أحد الأصول الثمينة في “محفظة التقاعد”

في حال كنت ممن يقتربون من سن التقاعد، فمن المحتمل أن تكون قد قمت بجمع محفظة من الأصول المالية، التي توفر لك دخلاً كافياً لمساعدتك على العيش عندما تتوقف عن العمل.
إلا أن هذه المحفظة قد تحتوي على أحد الأصول غير المالية، وهو ما يسميه الاقتصاديون: رأس المال البشري. أي القدرة على دراسة الحياة، للبحث عن الفرص التي توسع آفاقك العقلية والروحية، ولفهم الأمور التي يمكن التحكم بها في حياتك، للتمييز بين المتع الزائفة والحقيقية، والحصول على حياة متوازنة ومناسبة. وعلى نحو مشابه مما سبق، يقال في الحكمة اليونانية: “كرس الثروة المادية لسنوات شبابك والحكمة للشيخوخة”.
ويفهم بعض الأشخاص أهمية الحكمة في تطبيقها وتجربتها في الحياة، فهم يعتنقون أفكاراً جديدة حول كثير من نواحي الحياة، ويسعون باستمرار لاكتشاف اهتمامات جديدة، للهروب من الروتين الممل.
كما يدخلون عنصر الحماس في الحياة، من خلال استيعابهم وفهمهم لها، واستخلاص مشاعر الإثارة والرضا والفرح منها. وقد يكتشف بعضهم تحديات مهنية جديدة، فيما يكتشف آخرون هويات جديدة. بينما يسعى آخرون لمعالجة وحل الأمراض والآفات الإنسانية المختلفة، مثل: الفقر والمرض، إذ يشتركون في حملات جمع التبرعات والطعام والدواء.
إن الأشخاص الذين يستمرون في استكشاف الحياة، على الرغم من أنهم قد تقدموا في العمر، ما زال بإمكانهم اكتشاف أن هناك شيئاً جديداً بانتظارهم يومياً بغض النظر عن أعمارهم، من خلال اكتشاف وجهات جديدة للسفر، أو كتب جديدة للقراءة، أو حتى على صعيد العلاقات الاجتماعية.
وللأسف، لا يدرك الجميع أهمية وإمكانات العقل البشري، فالبعض يفشلون في تنميتها والاستفادة منها إلى أقصى حد ممكن، وبالتالي لا يشاركون في الحياة أو يتفاعلون مع الوجود من حولهم.
كما أن الحقائق من حولنا تخبرنا بأن الحياة مليئة بالإمكانات، لكن غالباً ما يلتزم الناس بسلسلة من الأعمال الروتينية التي لا معنى لها، والتي تؤدي بهم إلى أن يقنعوا بالأنشطة العادية والمملة التي وجهت حياتهم لسنوات، وقد تخلوا عن الشعور بالمغامرة التي تلون الحياة. وبدلاً من ذلك رضوا بالبقاء على هامش الحياة، وعزلوا أنفسهم عن الأصدقاء والأقارب، ولم يعودوا إلى تجربة الحياة مجدداً.
وفي النهاية، إن احتفاظك بمحفظة تحتوي على الأصول المالية الصحيحة، قد توفر لك الكفاية المالية، لكنها لا تعد في حد ذاتها ضماناً للرضا والقناعة.