الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
المتابع للشأن الخليجي بشكل عام وخاصة الشأن الاقتصادي الخليجي يرى أن هناك بعض الاتفاقيات التي لم تكتمل وتم تأجيلها بسبب او بآخر مثل اتفاقية مشروع الوحدة النقدية والعملة الموحدة والتي من المقرر أن تكون في عام 2010م. القرار مؤجل وليس ملغي و بحثت عن تصريحات لمسؤولين محافظين البنك المركزي في دول مجلس التعاون ووجدت تصريح الأستاذ سلطان ناصر السويدي محافظ البنك المركزي الإماراتي المنشور في صحيفة الرياض (الخميس 28 نوفمبر 2013 والعدد 16593) حيث قال بخصوص العملة الخليجية الموحدة انها غير مكتمل البنود والشروط وهناك عدم اتفاق خليجي بخصوص هذا الموضوع. وأيضا التصريح المنشور في صحيفة الرياض (تاريخ 7\1\2020 والعدد غير موجود) على لسان أمين عام اتحاد غرف مجلس التعاون د. سعود المشاري بخصوص العملة الموحدة انها سوف تتحقق بعد اكتمال خطوات مهمة في التكامل الاقتصادي والتجارة البينية بين دول المجلس.
السؤال هنا ماهي العوائق التي تواجه العملة الخليجية الموحدة خلال السنوات الماضية؟ وما هي الفائدة والحاجة لنا كاقتصاد سعودي من توحيد العملة مع دول المجلس؟
تمتلك دول مجلس التعاون الخليج اقتصاد قوياً يجعلها في مقدمة العالم العربي مما أتاح لها الفرصة للعمل على إصدار عملة خليجية موحدة حيث ان ثروتها البترولية وصادراتها تمثل 40% من الاحتياطي النفطي بالعالم و23% من احتياطي الغاز بالعالم وكذلك تمتلك دول مجلس التعاون أكثر من 800 مليار دولار من الاحتياطي النقدي الرسمي، وأيضا تمتلك استثمارات خارجية تقدر بالتريليونات ومثلا خلال هذا العام 2020 وبناء على تقرير المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات فإنها بلغت الاستثمارات في دول المجلس حوالي 4.9 مليار دولار واغلبها من السعودية بنسبة 49% من إجمالي الاستثمارات ولا ننسى ان الاقتصاد الخليجي قوي ويوازي عدة دول مجتمعة.
سعت دول الخليج بشكل دائما الى تعزيز وضعها الاقتصادي وإزاله كافة العوائق التجارية وتنسيق سياساتها الاقتصادية ومن ثم توحيدها، فقد عملت خلال العقود الثلاثة الماضية على إرساء دعائم التكامل الاقتصادي بين دولها وذلك من خلال عدد من الاتفاقيات الاقتصادية الموحدة التي شكلت الإطار التنظيمي لتطبيقها بين الدول، كما تعمل حاليا على تهيئة الظروف لإصدار عملة موحدة لدول مجلس التعاون الخليجي وكم هو الحال لكل نجاح لابد من معوقات فهنالك عدة عوائق اقتصادية منعت حدوث إصدار العملة الخليجية الموحدة، ومن هذه العوائق طبعا غير السياسية هي معدلات الأداء الاقتصادي لكل بلد والذي يشمل العجز في الميزانية ونسبة الدين العام الى الناتج المحلي الإجمالي ووضع هامش مشترك لسعر الفائدة وحد أعلى لمعدلات التضخم. التضخم هو من أهم هذه العوائق حيث المقترح ألا يتجاوز التضخم المستهدف 2% فوق المتوسط الإقليمي حيث ان بعض الاقتصادات لدول المجلس تحتاج وقت لتعديل بعض الفجوات لديها حيث ان الظروف الاقتصادية تختلف من دولة الى أخرى، كذلك يوجد اختلافات في النمو الاقتصادي لكل بلد وأيضا حجم الصادرات والواردات، أما لجنة التعاون المالي والاقتصادي في دول المجلس لديها ثلاثة تحديات ومراحل أساسية لإتمام عملية توحيد العملة بين دول المجلس وهي هل يتم ربطها بالدولار الأمريكي ام بسلة عملات رئيسية ام بالذهب او تكون عملة معومة. والمرحلة الثانية هي المعايير والضوابط اللازمة لتوحيد العملة والمرحلة الثالثة هي بناء المؤسسات اللازمة لإصدار العملة الموحدة.
بالرغم من ان إصدار عملة خليجية موحدة تعد من أهم الخطوات التي تحقق التكامل الاقتصادي في المنطقة الا ان هنالك بعض الدول التي لم تؤيد القرار ومنها دولة عمان عام 2006م وبالرغم من اجماع الاقتصاديين العمانيين على ضرورة التكامل الاقتصادي مع دول مجلس الخليج الا انها قد رفضوا إطلاق العملة الموحدة الخليجية ويرجع ذلك لرؤيتهم الخاصة للاقتصاد العماني فقد كانت هنالك بعض الشروط التي واجب تحقيقها اولاً ومن أبرزها سوق مشترك موحد في المنطقة والتعريفة الجمركية، ولا ننسى بأن سلطنة عمان تريد الحفاظ على خصوصيتها كما تفعل بالقضايا السياسية بأن العملة رمز للثقافة والهوية والعادات والتقاليد العمانية، فقد وجدت عمان ان وجود عملة خليجية موحدة قد يكون عائقا أمام المشاريع التي تقوم على تنفيذها وذلك لان القرار قد لا يعود للدولة بالكامل بناء على الاتفاقيات الاقتصادية والتعاون التجاري مما يؤثر على سياساتها الاقتصادية طويلة المدى.
وأيضا من الدول التي عارضت إصدار العملة الموحدة الخليجية هي دولة الإمارات وذلك قائم على ان الامارات تريد الدرهم الإماراتي يكون مرتبط بالدولار الأمريكي لأنها عملة رئيسية قوية وأيضا تعتقد الإمارات بأن مكونات السوق الخليجية المشتركة غير مكتملة، ومن أهم الأسباب أيضا ان الإماراتيين يريدون ان يكون في أبوظبي كل من النظام المصرفي والمالي الموحد (المجلس النقدي) في دول مجلس التعاون وكذلك وجود المصرف المركزي الذي يتولى مهمة إصدار العملة الخليجية الموحدة وذلك كان سبب الخلاف الرئيسي بينها وبين الرياض، وأيضا يوجد لدى الاقتصاد الإماراتي بعض من المعاناة ومن أهمها هو الدين العام ولا ننسى بجانب المشاكل السياسية مع الجار إيران.
من جانب اخر نجد ان السعودية غير ملزمة ان تدخل بالمشروع وتوحد عملتها مع عملة دول مجلس التعاون حيث انها لا تعتمد على النفط كسلعة رئيسية واساس للدخل القومي السعودي مثل معظم دول الخليج العربي والتوجه السعودي هو بأن يكون الاعتماد على النفط بالدرجة الخامسة والاعتماد على الإيرادات غير النفطية، لكن السعودية تؤمن في الاتحاد قوة وكذلك منطلقة من مفهوم ان ” الإصلاح من الداخل والانفتاح على الآخر” حيث الاتحاد الاقتصادي سوف يساعد بأن تكون العملة قوية وتنافس العملات العالمية مثل الدولار واليورو والين الياباني. السعودية تريد لاقتصاد دول المجلس ان يلعب دور فعال وكبير أمام اقتصادات العالم حيث ان الاندماج النقدي هو أعلى مراحل التكامل الاقتصادي ومن ضمنها العملة الموحدة والتي تساعد على التوحيد السياسي الكامل في المستقبل بين دول المجلس، وأيضا تساعد على تعزيز القدرة التنافسية للسلع الخليجية في الأسواق العالمية وتطوير الخدمات المصرفية وزيادة حجم الودائع المحلية والثقة في البنوك الخليجية وتمويل المشروعات الخليجية العملاقة وإلغاء مخاطر العملات وتقلبات سعر الصرف والتشجيع على التصدير وزيادة العمالة في الدول المشاركة وتعزيز الثقل الاقتصادي وغيرها من الأمور الاقتصادية المهمة. السعودية تريد الاتفاقيات الاقتصادية الموحدة ان تكتمل بين دول المجلس والتي تم تأسيسها عند تأسيس المجلس عام 1981م ويشمل تكامل اقتصادي (منطقة تجارة حرة) وتوحيد التعرفة الجمركية وكذلك سوق مشترك واتحاد نقدي.
أعتقد ان التكامل الاقتصادي بين دول مجلس التعاون مهم جدا ولو اختلفت الاقتصادات الخليجية فيما بينها، يجب الاتحاد ولو كبداية بين الثلاث دول المتفقة وهي السعودية والكويت والبحرين وكذلك محاولة اقناع عمان خلال هذه المرحلة حيث رفض عمان يعود الى العام 2006م. بخصوص الإمارات من الممكن ان تلحق بالتكامل الاقتصادي الخليجي بعد ما تسمح ظروفها في أي وقت تشاء.
اعتقد ان المملكة العربية السعودية لها الحق في ان يكون مقر النظام المصرفي المالي الموحد وكذلك مقر المصرف المركزي لطباعة العملة في الرياض وذلك خلال تصويت أغلب دول المجلس وأيضا ذلك لعدة أسباب من أهم هذه الأسباب هو أهمية الاقتصاد السعودي ووزنه في المنطقة وان الاقتصاد السعودي الأقوى في المنطقة من جميع النواحي وكذلك يستطيع الاقتصاد السعودي ان يدعم تواجد المركز في الرياض وأيضا تواجد أكبر مركز مالي في الرياض ولا ننسى تميزها الجغرافي بالمنطقة. وكذلك يمثل النقد السعودي تقريبا 70% من النقد الخليجي بجانب الكثافة السكانية مقارنة بسكان دول المجلس.
أخيراً كل مواطن في دول الخليج العربي يحلم ان يتم تحقيق التكامل السياسي والاقتصادي والذي نص عند تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية عام 1981م على أرض الواقع، وتحقيق التكامل النقدي ينتج عن طريق السياسة اكثر منها مسألة اقتصادية لأن اتفاق القادة السياسيون شرط أساسي لأي تكامل نقدي اقتصادي.
إن تجربة التكامل الاقتصادي بين دول المجلس الخليجي تعتبر من أحد اهم التجارب في التنظيم الدولي فهي الأكثر واقعية حتى الان، وبالرغم من ذلك فان دول مجلس التعاون تحتاج الى تنويع الهياكل الاقتصادية وتوسيع نطاق التجارة للمساهمة في تعزيز الاستقرار الاقتصادي في المنطقة وبالتالي نجاح الاتحاد النقدي بين الدول والذي هو أكبر عائق في تطبيق العملة الموحدة الخليجية والعمل على ان تكون العملة الثانية بعد الدولار.
انصح بمشاهد مسلسل ” بوقتادة وبونبيل” الحلقة 4 – العملة الخليجية في اليوتيوب والتي تصور معاناة الشعوب الخليجية عند التنقل بين دول مجلس الخليج العربية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال