الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
القصة الاقتصادية كالروايات لها عشاقها ومحبوها سواء كان القارئ متخصصاً في الاقتصاد او غير ذلك وعادة ما تمتاز القصة الاقتصادية بأسلوبها الجميل في المحتوى البعيد عن الأرقام والبيانات والمعادلات الرياضية وهي بالتالي فن يغذي الشغف والمعرفة ، وبالرغم من ندرة الكتب التي ركزت على هذا المجال تحديدا الا ان الاقتصاد عبر التاريخ كان حاضراً في العلوم الأخرى.
يبحث التاريخ الاقتصادي في طبيعة الانسان وانتاجه واقتصاديات المجتمع والأسباب التي تجعل الأمم ثرية او فقيرة وقد كان اول من كتب عنه أبو الاقتصاد آدم سميث في كتابه الشهير ثروة الأمم وبات بالتالي هذا المجال يضع الأسئلة والاجابات حول الثراء والفقر والإنتاج والاستهلاك وصولا الى مفاهيم النمو الاقتصادي في مختلف دول العالم وعبر حقب زمانية ومكانية مختلفة ، سلط التاريخ الاقتصادي الضوء على المتغيرات والأوضاع بمنهجية القصة والتحليل التاريخي المتكامل فربط بين متغيرات التاريخ ونشوء الأنشطة الاقتصادية للإنسان والمجتمع ، من الأهمية بمكان ان نعرف ان التاريخ الاقتصادي يقود لخلق الأفكار الاقتصادية ومعالجة القضايا وأيضاً المرجعية التاريخية والتي تشكلت من الجغرافيا ، الصحة ، الازمات والحروب.
لقد كانت ولا تزال العولمة والعديد من القضايا الاقتصادية أحد أبرز التحولات والأسباب المباشرة والغير مباشرة في اختلاف مستويات التنمية وتفاوتها من مجتمع لآخر وهكذا هو حال في هذا المجال فكتابة التاريخ الاقتصادي هو مخاض رئيس للأفكار والاحداث التي شكلت التاريخ والتي هي في ذات الوقت امتدادا لصراع الانسان الازلي من اجل إيجاد الحلول للمشكلة الاقتصادية قبل اذ يكون هناك علماً اسمه الاقتصاد يُعنى بحلها.
برزت أجيال وأتى العديد من المفكرين وبقيت وستبقى المشكلة الاقتصادية كما هي ، بدأ الانسان قديماً وعبر مراحل التاريخ الاقتصادي بالتدجين والزراعة والمقايضة في الأسواق الدورية fair واستطاع حينها ان يصنع التحول الذاتي في نمط الإنتاج الواحد والاستهلاك الواحد الى التوسع والتنوع اكثر عندما التقى بمجتمعات أخرى عبر تلك الاسواق والسفر والتنقل ثم ما لبث الأمر ان اكتشف المعادن والنقود لتكون التبادلات التجارية اكثر مرونة من المقايضات المكلفة وبشكل مذهل ورائع فالقصص الاقتصادية نتاج لحركة الأسواق والتاريخ حيث تشير احد الدراسات الى ان الأسواق وجدت في عام 1400 قبل الميلاد حيث وجدت الواح تتحدث عن التجارة بين الفراعنة وملوك الشرق .
في اي عصر ، الفكر الاقتصادي يعمل على مواجهة القضايا الاقتصادية التي تظهر والتي تختلف في طبيعتها عن مشكلات اي عصر اخر ، فعلى سبيل المثال الفكر الاقتصادي لمعالجة تداعيات جائحة كورونا يختلف عن معالجة ازمة الكساد الكبير وكذلك فيما بين الحربين العالميتين عندما ولدت مشكلة البطالة المزمنة التي تعد واحدة من القضايا المعقدة داخل المشكلة الاقتصادية استطاع حينها المفكر الكبير كينز حلها وهكذا .
التاريخ الاقتصادي علم وصفي يعمل على تسجيل واقع المشاكل الاقتصادية عبر سلسلة من الحقب التاريخية ، اما الفكر الاقتصادي فهو الاطار النظري الذي يعد الاساس المادي للتاريخ الاقتصادي والذي يفسر اسباب المشكلة ويعرض السياسات الاقتصادية الرامية لمعالجتها اي ان التاريخ الاقتصادي يسجل المشكلة الاقتصادية والفكر الاقتصادي يفسر اسباب نشأة المشكلة ويعرض السياسة الاقتصادية الرامية الى معالجتها.
مجمل القول : التاريخ الاقتصادي علم مذهل يقدم شغف الباحث لقراءة الماضي الاقتصادي بدءً من مراحل المجتمعات البدائية والتي امتازت بسيطرة قوة الطبيعة وبساطة الانشطة الاقتصادية واساليب الانتاج وانتهاء بالثورة الصناعية الرابعة ، وفي داخل التاريخ الاقتصادي هناك قصصاً رائعةً تُحكى ومفارقات جميلة عن الاحداث والمجتمعات واكتشاف الأفكار الاقتصادية القديمة وكيف تحولت تداعياتها الى واقع في الحاضر لِما ثَبُت أهميته ولِما تلاشى منها ، ومن هنا فإن فهم علم الاقتصاد لا يمكن له ان يكون دون معرفة واسعة بتاريخه .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال