الأربعاء, 31 يوليو 2024

مشاريع «الإسكان» بطيئة .. وتصاريحها أضرت بالسوق العقارية

FacebookTwitterWhatsAppTelegram

عقارات

اتفق عقاريون ومختصون اقتصاديون على أن برامج ومشاريع وزارة “الإسكان” ما زالت تسير ببطء ولم تسهم حتى الآن في التأثير على أسعار السوق العقارية، أو تحقيق رغبة خادم الحرمين الشريفين بتخفيف أعباء السكن على المواطنين.

كما أجمع المختصون بحسب صحيفة ” الاقتصادية” حول أثر مشاريع وزارة الإسكان على السوق العقارية على أن تصريحات المسؤولين في وزارة الإسكان حول برامجها ومشاريعها السكنية ووعودها بحل الأزمة السكانية وخفض الأسعار لم تكن حقيقية على أرض الواقع وأثرت بشكل سلبي على زيادة العرض في السوق العقاري وأدت إلى انخفاضه وارتفاع أسعار العقارات.

اقرأ المزيد

وقالوا: إن استمرار الوزارة في هذا النهج سيكون له مردود سلبي أكبر خلال السنوات المقبلة، وقد يؤدي إلى إيقاف بناء المشاريع السكنية وتوقف عرض الوحدات السكنية في السوق العقارية.

 

وفي البداية قال الدكتور بدر بن سعيدان عضو اللجنة العقارية في الغرفة التجارية الصناعية في الرياض ومدير عام شركة آل سعيدان للعقارات: إن برامج وزارة الإسكان ليس لها تأثير على أسعار السوق العقارية، بسبب أنها موجهه لفئة من المواطنين بحاجة للسكن ولا يستطيعون شراءه من السوق العقارية، وهذه الفئة خارج دائرة السوق العقارية، لذلك لن يتأثر سوق العقار بأي برامج موجهة لهم، فالسوق يهتم حاليا وسابقا بمن لديه قدرة على شراء العقارات إضافة إلى المستثمرين والمطورين العقاريين.

 

وأوضح ابن سعيدان أن جُل تأثير برامج ومشاريع وزارة الإسكان سيكون على أسعار المساكن والفلل بالذات، بينما القطاع العقاري عريض جداً ويحتوي الشقق السكنية والأراضي والمكاتب التجارية وغيرها، وهذه القطاعات لم تدخل فيها الوزارة ولن تؤثر برامجها على أسعارها.

وعن ارتفاع أسعار العقارات، قال ابن سعيدان: إن الارتفاع ليس لعدم وجود برامج لوزارة الإسكان بل بسبب قلة العروض العقارية المناسبة وارتفاع الطلب عليها، مشيراً إلى أن بعض الجهات الحكومية لها دور في ذلك، وقال: إن وزارة البلديات تتأخر في اعتماد المخططات كما يتطلب تنفيذ المخططات وتطويرها صرف مبالغ كبيرة من المستثمر والذي يضطره لرفع السعر لتعويض هذه المبالغ، كما أن شركة الكهرباء تطلب مبالغ عالية لتوصيل الكهرباء للموقع العام، وكذلك تطلب شركة المياه والصرف الصحي ومحطات التنقية لها وهذه الطلبات ترفع التكلفة وباقي التكاليف العامة تعود على رفع تكاليف أسعار العقارات على المستفيد النهائي، ما يجعل المستثمر بين حلين إما البيع بسعر غال أو التوقف عن التطوير وفي كلا الحالتين يقل العرض ويؤدي ذلك لارتفاع الأسعار.

وانتقد ابن سعيدان تصريحات “الإسكان” المتكررة ووعودهم بخفض أسعار العقارات، وقال: إن هذه التصريحات والوعود تتسبب في مشكلة على المستفيد النهائي، حيث يتأثر بها المستثمرون ويتخوفون منها فيبتعدون عن بناء المساكن أو ممارسة أنشطتهم العقارية دفعة واحدة مما يقلل العرض، وفي حال إدراكهم لحقيقة هذه التصريحات فإن عودتهم تكون دفعة واحدة وكلا الحالتين تضر بالسوق العقارية.

ورفض ابن سعيدان فكرة أن المطورين العقاريين المحليين تسببوا في تأخر مشاريع وزارة الإسكان، وقال: المطور العقاري السعودي قادر على النجاح في أي مكان يعمل فيه من العالم بدليل نجاح شركات عقارية سعودية في دبي والبحرين ومصر ولبنان، بينما أغلب المطورين العقاريين القادمين من الخليج للعمل في السعودية يفشلون وهي دليل على أن المشكلة ليست في المطورين بل في الأنظمة حيث إنها طاردة للاستثمار وليست مشجعة.

 

ووصف الدكتور أحمد باكرمان عضو اللجنة العقارية في الغرفة التجارية في الرياض الرئيس التنفيذي لشركة رسيل العقارية، تصريحات وبرامج وزارة الإسكان بأنها عبارة عن تنفيس للاحتقان في السوق العقارية بسبب عدم نجاحها في الوفاء بوعودها، وقال: إن الخطر في تلك التصريحات “المرتجلة” –بحسب وصفه- والوعود هو أثرها العكسي على السوق العقارية، وتوقف كثير من المطورين العقاريين عن التطوير وبناء مشاريع سكنية، كما توقف المشترون عن شراء العقارات بسببها، ونوه بأنه في حال استمرار الوزارة على نهج التصريحات غير المتضمنة لمنتجات حقيقية فإنها ستضر بالسوق العقارية وقد يؤدي ذلك إلى توقف العرض والتطوير وبناء المشاريع في السوق العقارية تماماً خلال سنه أو سنتين قادمتين.

وتابع الدكتور باكرمان، في الوقت الراهن يضخ صغار المستثمرين العقاريين نحو 80 في المائة من الوحدات العقارية في السوق والمتبقي يضخ من الشركات العقارية الكبيرة، وتصريحات “الإسكان” سوف تتسبب في توقف صغار المطورين لأن درجة المخاطرة لديهم أعلى، مضيفاً، أن بعض الشركات العقارية الكبرى أوقفت بناءها ويشهد بعض موردي مواد البناء نقصا في المبيعات بنحو 40 في المائة بسبب تصريحات “الإسكان”، موضحاً أن توقف المقاول والمطور والمشتري يؤثر على موردي مواد البناء باعتباره جزءا من حلقة العمل.

ووصف الدكتور باكرمان عمل الوزارة في مشروع مطار الرياض بأنه بطيء وغير واضح، وقال: إن الحكومة سلمت الوزارة 7 ملايين متر في مطار الرياض منذ أكثر من سنتين ويسير العمل فيها ببطء وبشكل غير واضح الرؤية، ولم تجهز حتى الآن فإلى متى سينتظر المواطنون هذه المشاريع؟

وأضاف، أنه قد تواجه الوزارة مشاكل أخرى قادمة مثل توصيل الخدمات إلى هذه المشاريع بسبب بعدها عن النطاق العمراني، مشيراً إلى أنه من المفترض أن تكون مشاريع الجهة الحكومية أسرع من القطاع الخاص لما تمتلكه من صلاحيات، وأضاف، إن الوزارة استلمت الأسبوع الماضي من وزارة البلديات 38 مليون متر مربع شرق الرياض، إلا أن العبرة ليست في تملك “الإسكان” لأراض بل أن تحول هذه الأراضي إلى منتجات سكنية على أرض الواقع ويتم تسليمها للمواطنين.

وأبدى الدكتور باكرمان رغبة القطاع الخاص في العمل مع الوزارة بإنشاء مشاريع سكنية، وقال: إن الجهات الحكومية هي مصدر المشاريع والربح لكن رؤية الوزارة غير واضحة وبذلك العمل معها سيكون مضيعة للوقت والقطاع الخاص لديه التزامات ورواتب وقروض وتمويل ولا يستطيع التعاون مع جهة غير واضحة في آلية التعاون، مشيراً إلى أنهم اجتمعوا مع الوزارة قبل عدة أشهر وعقدت ورش العمل بين الطرفين إلا إنها لم تخرج بنتائج واضحة ولا توجد خطة عمل لدى الوزارة.

وقال الدكتور عبد الوهاب أبو داهش عضو اللجنة العقارية بالغرفة التجارية بالرياض مدير عام مجموعة الجار الله العقارية، إن برامج وزارة الإسكان أثرت على مخططات المنح والبعيدة عن المدن والمخططات القريبة من مشاريعها الحالية، وخفضت أسعارها وقضت على المضاربات فيها، حيث إن هذا المخططات تتعرض لمضاربات قوية من فترات طويلة وبطبيعتها متذبذبة حتى قبل مشاريع الوزارة ويتراوح ارتفاعها وانخفاضها بين 20 في المائة و30 في المائة، منوهاً أنها لم تؤثر في أسعار العقارات في المناطق الحيوية والمتكاملة الخدمات داخل المدن، بدليل أن التقارير العقارية الأخيرة النصف السنوية أكدت ارتفاع أسعار الأراضي والفلل والإيجارات في الأماكن الحيوية داخل المدن بنحو 5 في المائة.

واتهم الدكتور أبو داهش تصاريح مسؤولي وزارة الإسكان بإصابة القطاع العقاري بركود نتيجة الوعود الكبيرة التي أطلقوها، وقال: إن الوزارة أرجعت كثيرا من المطورين من إنهاء مشاريع التطوير لديهم بسبب هذه التصاريح، ومحاولة معرفتهم لتوجهات القطاع السكني في ظل مشاريع الوزارة المعلنة، مشيراً إلى أن تأجيل المطورين العقاريين لمشاريعهم أدى إلى انخفاض المعروض في المناطق الحيوية ما تسبب في ارتفاع أسعار العقارات والإيجارات في المناطق الحيوية داخل المدن.

وحول التعاون بين وزارة الإسكان والقطاع الخاص، قال أبو داهش: إن الوزارة منذ بداية تكوينها لم تعرف كيف تتعامل مع المطوريين والممولين العقاريين ولم تتضمن في استراتيجيتها التعامل أو التعاون مع القطاع الخاص والمطورين لكنها في منتصف الطريق تراجعت وأعلنت رغبتها في التعامل معهم، وبطريقة غير واضحة، مضيفاً أنه حتى الآن لا يبدو أن هناك وضوحا في العلاقة بين “الإسكان” والقطاع الخاص في تطوير مشاريع الوزارة.

وطالب الدكتور أبو داهش الوزارة أن تركز على بناء شراكة حقيقية مع القطاع الخاص من أجل مصلحة المجتمع وجعل أسعار العقارات في متناول المواطنين وزيادة المعروض للمساهمة في تنشيط التداول في القطاع العقاري، مبيناً أن كل العقاريين والمهتمين يتمنون أن يكثر العرض في العقار وتزدهر الحركة التجارية العقارية وتحريك الأموال حتى لو انخفضت أرباح المستثمرين والمطورين العقاريين، وأضاف أنه غير صحيح عن وجود طبقة تريد أن تبقي أسعار العقار مرتفعة لأن هذه الحالة لا تفيد المطورين ولا المواطنين العاديين.

من جهته قال الدكتور عصام خليفة عضو جمعية الاقتصاد السعودية، إن الملك شعر بمعاناة المواطنين ويرغب في حصولهم على مساكن ومن أجل ذلك اتخذ العديد من القرارات ومن ضمنها إنشاء وزارة الإسكان ورفع قيمة القرض العقاري وتوفير مبلغ 250 مليار ريال لبناء 500 ألف وحدة سكنية في مناطق المملكة، وكل ذلك بهدف إنشاء وحدات سكنية وزيادة عروض الوحدات وتوفيرها للمواطنين وتخفيف المعاناة عنهم، مضيفاً أنه لا يزال العقار في ارتفاع فاق حدود دخل المواطن العادي وأصبح إيجار السكن يشكل نحو 40 في المائة من دخل المواطن العادي وارتفعت أسعار الأراضي لأكثر من 300 في المائة من سعرها قبل نحو 10 سنوات وأصبح سعر الأرض يشكل 40 في المائة من تكاليف البناء.

وتابع الدكتور خليفة، أن كل هذه العوامل أدت إلى ارتفاع الطلب على العقار أكثر من المعروض في السوق وارتفاع أسعار المساكن وكثرة هوامير العقار والمضاربات في سوق العقار. ووصف مشاريع وبرامج الإسكان الحالية بالبطيئة جداً ولا تحقق رغبة خادم الحرمين الشريفين في تخفيف العبء العقاري على المواطنين، وقال: ما زالت مشاريع وإجراءات “الإسكان” بطيئة ومع ذلك تريد من المواطنين كل فترة التسجيل في موقعها الإليكتروني أو زيارته، وكل هذه الإجراءات المتكررة ناتجة عن قلة خبرة لها وعدم تعاملها بقوة مع سوق العقار، إلا إن الدكتور خليفة توقع خلال الثلاث سنوات القادمة أن تزيد العروض من المساكن عن طريق مشاريع الإسكان أو مشاريع صناديق التقاعد السكنية أو شركات التطوير العقاري أو الأفراد المستثمرين وتشهد السوق زيادة في المعروض السكني قد ينتج عنه انخفاض نسبي يصل إلى 30 في المائة.

وطالب خليفة “الإسكان” بألا تكتفي بعقود المقاولين السعوديين وأن تجلب شركات عالمية لها خبرات كبيرة في مجال العقار وتبني آلاف الوحدات السكنية والمشاريع العقارية خلال السنتين القادمتين وتعرضها على المواطنين بدلا من القرض سواء كانت شققا أو فللا وتساهم في خفض أسعار العقار، مشيراً إلى أن المقاولين السعوديين مع الأسف يوقعون عقودا مع مقاولين من الباطن ويتسببون في تباطؤ مشاريع الإسكان.

 

ذات صلة

المزيد