الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في مقالات سابقة تحدثت عن اهمية اداة الطلب وكنت في اطروحات ماضية قد اشرت الى اهمية الطلب في تعظيم النمو الاقتصادي ومساحاته التي بشكل او بآخر ستفتح الطريق نحو حراك اقتصادي واسع ، في هذا المقال سوف اتحدث لكم عن الجانب الآخر لآلية السوق وهو العرض
العرض هو لعبة المنتجين والبائعين، الكرة اليوم وبعد عودة الانشطة الاقتصادية في ملعبهم.
الحقيقة ان الهدف الاساسي لهم هو الربح وهذا حق مشروع فعندما تبدأ القصة بطلب المشترين على السلع والخدمات فإن قصة الكميات المعروضة والمطلوبة تخضع للاسعار وحرية الاسواق التي من المفترض انها تعمل وفق الاسعار صعودا وهبوطًا دون تدخل حتى تصل الى نقطة التوازن والتي تمثل رضا الطرفين وعقلانية سلوك السوق.
اليوم ومع تداعيات كورونا واثارها السلبية على معطيات الاقتصاد العالمي يفترض اقتصادياً مواصلة تحفيز الاسواق من خلال ( الانتاج والاستهلاك ) وهو ما سيوصل كافة الاطراف الى حراك ملموس اكثر ايجاباً في الاقتصاد اجمالاً وبقفزات متقدمة تفوق الموقف الذي كانت عليه مؤشرات الاقتصاد العالمي قبل جائحة كورونا. فالكل سوف يعوض الفاقد والكل سيعمل وسيعمل لتحقيق اعلى المكاسب في كافة المكونات الانتاجية والاستهلاكية ولذلك تعني قوانين العرض والطلب بما يرغب الموردون بإنتاجه وبيعه وما يرغب المستهلكون بشرائه مع اهمية قدرتهم على الشراء.
قانون الطلب ينص على أنه عند ارتفاع الأسعار، يتراجع طلب المشترون على السلع ، بينما ينص قانون العرض على أنه مع ارتفاع الأسعار سيوفر البائعون كمية أكبر من السلع لتبدأ قصة اخرى تقوض ارتفاع الاسعار الى انخفاضها وهكذا تستمر آلية السوق .
في اقتصادنا الوطني كنت ولا ازال اراهن على ارتفاع وتيرة المكاسب بعد الجائحة وكنت قد حددت وفقاً للتقارير والمؤشرات الاقتصادية الى البدء في الدخول في مرحلة الانتعاش خلال الربع الاخير من هذا العام او الربع الأول من العام القادم هذه حقائق برهنتها كفاءة ادارة الازمة اقتصادياً ومالياً ناهيك عن كفاءة صندوق الاستثمارات العامة باقتناصه للفرص الغير مسبوقة ومكاسب اخرى مهمة في اسواق الطاقة ..
إن اداة العرض بكفاءتها المتوقعة ستعمل خلال هذه المرحلة على فتح آفاق الاسواق على مستوى كافة الانشطة التجارية والاقتصادية وعودة وتيرة اداء قطاع التصنيع ونشؤ صناعات جديدة كل هذا سيعزز من المحتوى المحلي ناهيك عن التوقعات المؤكدة من خبراء الاقتصاد التي تؤشر الى الاداء الجيد للاقتصاد السعودي واستقرار معدلات الناتج المحلي الاجمالي.
هذه النظرة التفاؤلية عكستها أيضاً التقارير والمؤشرات التي اعلنتها مؤخراً الهيئة العامة للإحصاء حيث بلغ الطلب المحلي الاجمالي ٦٤٩.٢ مليار في الربع الاول من هذا العام محققاً نمو قدره ١.٤٪ مقارنة بالربع الاول من العام الماضي ( الطلب : يشمل الانفاق الاستهلاكي النهائي الخاص والحكومي ). يلاحظ هنا ان الربع الاول من هذا العام كان في قمة اتون الجائحة والاغلاق الكبير ، كما بلغ متوسط دخل الفرد من الناتج المحلي الاجمالي ١٩٩٨١ ريال في ذات الفترة وبلغ الادخار الاجمالي ٢١١.٨ مليار ريال كما حقق الحساب الجاري لميزان المدفوعات فائضاً قدره ١٨.٨ مليار ريال كما يتضح في الأفق ان هناك حضوراً فاعلاً للقطاع الخاص في الانشطة الانتاجية في مختلف المجالات وخاصة الصناعة والسياحة والترفيه ومهارات الموارد البشرية، القطاع العقاري ، ونتطلع الى المزيد من الحراك وفق المستهدفات الطموحة .
مجمل القول : حتى يتحقق التوظيف الكامل للعرض بنجاح من المهم أن يتم التركيز في الاسواق على التوازن مع ضرورة ادارة العوامل المؤثرة في كل منهما وفق قواعد أساسية من أهمها أن الطلب الذي يخلق العرض وليس العكس ، وعندما تنخفض الأسعار، إما أن يقوم المنتجون بتقليص العرض أو خفض تكاليف التشغيل للحفاظ على هوامش الربح، أو تقليل الانتاج الغير مبرر .
لكن مع ارتفاع الأسعار، يزيد البائعون والمنتجون الكميات المعروضة على المدى القصير حتى تصل إلى كفايتها، ولعل اهم ما يبرز اداء العرض الفعال ان نذهب بعيدا نحو عرض جامح يسعى الى تحسين مهارات الموارد البشرية ، ومواصلة الدور المتميز في الرعاية الصحية وتبني المزيد من الافكار الخلاقة في مكونات التقنية والاقتصاد الرقمي وهو ما سيؤدي اجمالاً إلى زيادة العرض الكلي وبالتالي دعم عوامل الإنتاج بما يضمن ( صحة ونمو الاقتصاد بشكل متوازي) لتحقيق الرفاهية والاستدامة .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال