الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
عاش الاقتصاد الكوري نقله نوعية خلال الخمسين عام الماضية، وانتقلت كوريا الجنوبية من دولة ذات اقتصاد متخلف وبنية تحتية مدمرة بسبب الحرب الى واحدة من أفضل الاقتصاديات أداءً على مستوى العالم. يعود الفضل في أحداث هذه النقلة الى مجموعات الأعمال التي تسمى (التشايبول).
يعرف (التشايبول) بأنه مجموعات أو تكتلات صناعية كبيرة تدار بواسطة عوائل تجارية وتحتوي العديد من الشركات التابعة. وقد يخفى على الكثير أن أعظم الشركات الكورية هي شركات تأسست وتدار من قبل عوائل تجارية مثل (سامسونج, أل جي, هانوا, أس كي وغيرها). ومنذ اللحظة التي تم إنشائها فيها استمرت عملية التحسينات حتى استطاعت الوصول الى العالمية بل والتفوق على كثير من الشركات الصناعية في أمريكا و أوروبا. حيث شكلت الإيرادات التي تم تحقيقها العام الماضي من قبل (64) شركة من مجموعات (التشايبول) ما يعادل (84%) من إجمالي الناتج المحلي لكوريا الجنوبية.
لم تكن هذه الشركات لتحقق هذه النقلة للاقتصاد الكوري بدون الدعم الحكومي فقد مُيزت هذه المجموعات من خلال القروض والحماية الحكومية من الواردات والاستثمارات الأجنبية وبفضل هذا الدعم استطاعت أن تملك المرونة والرغبة للتماشي مع توجهات الدولة في استراتيجية تطوير المجالات الصناعية.
ومع العديد من الصعوبات والعقبات الاقتصادية إلا أن المساندة الحكومية المستمرة خلقت قيادات قوية تطمح للتوسع والمخاطرة ضمن أي مبادرة في سياسات التنمية الموجهة للاقتصاد الكوري لإعطاء الأولوية للنمو أكثر من الربحية. كما تتمتع كيانات التشايبول بمستوى مذهل من ريادة الأعمال وهذا ما يستطيع المتابع تمييزه من خلال المنتجات وخطوط الإنتاج الجديدة ودخول أسواق محلية ودولية كل عام.
قد يكون في التجربة الكورية بعض المتشابهات مع الحالة السعودية من حيث سخاء الدعم الحكومي، إلا أن التركيز على استقطاب الاستثمار الأجنبي ومشاركة الدولة في إنشاء الشركات الحكومية جعل تركيز القطاع الخاص السعودي منصب على كيفية الاستفادة من التسهيلات الحكومية بدون رغبة قوية في التوسع والنمو إما بسبب عدم وجود الخبرة الكافية لمنافسة المستثمر الأجنبي أو صعوبة منافسة الشركات المملوكة من قبل الدولة.
وتماشياً مع العديد من الجهود التي توليها الدولة أيدها الله لتعزيز القطاع الصناعي ومن آخرها الموافقة على تحويل البرنامج الوطني للتجمعات الصناعية الى المركز الوطني للتنمية الصناعية وما سيسهم به المركز في تعزيز نمو البيئة الصناعية للقطاعات التي تركز عليها رؤية المملكة 2030.
أذن لماذا لا نتبنى الشركات الصناعية السعودية الرائدة في مجالها وبدلاً من أن نعتمد مفهوم التجمعات نتحول الى مصطلح التكتلات وذلك ضمن سياسات حكومية تقود الى أن تكون هذه الشركات هي الشجرة الكبيرة والقوية وارفة الظلال تتركز الموارد لتغذيتها ودعم نموها ويعود ثمرها في تطوير الاستراتيجية الصناعية ودعم التوطين ويستفيد من ظلالها صغار المصنعين بتوفير الدعم في مجال ريادة الأعمال ,الأبحاث, التصنيع أو حتى رأس المال! ومثل ما قادت سامسونج الشركات الكورية في مجال الاتصالات وهونداي في الصناعات الثقيلة لنمو الاقتصاد الكوري تقود شركاتنا المحلية.
في رعاية الله…
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال