الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
غني عن القول بأن تقنية الذكاء الاصطناعي غزت أغلب المجالات منها الأسواق المالية، واستخدمت من قبل الجانبين التشريعي وأيضًا من الجانب الآخر وهو الشركات والمتعاملين في السوق، في هذه المقالة سنعرج على استخدامات تقنية الذكاء الاصطناعي في الأسواق المالية وجانبها القانوني.
وقبل التطرق لصلب الموضوع من المهم معرفة ماهية الذكاء الاصطناعي- AI-، حيث أنه يوجد العديد من التعريفات لهذه التقنية منها: نظرية تطوير أنظمة الحاسب الآلي لتكون قادرة على أداء المهام التي تتطلب عادة الذكاء البشري وذلك حسب تعريف مجلس الاستقرار المالي وهي هيئة دولية تراقب وتقدم توصيات حول النظام المالي العالمي، ويقودنا التعريف إلى التساؤل التالي هل تم استخدام هذه التقنية في الأسواق المالية فعلًا؟
بكل تأكيد نعم حيث وكما ذكرنا في المقدمة هناك جانبين لاستخدام هذه التقنية من جانب المشرع حيث أعلنت نازدك – سوق نيويورك المالي – في نهاية عام 2019 ولأول مرة استخدام تقنية الذكاء الاصطناعي في الكشف عن التداول غير المنظم أو حتى احتمال حدوث التداول الضار وتهدف المبادرة التي تم إطلاقها إلى تعزيز مراقبة السوق من خلال التعلم الآلي وقدرات الذكاء الاصطناعي الأخرى كما ستمكن هذه التقنية من رفع كفاءة السوق بقدرات مراقبة أسرع وأكثر دقة وذكاء.
أيضًا من استخدامات الذكاء الاصطناعي من قبل الشركات المدرجة في السوق هو توفير الشفافية من خلال استخدام بيانات الشركة على مدى الأعوام السابقة لمعرفة مدى قوة أدائها وبأي درجة يكون، أو حتى في إدارة المخاطر لتكون مؤتمتة بالكامل عن طريق الذكاء الاصطناعي، وهنا نطرح التساؤل التالي هل من المحتمل أن يلزم المشرع أو المنظم الشركات المدرجة باستخدام الذكاء الاصطناعي لضمان الشفافية والإفصاح المطلوب في أداء هذه الشركات بحكم دقتها العالية وقلة نسبة الخطأ فيها وسرعتها أيضًا؟
وأما من جانب المتعاملين في السوق فأن هناك خوارزميات تسمى بالتداول الآلي أو تداول الصندوق الأسود وهي تقنية قادرة على تداول الأسهم بسرعة عالية بما يتوافق مع أحدث مجريات الأسواق، وبناءً على هذا النوع من التداول فقد ألزمت الهيئة الأمريكية للصناعة المالية – FINRA- مقدمي هذا النوع من الخدمات التقنية المالية بالتسجيل كمرخص له كما هو الحال مع المستثمرين العاديين. وأيضًا أصدر الاتحاد الأوروبي لوائح تتعلق بالتداول الخوارزمي تسمى بالإطار التشريعي لتوجيه أدوات السوق أو كاختصار -MiFID – بنسختيه الأولى والثانية حيث يهدف هذا الإطار إلى تنظيم أفضل لهذه التقنية للمتعاملين بها ويعزز حماية المستثمرين ويضمن الشفافية، حيث تضمنت المادة السابعة عشرة مجموعة من الالتزامات مثل: إجراء الاختبارات اللازمة للتأكد من سلامة هذه التقنية وأن يكون هناك ضوابط للمخاطر وأن يضمن مقدم هذه التقنية استمرارية عملها وعدم انقطاعها، وأيضًا نصت المادة الثامنة والأربعين في الفقرة السابعة على إمكانية تعليق أو إيقاف هذه التقنية عند الحاجة في حال حدوث أي مشاكل، وخلال بحثنا لكتابة هذه المقالة وجدنا أن هناك توجه لدى المشرع الأمريكي لتبني مثل هذه التشريعات.
كما نختم هذه المقالة بتقنية أخرى من تقنيات الذكاء الاصطناعي في القطاع المالي وهي المستشار الآلي أو Robo-investor وتتمحور فكرة هذه التقنية حول برنامج استشاري استثماري رقمي مؤتمت يسمح للمستثمرين الأفراد بإنشاء وإدارة حساباتهم الاستثمارية من خلال موقع الكتروني أو تطبيق جوال أحيانًا مع تفاعل ضئيل أو معدوم مع الإنسان، حيث يدخل المستخدم المعلومات وعلى أساسها يقوم المستثمر الآلي بتقديم التوصية حسب المدخلات وشرّع المنظم الأوروبي لهذه التقنية التزامات منها التسجيل و أيضًا خضوع هذه التقنية ومطوريها لقانون الأوراق المالية وقانون المستشارين، منع وكشف تهديدات الأمن السبراني والتصدي لها، ولا يغيب عنّا أن نأخذ بعين الاعتبار جميع الالتزامات الأخرى لأي تقنية سواءً في القطاع المالي أو أي قطاع آخر كحفظ الخصوصية وحماية البيانات والإفصاح في حال الاستفادة من بيانات المستخدم وغيرها من الالتزامات التي نصت عليها اللائحة الأوروبية لحماية البيانات.
أما في السوق المالية السعودي، فقد وجدنا أن هناك شركتين مرخصة للقيام بنشاط المستشار الآلي، وأيضًا يوجد في هيئة السوق المالية مختبر التقنية المالية حيث ذكر موقع الهيئة أن الهدف من هذا المختبر هو ” توفير إطار تنظيمي مبسط يساعد على دعم ابتكارات التقنية المالية داخل المملكة العربية السعودية، بحيث يكون هذا الإطار التنظيمي مصمم لتعزيز وتطوير التقنية المالية ويمكّن المشاركين من تقديم واختبار منتجات وخدمات ونماذج الأعمال ذات العلاقة بالتقنية المالية ضمن معايير وفترة زمنية ومتطلبات تنظيمية محددة”.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال