الأربعاء, 30 أبريل 2025

10 % من الشركات في السعودية استحدثت 90 % من الوظائف

هيئة للاستثمار

كشف مسؤول في الهيئة العامة للاستثمار، إن 10 في المائة فقط من الشركات المرخص لها بالاستثمار داخل السعودية استحدثت 90 في المائة من إجمالي وظائف هذا القطاع، مشيرا إلى وجود تراخيص تزاول أنشطة استثمارية ذات إسهامات متدنية.

ووفقا لصحيفة “الاقتصادية” أوضح خالد الخثلان، وكيل محافظ هيئة الاستثمار للشؤون القانونية والخدمات، أن التراخيص المصدرة من الهيئة تندرج في ثلاث فئات: تراخيص لمشاريع متميزة ليست عليها أي ملاحظات، وأخرى لمشاريع جادة في مجالات مهمة لكن عليها بعض الملاحظات، وأخيرا مشاريع لديها تجاوزات وتمارس أنشطة تتعارض مع نظام الاستثمار الأجنبي.

اقرأ المزيد

يأتي هذا في وقت تقدم فيه مستثمرون أجانب بشكاوى قضائية ضد الهيئة العامة للاستثمار، يتهمون فيها الهيئة بفرض مزيد من الرسوم وتضييق الخناق عليهم بقرارات مخالفة لنظام الهيئة، فيما قالت الهيئة العامة للاستثمار إن قراراتها تكتسب الصفة القانونية من خلال المرسوم الملكي المنظم لعملها.

وأبلغ أحد المستثمرين الأجانب (فضّل عدم ذكر اسمه)، أن هنالك ثلاثة تكتلات من مستثمرين أجانب لرفع قضايا إلى ديوان المظالم ضد الهيئة العامة للاستثمار، بعدد إجمالي 167 مستثمرا متقدما بشكاوى قضائية، حيث يبلغ عدد المستثمرين في التكتلات الثلاثة على التوالي 30 و112 و25 مستثمرا أجنبيا ناهيك عن قضايا فردية أخرى.

وأضاف أن التكتلات تحوي جنسيات كثيرة جلها من الجنسيات العربية، إضافة إلى جنسيات أمريكية وكندية وبريطانية وهندية وغيرها، مؤملا أن ينصفهم القضاء السعودي المعروف بنزاهته، لكيلا يجدوا أنفسهم مضطرين إلى اللجوء إلى المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار في واشنطن “إكسيد” التابع للبنك الدولي، الذي حكم في قضايا مماثلة في كثير من الدول في العالم لصالح المستثمرين الأجانب في تلك الدول وبمليارات الدولارات، خاصة أن المملكة عضو في منظمة التجارة العالمية وتلتزم دائما باتفاقياتها الدولية.

وقال: إن خروج شركات ذات أصول تحتوي على مئات الملايين من السوق السعودية دليل دلالة واضحة على وجود خلل في بيئة الاستثمار السعودية، وهذا الخلل سيشطب 37 في المائة من حجم الاستثمارات في الأجل القريب على حد قوله، كما أنه سيساعد على عودة الاستثمار ولكن من باب “التستر” وسيكون لذلك أضرار بالغة وكبيرة على اقتصاد المملكة ظاهرة وغير ظاهرة.

وقال إياد قرقور، مستثمر في تقنية المعلومات: إن نقطة الخلاف الجوهرية بيننا وبين الهيئة هي في مخالفة المرسوم الملكي المنظم لعمل الهيئة الصادر بتاريخ 9/ 4/ 2000 وتحديدا المادة السادسة التي أتاحت المعاملة الوطنية للمستثمرين الأجانب أي المعاملة بالمثل، فقد حصلتُ وقتها على ترخيص دائم مدى الحياة، لكني فوجئت بعد سنتين بسحب الترخيص مني، وقالوا إنه لا بد من تجديده كل سنتين ثم كل سنة.

وأضاف أن الهيئة تفرض رسوما سنوية تقدر بـ 12 ألف ريال عن كل ترخيص، إضافة إلى فرض الفصل بين قطاعات الإنشاء والصيانة والتشغيل والتشييد بالنسبة للمقاولين، فمثلا يعطونك ترخيص صيانة ولا يعطونك ترخيص تشييد، وبالتالي تم حرمانك من الحصول على «التعاقد المباشر» مع الدولة.

وذكر أن الهيئة تشترط ضمانا مصرفيا تكون قيمته 2 في المائة من قيمة العقود المنفذة سنويا أو 2 في المائة من الحدود المالية من النشاط المراد مزاولته، فلو نظرت إلى الحدود المالية فستجد أن أقل حد مالي هو 70 مليون ريال، وبالتالي فإن أقل ضمان مصرفي سيكون 1.4 مليون ريال عن كل نشاط، علما بأن رؤوس أموالنا أقل من ذلك بكثير.

وأوضح علاء سيد الأهل، المستثمر في مقاولات الشبكات، أن وزارة العمل حددت سعودة قطاع المعلومات بـ 10 في المائة، والوزارة تعطي حوافز لمن يتخطى هذه النسبة لمن يصل إلى 20 و30 في المائة، “فالذي يصل إلى 39 في المائة تعتبره في النطاق البلاتيني وتعطيه حوافز ومكافآت ولكن هيئة الاستثمار تطالبني بـ 75 في المائة سعودة وهذا مستحيل”، وفقا لقوله.

وقال محمد الشبك، المستثمر في مجال الإدارة الطبية والإعلام، أن لديه استثمارات في ألمانيا والمغرب والسودان وغيرها، لكن يرى فرص الاستثمار في السعودية أفضل بكثير.

وأضاف أنه يعد صاحب أول ترخيص في مجال الاستثمار في الإدارة الطبية، لكنه فوجئ لاحقا عند التجديد بطلب مراجعة وزارة الصحة، وأبلغ حينها أنه مخالف، رغم أنه في الأصل طبيب ولديه خبرة ست سنوات في مجاله، ليفاجأ في نهاية المطاف بسحب الترخيص.

من جانبه، أوضح خالد الخثلان، وكيل محافظ هيئة الاستثمار للشؤون القانونية والخدمات، أن الهيئة تملك حق التعديل على اللوائح ودراستها من كل الجوانب، بما فيها التزامات المملكة الدولية، ومن ثم إقرارها من مجلس إدارة الهيئة بحكم الصلاحيات المخولة له نظاما.

وأضاف أن الهيئة تتولى بموجب المرسوم الملكي م/2 وتاريخ 5/1/1421هـــ مسؤولية العناية بشؤون الاستثمار في المملكة، وتحسين البيئة الاستثمارية، وتوفير مناخ النمو للمنشآت الخاصة، وتوفير مزيد من التسهيلات والحوافز؛ لتحقيق الغرض الرئيس الذي أنشئت من أجله بالتنسيق والتعاون مع الجهات الحكومية كافة.

وبيّن، أن دراسة أجرتها الهيئة أوضحت أن 10 في المائة فقط من الشركات المرخصة استحدثت 90 في المائة من إجمالي الوظائف في هذا القطاع، موضحا أن هنالك تراخيص تزاول أنشطة استثمارية ذات إسهامات متدنية، مثل مقاولات لا تمتلك مقومات الحصول على تصنيف، وتراخيص لمصانع تحولت إلى ورش ومعامل، ومطاعم وإدارة وتشغيل فنادق لا تنطبق عليها شروط ومتطلبات الاستثمار.

وقال إن التراخيص المصدرة تتركز في ثلاث فئات: تراخيص لمشاريع متميزة، وهي استثمارات كبيرة ذات قيمة نوعية وليست عليها ملاحظات، والفئة الثانية مشاريع جادة في مجالات صناعية وخدمية مهمة، وعليها بعض الملاحظات مثل استثمارات في قطاعات السياحة أو الصحة أو التجارة، والثالثة مشاريع لديها تجاوزات وتمارس أعمالا وأنشطة تتعارض مع نظام الاستثمار الأجنبي.

وقال: إن الأخيرة تستنزف جهد إدارة متابعة التراخيص ووقتها، وتشكل عبئا على الإدارات الأخرى كمراكز الخدمة الشاملة والإدارة القانونية.

وعن أن الاستثمار الأجنبي لم يحقق أحد أهدافه الرئيسة المتمثلة في نقل التقنية وتوطينها وتشغيل السعوديين وتأهليهم؛ بيّن الخثلان أنه لا يمكن تعميم بعض الممارسات غير القانونية في هذا القطاع من قبل بعض المستثمرين غير الجادين على جميع الاستثمارات الأجنبية.

وأضاف: “هنالك شركات أجنبية لها إسهامات إيجابية لا يمكن إغفالها في تطوير مواردنا البشرية أو إدخال أساليب إدارية حديثة، ونقل التقنية وتعزيز الصادرات وغيرها الكثير من الإيجابيات”.

وتابع: “الهيئة العامة للاستثمار منذ تأسيسها تمثل عامل جذب قويا لاستقطاب استثمارات نوعية سواء كانت استثمارات لشركات ذات سمعة عالمية أو شركات صغيرة ومتوسطة ذات نشاط متميز قائم على الإبداع والابتكار ويعزز من القيمة المضافة في القطاعات الواعدة”.

وختم تصريحه بأن الهيئة أصدرت أخيرا قرار تسهيل إجراءات الترخيص من خلال المسار المميز للشركات العالمية متعددة الجنسيات، والشركات المدرجة في السوق المالية في بلدها أو دولة أخرى، إضافة إلى المشاريع الصغيرة والمتوسطة القائمة على الإبداع والابتكار أو لديها حقوق ملكية فكرية مسجلة باسمها.

وأضاف: “يبت في مثل هذه النوعية من الطلبات خلال خمسة أيام عمل من تاريخ الاستلام واستيفاء المستندات التي اقتصرت على ثلاثة مستندات، وهي بذلك تؤكد حرصها على خدمة المستثمرين والإسراع في الإجراءات للاستثمارات الواعدة وذات الأثر الاقتصادي على المملكة”.

من جانب آخر دار جدل قانوني حول مخالفة الهيئة للمرسوم الملكي المنظم لعملها، فقد زعم محام ومستشار قانوني أنه لا يحق للهيئة نظاما إصدار أنظمة واشتراطات إلا بمرسوم ملكي أو قرار من مجلس الوزراء، بينما خالفه آخر بأن المرسوم الصادر في عام 2000م يتيح لمجلس إدارة الهيئة إصدار شروط ومعايير.

وبين الدكتور أحمد الصقية، القاضي في ديوان المظالم سابقا والمستشار القانوني، أن ما تتخذه هيئة الاستثمار من إجراءات وما تضعه من معايير يعد تماشيا مع انضمام السعودية إلى منظمة التجارة العالمية، ففي عام 2006م تم تعديل اللائحة التنفيذية لنظام الاستثمار الأجنبي الصادرة بقرار من مجلس إدارة الهيئة، وتتضمّن التعديلات عددا من الالتزامات التي وافقت عليها المملكة، ومن ذلك أن يكون رأس المال الأجنبي في صورة شركة ذات مسؤولية محدودة أو شركة مساهمة وغيرها من الاشتراطات النظامية.

وأوضح أن الغرض الأساسي للهيئة هو العناية بشؤون الاستثمار في المملكة بما في ذلك الاستثمار الأجنبي، ويشمل ذلك المساهمة في إعداد سياسات الدولة في مجال تنمية وزيادة الاستثمار الأجنبي واقتراح الخطط الكفيلة بتهيئة مناخ الاستثمار في المملكة ومتابعة وتقييم أداء الاستثمار والتنسيق مع الجهات الحكومية ذات العلاقة بما يمكن الهيئة من أداء مهامها وأي مهام تسند إلى الهيئة نظاما.

ومما أسند للهيئة نظاما -وفقا لقوله- ما جاء به نظام الاستثمار الأجنبي الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/1) وتاريخ 5/1/1421هـ ولائحته التنفيذية من إجراءات، تقتضي أن تمتلك الهيئة حق منح التراخيص وطلب تقديم خطة عمل للتوظيف والتدريب والمتضمنة تقديرا لعدد العاملين ونسبة السعوديين منهم.

وفيما يتعلق بإلزام المستثمر الأجنبي بنسبة توطين 75 في المائة وعدم ثبات الرسوم السنوية والضمان المصرفي، ذكر أن المادة السابعة من اللائحة التنفيذية لنظام الاستثمار الأجنبي تؤكد على أن طالب الترخيص عليه تعبئة نموذج طلب الترخيص الاستثماري واستيفاء عدد من المتطلبات، ومنها: تقديم ميزانية للمنشأة طالبة الترخيص من خارج المملكة لفترة لا تقل عن ثلاث سنوات توضح سلامة الوضع المالي للمنشأة معتمدة من مكتب محاسبي ومصدقة من الجهاز المعني بالأنشطة التجارية والضرائب ببلدها، ومن سفارة المملكة.

ومن المتطلبات أيضا: إثبات القدرة المالية على الاستثمار بما يتناسب مع رأسمال المشروع وحصة كل شريك، وبما يتناسب مع خطة العمل المقدمة للمشروع ما يعني تقديم خطة عمل تفصيلية تبين وبدقة قدرة المشروع على تحقيق أهداف الاستثمار بما في ذلك مساهمته في زيادة دخل المملكة والوظائف التي سيوفرها للمواطنين وخطة التوظيف والتدريب والمتضمنة تقدير عدد العاملين ونسبة السعوديين منهم.

وأضاف الصقية: “نصّ عدد من المعايير لقطاعات الاستثمار الأجنبي الصادرة من مجلس إدارة الهيئة على تشغيل السعوديين، ومن ذلك معايير قطاع المطاعم، حيث يلتزم المستثمر بتقديم الهيكل الإداري للمنشأة وخطة سعودة الوظائف والتدريب فيه على ألا تزيد نسبة الأجانب من المديرين والتنفيذيين والإخصائيين والطهاة عن 25 في المائة من إجمالي الوظائف الإدارية، والتنفيذية والطهاة من خريجي معاهد الضيافة في المملكة”.

وعن ذهاب عدد من المستثمرين إلى المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار التابع للبنك الدولي “إكسيد”؛ ذكر أن بإمكان المستثمرين المتظلمين من إجراءات الهيئة فيما يتعلق بمنح التراخيص أو تعديلها أو تجديدها اللجوء إلى المحاكم الإدارية في المملكة للاعتراض على قرارات الهيئة، وفق ما يقرره نظام الاستثمار الأجنبي ولائحته التنفيذية وقواعد المرافعات أمام ديوان المظالم، وهي الجهة المختصة بنظر النزاع باعتباره دعوى إلغاء في قرار إداري يفصل فيها القضاء الإداري، وهناك عدد كبير من السوابق والمبادئ المستقرة قضاء.

وأضاف أن الهيئة هي التي تملك تقييم التراخيص، وإذا قررت الهيئة رفض طلب الترخيص أو تعديله أو تجديده، فالقرار يكون مسببا ويحق لصاحب الشأن الاعتراض عليه لدى مجلس إدارة الهيئة خلال 60 يوما من تاريخ إبلاغه به، ويبتّ مجلس الإدارة في الاعتراض خلال 30 يوما من تاريخ تقديمه.

وإذا كان القرار برفض الاعتراض، فيحق لصاحب الشأن التظلم من ذلك أمام ديوان المظالم خلال 60 يوما من تاريخ إبلاغه بقرار مجلس الإدارة، وهذا هو الطريق القانوني لهذه الإجراءات والطعن عليها.

وأضاف الصقية أن ترخيص هيئة الاستثمار في حقيقته يعد ميزة وقتية، وليس حقا دائما كما قررته مبادئ القضاء الإداري، وهو يخضع في ذلك لضوابط المصلحة العامة وشروط النظام، إذ ليست العبرة بصدوره فقط إنما العبرة بمدى اتفاق صدوره مع صحيح النظام، ولا ينال من ذلك وجود تراخيص سابقة صادرة من قِبل الهيئة، حيث إن الاشتراطات قواعد آمرة لا يجوز الاتفاق على خلافها، ويجب تصحيح الوضع إذا ما تمّت سابقا بخلاف ما قضت به الأنظمة.

من جانبه، قال أحمد العشوان، محام ومستشار قانوني: إن مطالب المستثمرين مطالب مشروعة وهم لا يريدون سوى تطبيق الأمر السامي الواضح والمحدد لعمل الهيئة، وتطبيق قرار مجلس الوزراء الذي قضى في المادة السادسة منه بأن المشروع الأجنبي يماثل ويتمتع بالمميزات التي يتمتع بها المشروع الوطني، ويعامل المستثمر الأجنبي معاملة نظيره السعودي، خاصة أن المملكة وقعت على اتفاقيات واضحة واتفاقيات ملزمة بأن تكون الهيئة مظلة لهؤلاء المستثمرين وتزيل عنهم أي عوائق.

وأضاف أن الهيئة جهة تنفيذية ولها نظامها الواضح وعليها الالتزام بموادها وقراراتها هذا أولا، وثانيا عدم وجود سلطة تشريعية لها، وبالتالي لا يحق لها اتخاذ أي قرارات، لأنها ستكون قرارات باطلة نظاما وقانونا، ثالثا أن الهيئة أخذت اختصاصات وزارات أخرى، فأخذت اختصاص وزارة التجارة في الترخيص، وأخذت اختصاص مكاتب العمل وعملت لجان مخالفات، وأخذت اختصاص وزارة الشؤون البلدية والقروية وألغت ستة كيانات من ثمانية بحجة التصنيف، حتى أصبح المستثمر تائها ويخشى من قرارات جديدة للهيئة ضده.

وأضاف أن الثبات التشريعي مهم جدا للمستثمر لأنه دون ثبات تشريعي لا يوجد مناخ استثماري ملائم، وبالتالي فعلى الهيئة الوضوح في قراراتها، فلا أحد يريد القفز على النظام ولا أحد يريد أن يخالف النظام أو يقف مع المستثمر وهو يخالف النظام، المطلوب هو المستثمر النظامي الذي دخل عبر الوسائل النظامية، وعلى الجانب الآخر هذا المستثمر يريد الاستثمار الآمن.

ذات صلة



المقالات