاق الحكومي ، الغاء بدل غلاء المعيشة ، البطالة ، لتتراجع بالتبعية معدلات الإنفاق الاستهلاكي وما ينتج عنه من تباطؤ النمو الاقتصادي بمعدلات أكبر . أي أن الإجراءات التي تتخذ لمواجهة التباطؤ الاقتصادي هي ذاتها التي ستعمق من الأزمة الحالية إذا ما تم السيطرة على الوضع الاقتصادي بشكل سريع وافضل، ونعتقد ان الحكومة متنبهة لهذا الامر …
لهذا فإن القطاع الخاص عليه أن يعي أولا بأول جميع السياسات والتحركات الاقتصادية من قبل الدولة حتى يستطيع التكيف مع الاوضاع والمتغيرات الاقتصادية الجديدة على الاقل عليه أن يخفض من حجم مصروفاته بما يوازي حجم التكاليف الإضافية التي قد تظهر نتيجة الترتيبات المالية التي تتخذها الحكومة لمواجهة الأزمة ..
*الخلاصة :*
نبتهل الى رب العزة والجلال سبحانه ألا يوصلنا الركود التضخمي المحتوم لانكماش اقتصادي ثم الى كساد اقتصادي صعب العلاج، وأن نمر عبر هذه الموجة بسلام.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال