الثلاثاء, 16 يوليو 2024

ارتفاع عدد ساعات عمل الأثرياء لتوافر وسائل المتعة المكتبية

FacebookTwitterWhatsAppTelegram

رقية الكمالي -مال

عبر التاريخ، عرف عن طبقة الأغنياء بأنهم يعملون ساعات أقل ويمتلكون وقت فراغ أكثر وبالتالي هم الأكثر استمتاعا. في مسلسل “Downton Abbey”، وهو دراما عن الطبقات العليا البريطانية في أوائل القرن 20، لم يسمع الأرستقراطي قط مصطلح “weekend” أو “عطلة نهاية الأسبوع”: لأن كل يوم يمر عليه متشبع بالمتعة والرفاهية.

على الجانب الآخر، تعودنا أيضا أن نسمع بأن الفقراء هم من يعمل لساعات أكثر مما ينبغي. ويقول هانز يواكيم فوث، المؤرخ الاقتصادي في جامعة زيورخ، أنه “في عام 1800 م، كان متوسط عدد ساعات عمل العامل الإنجليزي أسبوعيا 64 ساعة “.

اقرأ المزيد

اليوم، وفي الاقتصادات المتقدمة، اختلفت الأمور تماما، حيث تراجعت ساعات العمل عموما على مدى القرن الماضي، لتصبح ساعات عمل الأغنياء أطول من ساعات عمل الفقراء.

وفي عام 1965، كان لدى الرجال الذين حصلوا على شهادة جامعية، والذين يطمحون إلى أن يكونوا أكثر ثراء، وقت فراغ أكثر قليلا من أولئك الذين أكملوا الثانوية العامة فقط.

ولكن بحلول عام 2005 كان أولئك الذين تلقوا تعليما جامعيا يملكون وقت فراغ أقل من ثمان ساعات أسبوعيا من خريجي المدارس الثانوية. وتظهر الأرقام الصادرة العام الماضي عن مسح استخدام الوقت في أميركا، أن الأميركيين الذين يحملون درجة البكالوريوس أو أعلى، يعملون ساعتين أو أكثر يوميا من أولئك الذين يحملون شهادة المدرسة الثانوية أو أقل منها.

وتبين البحوث الأخرى أن حصة الذين تلقوا تعليما جامعيا من الرجال الأميركيين الذين يعملون بانتظام هي أكثر من 50 ساعة في الأسبوع لترتفع من 24٪ في عام 1979 إلى 28٪ في عام 2006، في المقابل انخفضت هذه النسبة لدى المتسربين من المدرسة الثانوية.

وإذا أردنا تفسير هذا التحول ،هناك عدد من التفسيرات، إحداها له علاقة مع ما يسميه الاقتصاديون “تأثير الاستبدال” أي أن ارتفاع الأجور جعل الترفيه أكثر تكلفة: عندما يأخذ الموظف إجازة، هذا يعني أنه يتخلى عن المزيد من المال.

ومنذ ثمانينيات القرن العشرين، ارتفعت رواتب أولئك الذين هم على رأس الهرم بقوة، بينما رواتب الطبقة الوسطى انخفضت أو بقيت دون زيادة ، وبالتالي زاد الفرق بين الطبقتين مما شجع الأغنياء للعمل أكثر والفقراء للعمل أقل. وطبيعة الاقتصادات الحديثة أن “الفائز يأخذ كل شيء”.

يفترض الاقتصاديون أن تأثير الاستبدال يجب في مرحلة ما أن يوجه ب” تأثير الدخل ” : أي أن رفع الرواتب يسمح للناس بتلبية احتياجاتهم المادية ، و التخلي عن العمل الإضافي وبالتالي امتلاك وقت فراغ أكثر ،فالملياردير الذي يمتلك جزيرة خاصة يكون لديه حافز للعمل ساعة إضافية ،ولكن الأعراف الاجتماعية الجديدة قد قلبت تأثير الدخل رأسا على عقب.

نعود مرة أخرى إلى عالم الأغنياء والطبقة الارستقراطية حيث تغيرت حالة العمل والترفيه في العالم الغني منذ أيام “Downton Abbey” .في عام 1899، قال ثورستين فيبلين ، الخبير الاقتصادي الأميركي الذي انخرط في علم الاجتماع بأن الفراغ كان ” وسام شرف ” ودلالة على السلطة الاجتماعية التي يمتلكها الفرد. حث كان الأغنياء يستخدمون من يقوم بدلا عنهم بشتى الأعمال ليكتفواهم بممارسة الأنشطة التي تحتاج إلى تحدي وإبداع مثل الكتابة، أو المشاركة في الأعمال الخيرية .

وفقا لدراسة حديثة نشرت لمجموعة من الباحثين في جامعة أكسفورد تم الإشارة إليها في صحيفة الإيكونوميست ، فإن نظرية فيبلين تحتاج إلى تحديث وتطوير ،فالعمل في الاقتصادات المتقدمة أصبح أكثر كثافة معرفيا وفكريا ، في المقابل ، هناك عدد أقل من الوظائف ، بعضها ممل، مثل عامل المصعد، وأخرى أكثر بريقا ، مثل تصميم الأزياء. في الوقت الحاضر، يستطيع المرء الاستمتاع بوقته وهو يؤدي عمله المكتبي ومن ثم فإن العمل وفر الملذات التي سعى الأغنياء للحصول عليها في أوقات فراغهم ،كما أن الفراغ لم يعد علامة على السلطة الاجتماعية ، بل أصبح رمزا للعبث والبطالة. لذا يقترح أرلي راسل هوشتشايلد من جامعة كاليفورنيا في إحدى بحوثه أن يصبح العمل محفز فكريا بحيث يستمتع الموظف في حياته العملية أكثر من الأوقات التي يقضيها في منزله . وكشفت دراسة أجريت في عام 2006 أن الأميركيين الذين يتجاوز دخل أسرهم أكثر من 100.000 دولار، نسبة وقت فراغهم الذي يقضونه في أمور سلبية ، مثل مشاهدة التلفاز، أقل من 40% مقارنة بأولئك الذين يكسبون أقل من 20.000 دولار.

ذات صلة

المزيد