الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يقول الله عز وجل في كتابه الكريم: “ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَٰلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ.”
دعونا نتفق أولاً أن الدورة الاقتصادية العالمية منذ القدم مرت بفترات انتعاش فازدهار ثم ركود وقد يعقبها كساد، ورغم تباين الأسباب الداعية لحدوث أزمات اقتصادية إلا أن النتيجة في النهاية متقاربة، وتتمثل في الغالب بضعف في الإنتاج وانخفاض الإيرادات وارتفاع عام في نسب البطالة.
ومن المعلوم، أن آثار “جائحة كورونا” ضربت مشرق الأرض ومغربها، وتسببت بالحد من حركة الطيران والمركبات، وتوقف عدد من المنشآت الصناعية، مما قلص الطلب على النفط بشكل غير مسبوق، أعقبه انخفاض حاد إلى أسعار ما قبل عام الـ 2000م. وحيث يلعب قطاع النفط دوراً محورياً في الاقتصاد السعودي، فإن لتغييرات أسعاره سواء بالارتفاع أو الانخفاض تأثيراً ملموساً على الأوضاع الاقتصادية المحلية ومستوى معيشة المواطن.
فمن البديهي أنه إذا انخفض دخلك الشهري-مثال- من (15) ألف ريال إلى (7) آلاف، فستقوم على الفور بترشيد إنفاقك بالتركيز على الضروريات والاستغناء عن الكماليات. وهو ذاته ما تتبعه السياسة المالية الحكومية، إذ أن العلاقة بين أسعار النفط والإنفاق الحكومي علاقة طردية منذ اكتشاف النفط، وهو السلوك الذي تعمل رؤية المملكة (2030) على تبديله.
وتجدر الإشارة إلى أن الهبوط الحالي في أسعار النفط لا يعد أمراً جديداً، ففي عام 1998م وصل سعر البرميل إلى ما دون “15” دولار أثر الأزمة المالية الآسيوية عام 1997م؛ مما سبب انخفاضاً كبير في الإيرادات العامة مع عجز في الميزانية. وحيث لا يزال النفط سلعة أساسية حيوية في عصر الصناعة والتكنلوجيا، لم يستمر الأمر طويلاً حتى عاد الطلب عليه مع تحسّن اقتصاديات الدول وعودة الاقتصاد العالمي للنمو في نهاية القرن المنصرم.
بيد أنه من الصعب مقارنة ما حدث فيما مضى مع إرهاصات “جائحة كورونا” لعوامل-ذكرت سابقاً- وحيث أن السيد (كوفيد 19) لا يزال نشيطاً، بات ضرورياً أن (تشد الأحزمة) لحين انحسار آثاره. إن الظروف الحالية قد تكون مؤاتيه أكثر من أي وقت مضى للعمل على تحقيق مستهدفات الرؤية بعدم الاعتماد على النفط كمصدر دخل رئيسي، ولعل هذه الأزمة تكون دافعاً للتحول إلى اقتصاد قائم على الإنتاج الصناعي والتقني، وعدم الركون إلى ما استودع الله أرضنا من خيرات مؤقتة كسائر الموارد الطبيعية الأخرى.
كل ما أرجوه أن نخرج من هذه الجائحة أقوى تماسكاً وأشد عزماً على تحقيق أهدافنا وحماية مكتسباتنا، وما أرجحه أن الاقتصاد المحلي سيتعافى-بحول الله- في المستقبل القريب أثر عودة الطلب على الذهب الأسود وارتفاع أسعاره بعد أقل من عام.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال