الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
لم يكن عام 2013 الأسوأ في الخلافات السياسية والحروب الطائفية فقط بل أيضا في الأوضاع الاقتصادية خصوصا في منطقة الشرق الأوسط ، حيث استمر النمو في الاقتصادات المتقدمة دون مستوى الاتجاه، مع ارتفاع الناتج بمعدل سنوي بلغ نحو 1٪، في حين شهدت العديد من الأسواق الناشئة تباطؤا في النمو بمعدل أقل من 4.8٪.
لكن ما الذي سيفعله 2014 في متجر الاقتصاد العالمي؟
الخبر السار هو أن الأداء الاقتصادي سيرتفع قليلا في كل من الاقتصادات المتقدمة والأسواق الناشئة على حد سواء.و ستنمو الاقتصادات المتقدمة التي تستفيد من نصف عقد من تقليص المديونية في القطاع الخاص “الأسر، المصارف، والشركات غير المالية”، ومن عبء مالي أقل “باستثناء اليابان”، والمحافظة على سهولة السياسات النقدية، بوتيرة سنوية تقترب من 1.9٪.
وعلاوة على ذلك، فإن ما يسمى بمخاطر الذيل “أي المخاطرالمنخفضة الاحتمال، والصدمات الشديدة التأثير” ستكون أقل بروزا في عام 2014.
ووفقا لما نشر في صحيفة الغارديان ، فإن ارتفاع العجز في الميزانية وأعباء الدين العام تجبر الحكومات على مواصلة التسوية المالية الصعبة. إلا أن كثرة السياسات العامة والتنظيمية المشكوك بها سوف تبقي الإنفاق الاستثماري الخاص في موضع مراجعة و ضبط.
بالإضافة إلى ذلك، هناك مخاطر تلوح في الأفق بسبب الركود العالمي في كثير من الاقتصادات المتقدمة، ويرجع ذلك إلى التأثير السلبي على نمو الإنتاجية لسنوات من نقص الاستثمارات في رأس المال البشري و المادي، والإصلاحات الهيكلية في هذه الاقتصادات تحتاج إلى دعم لتعزيز نموها الذي سوف يكون بطيء جدا.
لاتزال مخاطر الذيل في منطقة اليورو أقل من ذلك، وتنحصر مشاكلها الأساسية التي لم تحل بعد في الآتي: نمو منخفض في الإمكانيات؛ ارتفاع معدلات البطالة ، مستويات مرتفعة في الدين العام ، فقدان القدرة التنافسية وانخفاض بطيء في تكاليف وحدة العمل “التي لا تساعده قوة اليورو”، وتقنين الائتمان بصرامة مفرطة نظرا لتقليص مديونية المصارف المستمر.
وفي الوقت نفسه، التقدم نحو اتحاد مصرفي سيكون أيضا بطيء ، ولن يتم اتخاذ أي خطوات نحو إقامة اتحاد مالي رغم إعياء التقشف و ونمو المخاطر السياسية في محيط منطقة اليورو.
في اليابان، أحرز رئيس وزراء الحكومة شينزوأبي تقدما كبيرا في التغلب على ما يقرب من عقدين من الانكماش، وذلك بفضل تخفيف القيود النقدية والتوسع المالي. لكن المخاوف الرئيسية تنبع من الزيادة المقبلة في ضريبة الاستهلاك و بطء تنفيذ ” السهم ” الثالث من ما يسمى “” Abenomics والمقصود بها الإصلاحات الهيكلية وتحرير التجارة.
يتوقع نورييل روبيني ،أستاذ الاقتصاد في كلية شتيرن لإدارة الأعمال، جامعة نيويورك، أن يرتفع الأداء الاقتصادي في الولايات المتحدة في عام 2014 بسبب ثورة طاقة الصخر الزيتي، والتحسن في أسواق العمل والإسكان و إعادة دعم التصنيع. ومن المخاطر السلبية الناتجة عن: الجمود السياسي في الكونغرس ” ولا سيما في ضوء الانتخابات النصفية القادمة في شهر نوفمبر، والتي سوف تستمر للحد من التقدم في ضبط أوضاع المالية العامة على المدى الطويل”، عدم وضوح الرؤية حول خروج الاحتياطي الاتحادي المخطط له من التسهيلات الكمية ( QE ) وأسعار الفائدة التي تقترب من الصفر، والمخاوف التنظيمية.
ويعتقد نيل إيروين، وهوكاتب عمود في صحيفة الواشنطن بوست، أن الولايات المتحدة تستعد لاستقبال العام الأقوى “2014” في النمو الاقتصادي منذ بدء الركود، والانتعاش الذي ظهر متأرجحا ومؤقتا منذ عام ،يبدو اليوم أكثر رسوخا وعمقا. ويضيف إيروين: في عام 2011، حدث زلزال في اليابان، وارتفعت أسعار النفط بسبب الربيع العربي واشتدت أزمة منطقة اليورو فهددت النظام المالي العالمي برمته، وجميع هذه العوامل المعقدة لاشك أنها أثرت على نمو الاقتصاد الأميركي، لكن نموه في عام 2014 سيكون في حدود 3% إلى 4% بدلا من 2 % إلى 2.5% في الخمس سنوات الماضية .
ورغم ذلك، لا أؤمن بهذه التوقعات المتفائلة،وأنظر لها بعين الشك والريبة لأن الاقتصاد الأميركي كان مخيبا للآمال والتنبؤات في السنوات الأخيرة.
من جهة أخرى، واجهت الأسواق الناشئة في عام 2013 صعوبات شتى، منها: التباطؤ الاقتصادي في الصين ، ونهاية دورة السلع الأساسية، وانخفاض في نمو الإمكانيات ، وذلك بسبب التأخير في إطلاق الإصلاحات الهيكلية. وستظل بعض الأسواق الناشئة “أي الهند وإندونيسيا والبرازيل وتركيا وجنوب أفريقيا والمجر وأوكرانيا، والأرجنتين، وفنزويلا – هشة في عام 2014، وذلك بسبب العجز الخارجي والمالي الكبير، بالإضافة إلى تباطؤ النمو، التضخم المالي دون المستوى المستهدف ،والتوترات السياسية المرتبطة بالانتخابات. بعض هذه الدول -،على سبيل المثال إندونيسيا، تعهدت مؤخرا بتعديل سياساتها مما يقلل من المخاطر التي قد تواجهها في هذا العام ، رغم أن أسواقها لا تزال عرضة للصدمات الخارجية المحتملة.
والأسواق الناشئة ذات الأداء الأفضل هي تلك التي ترتبط بصورة أقل بالاقتصاد الكلي ونقاط الضعف المالي، مثل : كوريا الجنوبية والفلبين و ماليزيا وغيرها من مصدري الصناعات الآسيوية؛ وبولندا وجمهورية التشيك في أوروبا؛ وشيلي وكولومبيا وبيرو والمكسيك في أميركا اللاتينية؛ وكينيا ورواندا وعدد قليل من الاقتصادات الأخرى في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وكذلك دول الخليج المصدرة للنفط .
أخيرا، ستحافظ الصين على معدل نمو سنوي أعلى من 7 ٪ في عام 2014 ورغم الإصلاحات التي وضعتها اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ، فإن التحول في نموذج النمو في الصين من الاستثمار الثابت نحو الاستهلاك الخاص سوف يحدث ببطء شديد. والعديد من أصحاب المصالح الخاصة في الصين، بما في ذلك الحكومات المحلية و الشركات المملوكة للدولة ، تقاوم التغيير، مما يزيد من تأزم وضع الديون العامة والخاصة ،في الوقت الذي تنقسم فيه قيادة البلاد بشأن كيفية تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية بأسرع وقت.
تستطيع الصين تجنب الهبوط الحاد في عام 2014 ، لكن التوقعات على المدى المتوسط مقلقة.
وباختصار، فإن الاقتصاد العالمي سينمو بشكل أسرع في عام 2014 ، في حين أن مخاطر الذيل سوف تكون أقل.
وباستثناء محتمل للولايات المتحدة، سيظل النمو ضعيفا في معظم الاقتصادات المتقدمة، وهشا في الأسواق الناشئة بما في ذلك الصين التي تحاول إعادة التوازن الاقتصادي والتي يمكن أن تصبح عبئا على النمو العالمي في السنوات اللاحقة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال