الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في الأيام العديدة الماضية، جرى تداول التصاريح الرسمية حول قضايا الفساد التي تم مباشرتها خلال هذا الشهر بشكل واسع، حيث صدرت هذه التصاريح من قبل هيئة الرقابة ومكافحة الفساد (نزاهة).
ولعل أبرز القضايا التي تم تسليط الضوء عليها هي قضية قيام 14 شخصاً منهم رئيس مجلس إدارة إحدى الشركات المساهمة التي تساهم الدولة بجزء من رأسمالها، ونائبه، ورئيسها التنفيذي، وعدد من أعضاء مجلس إدارتها، وعضو لجنة المراجعة بالشركة، وخمسة من موظفي شركة مملوكة لرئيس مجلس الإدارة بالتزوير، وغسل الأموال، والتلاعب بالقوائم المالية للشركة، وتأسيس شركات لغرض التلاعب على مواد نظام الشركات. حيث تم التعاون مع رئاسة أمن الدولة وهيئة السوق المالية والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية في عمليات التحري المرتبطة بهذه القضية وقضايا عديدة أخرى، حيث أوضحت التصاريح الرسمية أن العمل جار على استكمال الإجراءات النظامية لإحالتهم إلى المحكمة المختصة لتقرير العقوبات.
في ضوء ماسبق، تم تقديم الفساد في الاستراتيجية الوطنية لمكافحته على أنه ذا مفهوم مركب له ابعاد متعددة وتختلف تعريفاته باختلاف الزاوية التي ينظر من خلالها إليه، وبالتالي أرى أن تعزيز دور التخصص والاستعانة بالخبرات في قطاع معين يساعد في تطوير الممارسات الرقابية مثل تلك التي تقع تحت مظلة (نزاهة)، حيث أؤمن أن الآن هو الوقت المناسب لاستحداث وحدة أو قسم متخصص في تحري ورصد الشكاوي والقضايا التي ترتبط بالتداول وسوق الأسهم بشكل عام.
على المدى البعيد، سيرسخ هذا قاعدة قانونية واسعة تساعد على تعزيز آليات مكافحة الفساد في هذا القطاع و تطويرها، ولاستيضاح أكثر لهذه الآليات سنربطها على سبيل المثال بأبرز مهام وصلاحيات نزاهة.
تستطيع هذه الوحدة الجديدة تولي الرقابة على عقود شركات المساهمة المشتبه بها واتفاقياتها التي تنظم علاقتها مع الأطراف الخارجية أو تلك المتعلقة بهيكلها التنظيمي أو المنظمة لاستحداث الكيانات القانونية التابعة، حيث يتسق ذلك مع صلاحية الهيئة في التحري عن أوجه الفساد المالي والإداري في مختلف أنواع العقود المرتبطة بشكل أساسي بالشأن العام أسوةً بعقود الأشغال العامة وعقود التشغيل والصيانة وغيرها.
من ناحية أخرى، تعيين المتخصصين في هذه الوحدة سيسهل على الهيئة عملية إحالة المخالفات والتجاوزات المتعلقة بالفساد المالي والإداري عند الكشف عنها بتسبيبات وتوصيات مفصلة وبعين الخبير، خاصةً وأن من ضمن الصلاحيات المتاحة للهيئة ايضاً الاطلاع على مجريات التحقيق ومتابعة سير الإجراءات وطلب اتخاذ التدابير الاحترازية أو التحفظية فيما يخص الأدلة أو القرائن المرتبطة بالفساد.
تخصيص مثل هذه الوحدات أو الأقسام يولد مع الوقت والممارسة الطويلة قاعدة مرجعية من الممارسات المرصودة وآليات المعالجة والتصدي مما يساعد الهيئة ايضاً في أحد مهامها، وهي أن تقترح الأنظمة والسياسات اللازمة لمنع الفساد ومكافحته.
بلا شك، وجود مثل هذه القضايا والممارسات الفاسدة لاينحصر تأثيرها على الشركة المساهمة فقط وحقوق الملكية المرتبطة بها، بل يمتد إلى استقرارية السوق بشكل عام وممارسات عناصره بشكل خاص. فازدياد قضايا الفساد في مثل هذا النوع من الشركات ينفر المستثمرين الواعدين وحتى المتمرسين، ويعكس مدى تطبيق الأنظمة والتشريعات الخاصة به وكذلك مدى تطبيقات مبادئ الحوكمة ولوائحها والالتزام.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال