الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
نظرة المملكة ومجتمعها تجاه كُتّاب الرأي – فيها – إيجابية وواعدة، وهذا ينعكس جليا من خلال إنشاء الجمعية السعودية لكُتّاب الرأي ( المعروفة اختصارا باسم “رأي” ) على يد أسماء إعلامية وطنية كبيرة دورا ومقاما، بموجب قرار معالي وزير الثقافة والإعلام في عام 2013، ومن ثم ترخيصها بقرار معالي وزير العمل والشؤون والاجتماعية في عام 2016، وقد كان السبب الرئيس لانطلاق هذه الجمعية الهامة هو التفهم لحاجة كُتّاب الرأي إلى مظلة ترعاهم، ضمن حزمة عريضة من الجهود والخدمات، وهي مهمة ليست بالسهلة.
وبما أن من ضمن ما ذكرته الجمعية على موقعها الاليكتروني بأنها تسعى “جاهدة لتقديم تسهيلات لأعضائها في مجال الخدمات الاجتماعية”، فإن هذا لا يعني بالضرورة الاكتفاء بالدعم المعنوي، فبدون الدعم المادي الذي يحتاجه الكاتب – في أقل مستوياته المقبولة – ستكون ديمومة كتابة الرأي عائق أمام صاحبها بسبب انشغاله بلقمة عيشه وصعوبة الصرف على الوصول الى المعلومة، وهنا ربما نبدأ في افتقادهم الواحد تلو الآخر مع مرور الوقت، وهذه الاحتمالية القوية تدعمها دراسة قدمتها مؤسسة “Authors Guild” الأمريكية في عام 2018، كان في ملخصها أن الكتابة – في عمومها – بدأت تثبت نفسها بأنها لا تتناسب مع متطلبات المعيشة مستقبلا.
والسؤال هنا: لماذا كاتب الرأي – على وجه الخصوص – مهم دعمه والحفاظ عليه؟
في كلمة للقانونية “ماري راسنبيرغر” – المديرة التنفيذية لنقابة الكُتّاب بالولايات المتحدة – تقول في مجملها بأن الكاتب يمكن أن يبلور فكرة أو طرح معلومة في كلمة مكتوبة، وهذا ما يحتاجه أي مجتمع بكافة طبقاته ومفاصله، لأن مثل هذا الكاتب هو بمثابة أداة فاعلة لجعل مجتمعه يرى الأشياء من عدة زوايا متنوعة ومختلفة، مما يدعم عملية بناء فهم المجتمع لنفسه، ومعرفة أين يقف اليوم، وأين سيكون غدا.
من ضمن هؤلاء الكُتّاب من يُطلق عليه كاتب الرأي، وهو محط اهتمام خاص في إعلام العالم المتقدم لما يقدمه من منظور عميق ونقد تحليلي محايد في مواضيع تتعلق بمستقبل المجتمعات؛ كاتب الرأي – في الغالب – شخص عمل في مجال ما، ودمج ما بين العلم من خلال الدراسة، والمعرفة من خلال التجربة والممارسة حتى شاب رأسه، ليس بالضرورة بسبب العمر، ولكن من هول ما عاش وشاهد ومارس، ليكوِّن مخزون ثقافي يمكن أن يكون له وقع إيجابي سواءا في المساهمة في التنبيه لأمر ما، أو في حل المشكلات، أو النظر للأمور والقضايا من زوايا أكثر عرضا لتضح الرؤية العامة.
ولكن لوحظ في الآونة الأخيرة – خاصة في الغرب – انخفاض عدد كُتّاب الرأي من الوزن الثقيل علما وتجربة، فكاتب الرأي – غالبا – هو من الطبقة الوسطى، مما يعني أنه يحتاج لشيء إضافي من الدعم المادي حتى يعطي للكتابة وقتها المفترض أن يكون، فمقالات الرأي ليست كالخبر الصحفي أو الإعلاني (عادة الصحفي موظف)، فربما مقالة – لا تتعدى 400 كلمة – تأخذ أيام وليالي من العصر الذهني والمراجعة المعلوماتية والبحث في أمهات المراجع ومنصات الأخبار والمكتبات العلمية الموثوقة (تقريبا كلها غير متاحة بالمجان) عن ورقة بحث علمي، أو جملة، أو حتى كلمة تفيد موضوع المقال كشاهد إثبات أو دعم أو نفي.
كاتب الرأي عنصر مهم جدا في المنظومة الوطنية خاصة على المستويين الاقتصادي و الاجتماعي، ويحتاج أن يؤدي مهمته على أكمل وجه في ظل تطلعات الرؤية وتحديات المستقبل، ولكن الدعم المادي له مسألة هامة جدا، حتى نبني قاعدة كُتّاب رأي متنوعين ومحترفين ومتواجدين دائما.
هذا الدعم المادي بكل تأكيد ليس من مسؤوليات الجمعية، ولكن ربما يكون موضوع هام يحتاج للجمعية أن تتبناه للمناقشة مع المؤسسات الإعلامية، أو تدعم الجمعية ما يُلزم هذه المؤسسات لدعم كتاب الرأي فيها ماديا، أو إيجاد وسيلة ريادية (غير نمطية) لدعم كُتّاب الرأي في هذا الجانب.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال