السبت, 10 مايو 2025

اليونان تعود لسوق السندات بإصدار قيمته 3 مليار يورو

كانت رحلة الأزمة اليونانية بمثابة ملحمة، ولكن البلاد قد وصلت، إن لم يكن إلى نهايتها، فعلى الأقل تمكنت من الوصول إلى علامة للطريق، فقد كانت آخر مرة جمعت فيها الحكومة اليونانية رؤوس أموال طويلة الأجل فى مارس 2010، أى قبل أن تفقد الأسواق ثقتها باليونان تماماً بأسابيع قليلة، لكن الحكومة اليونانية عادت مرة أخرى إلى الأسواق الأسبوع الماضى لتجمع 3 مليارات يورو أى ما يعادل 4.1 مليار دولار من إصدار سندات لأجل خمس سنوات بعائدات أقل من %5.

وربما تكون الكمية قليلة والعائدات مرتفعة مقارنة بتكاليف الاقتراض فى دول منطقة اليورو الأخرى التى تم إنقاذها، مثل البرتغال، حيث يتم تداول السندات لأجل خمس سنوات بفائدة حوالى %2.6، ولكن مبدأ إصدار السندات فى حد ذاته يثير الدهشة نظراً لعمق أزمة اليونان ، إذ إن ست سنوات متتالية من الركود أدت إلى تقلص الاقتصاد اليونانى بمقدار الربع، مما أثار اضطرابات اجتماعية وسياسية كانت تهدد بخروج اليونان من منطقة اليورو، وكانت تبدو عودة اليونان إلى الأسواق خلال السنوات الأربع الماضية أمراً لا يمكن تصوره، هذا الرأى الذى أكده ارتفاع عائدات السندات اليونانية خلال تلك الفترة.

وقد كانت اليونان، على مدار السنوات الأربع الماضية، تعتمد اعتمادا كليا على مساعدة حكومات منطقة اليورو وصندوق النقد الدولى لتلبية احتياجاتها من التمويل من خلال حصولها على حزم الإنقاذ.

اقرأ المزيد

وإذا كانت اليونان قد أحرزت تقدما كبيرا عن تلك الأيام المظلمة، فإنها لا تزال غير قادرة على دعم نفسها ماليا، ومثل غيرها من دول جنوب أوروبا، فقد ربحت اليونان من النظرة الإيجابية للمستثمرين حيال منطقة اليورو بالإضافة إلى توقعات بتبنى البنك المركزى الأوروبى سياسة التيسير الكمي.

وقد تراجعت عائدات سندات اليونان لأجل عشر سنوات الأسبوع الماضى إلى أقل من %6، لكن تلك النسبة مرتفعة جداً بالنسبة لدولة يتوقع صندوق النقد الدولى أن تنمو بنسبة %0.6 فقط فى عام 2014 وتعانى الانكماش، ومازالت اليونان تحت المجهر مقارنة بإيرلندا والبرتغال، ثانى وثالث دولة فى منطقة اليورو تطلبان حزم إنقاذ، حيث تبلغ عائدات السندات لأجل عشر سنوات أقل من %3 و%4 على التوالي.

وفى الواقع، لم تكن اليونان لتقدر على الوصول إلى الأسواق لولا الدعم الذى تلقته من باقى دول منطقة اليورو، وتعتبر نسبة الدين العام، التى بلغت هذا العام %175 من الناتج المحلى الإجمالي، أعلى بكثير من مستوى الدين قبل حزمة الإنقاذ الأولى، وتمكنت اليونان من تحمل هذا العبء من خلال التسويات التى قام بها المقرضون الأوروبيون الذين يحملون الان معظم ديون اليونان.

حتى إن المزيد من المساعدة ستكون ضرورية، إذ لايزال صندوق النقد الدولى مصمماً على أن حكومات منطقة اليورو سيتعين عليها القيام بمزيد من التسويات حال وضع دين اليونان العام على مسار مستدام، ويرى الصندوق أن نسبة الديون من إجمالى الناتج المحلى يجب أن تتراجع %4، وذلك إذا كان من المستهدف أن تصل نسبة الدين من الناتج المحلى الإجمالى إلى %124 بحلول عام 2020، وإلى %110 بحلول عام 2022.

ولكن حتى مع المزيد من المساعدات، فإن أهداف الدين تبدو ضخمة، إذ لم تتمكن اليونان من تحقيق فائض فى ميزانيتها الأولية العام الماضى إلا بنسبة %1.5 من الناتج المحلى الإجمالي، ولتحقيق أهداف الدين فى عام 2020 يجب أن ترتفع نسبة هذا الفائض إلى %4.5 بحلول عام 2016 وأن يبقى عند نسبة %4 فى عشرينيات القرن الواحد والعشرين.

ويتوقع صندوق النقد الدولى أن تعزز الإصلاحات فى اليونان الناتج المحلى الإجمالى بنسبة %4 خلال السنوات الخمس القادمة و%10 على المدى الطويل، وربما يكون سأم اليونان من الإصلاحات أمرا مفهوما ولكنه يعكس عدم رغبتها فى قبول أن الدولة هى المسئولة عما وصلت اليه، فقد دخلت اليونان الأزمة كدولة متدهورة ذات اقتصاد ضعيف، ويشير المزاج السياسى الغاضب فى اليونان إلى أنها لم تدرك جيدا ما الذى كان من المفترض القيام به أكثر من ذلك.

ذات صلة



المقالات