الخميس, 8 مايو 2025

قرصنة السيارات الحديثة

888
هناك حرب دائرة في عالم الإنترنت يومياً، للولوج إلى مختلف أنواع البيانات، وذلك جزء أساسي من الميزة التنافسية، سواء لغايات الاتصالات أو المراقبة أو الملاحة، فضلاً عن الناحية العسكرية. فيما يصل عدد الناس الذين يستخدمون الإنترنت اليوم إلى 5 مليار إنسان، وسيشهد العالم ارتفاعاً بـ20 ضعفاً في أعداد قراصنة الإنترنت عالمياً، مما يزيد من حدة حروب الإنترنت.

إن الحوادث كالهجوم على المنشآت النووية في إيران أو الهجوم الذي استهدف (سوني بلاي ستايشن-  Sony PlayStation) وموقعها الترفيهي، وعطل شبكتها الإلكترونية لـ10 أيام، تخلق وضعاً مقلقاً. علاوة على ذلك، يصبح قراصنة الإنترنت أكثر تطوراً من حيث قدرتهم المتقدمة على قرصنة الأقمار الصناعية؛ فقد تمكنت سابقاً حركة نمور التاميل الانفصالية في سريلانكا، من اختراق أحد الأقمار الصناعية الخاصة بشركة (إنتل سات-  Intalsat). مما يؤكد على أن المنشآت النووية والأقمار الصناعية قابلة للاختراق، لكن ماذا عن السيارات؟

كانت شركات تصنيع السيارات ترفض الاعتراف بحقيقة اختراق السيارات طوال العقد الماضي، وكانت ذريعتهم أن وحدات التحكم الإلكترونية التي تتحكم بالمحرك لا تتواصل مع أنظمة الفرامل المانعة للانغلاق، المفصولة عن أجهزة التحكم الإلكترونية الخاصة بإبلاغ المعلومات؛ أي أنها تعمل بمعزل عن بعضها بعضاً. وهذا صحيح عندما لم تكن السيارات متطورة كالآن، فمعظم المركبات متوسطة الحجم اليوم، فيها أكثر من 70 وحدة تحكم إلكترونية، واتصال إنترنت عالي السرعة. كما تتمتع السيارات الفاخرة بضعف هذا الرقم. وتسعى بعض الشركات اليوم إلى ربط السيارة بشبكة إنترنت طويل الأمد (إل تي إي-LTE) لتفعيل خصائص تتراوح بين تشغيل الراديو عبر الإنترنت، وإنشاء واي فاي داخل السيارة. وأخرى تخطط لتفعيل خدمة تحديث البرمجيات والتطبيقات التي تعمل على أنظمة تشغيل مختلفة، مثل: أندرويد و(آي او إس- iOS).حسبما تناولته “فوربس”.

اقرأ المزيد

وبالتالي، أصبح أمن الإنترنت من الأمور المثيرة للقلق في قطاع تصنيع السيارات، فقد برهن عدد من الباحثين من حول العالم، على وجود مخاطر وتهديدات عدة، كالقدرة على إطفاء المحرك والأنوار، أو تعطيل الفرامل والتحكم بالمقود. ومع التوجه الكبير لخوض تجربة السيارات شبه الأوتوماتيكية، وتلك التي من غير سائق، ستصبح البرمجيات والإلكترونيات ذات صلة أساسية في جميع هذه الابتكارات، وستشكل خطورة قرصنة أكبر.

وقد صدر مؤخراً تقرير من باحثَين متخصصين في أمن الحاسوب، أظهر أن (جيب شيروكي- Jeep Cherokee) و(إنفينيتي كيو50-  Infiniti Q50) و(كاديلاك إسكالاد 2015-2015 Cadillac Escalade) من أكثر السيارات القابلة للاختراق عن بعد، من بين قائمة تضم أكثر من 10 نماذج. وبالرغم من أنها لم تخضع للتجربة، إلا أنهما وصلا لهذه النتيجة باستخدام عدد مختلف من نقاط ضعف المركبة، بدءاً من الـ”بلوتوث” وحتى الـ”واي فاي” وغيرها من التكنولوجيات التي يمكن الدخول إليها عن بعد. وهذه ليست المرة الأولى التي يجري فيها تقييماً للمخاطر على نماذج شهيرة من السيارات.
وهناك خطران محتملان يتعلقان بقرصنة السيارات: السيطرة على السيارة ووظائفها الأساسية من ناحية، وحماية البيانات والخصوصية من ناحية ثانية، نظراً إلى أن أغلب السيارات اليوم يمكنها التزود بملف للمستخدم، ومعظم المستهلكين يتشاركون مثل هذه البيانات بمجرد استخدام خدمات الشركة المفعلة في المركبة.

كما أن هناك تداعيات كبيرة تتعلق بملكية البيانات وخصوصية المستهلك، ظهرت بظهور البيانات الضخمة في مجال المركبات. فالفكرة تتعلق بحماية البيانات الشخصية التي يمكن تحديدها بشكل مباشر أو غير مباشر. وهذا يتضمن بيانات الموقع وتحديد موقع المركبة، واتجاهها ورقم هاتف السائق. فيما تسعى بعض الحكومات إلى استصدار قوانين لحماية خصوصية الموقع في هذا المجال.

إن الطريق لتأمين السيارة ليس سهلاً على مصانع السيارات، وذلك لأن الجيل الحالي من المزودين لا يتمتعون بالقدرات الكافية في هذا المجال. ولهذا السبب تحاول الشركات مثل (سيسكو- Cisco) و(إيسكريبت- Escrypt) وغيرهما، من التقدم في منظومة العمل وتوفير عدد متنوع من خيارات الأمان. وفي النهاية، بحلول عام 2020، ستعمد شركات الدرجة الأولى إلى استيعاب هذه المؤسسات، أو تطوير قدراتها داخلياً لتقدم لمصانع السيارات حلولاً متكاملة إلى جانب عروضها الحالية. ومن جهة أخرى، ستبدأ شركات السيارات بتوظيف المزيد من القراصنة لتعزيز خاصية الأمن من بدء عملية التصنيع إلى نهايتها، وليس بعد الانتهاء منها.

وهناك الكثير من الأمور الأخرى على المحك، مثل سمعة الشركة وحماية الملكية الفكرية والزبائن. وعليه، فإن التعاون بين القطاعات أمر مهم للغاية؛ فشركات تصنيع المركبات بحاجة إلى تخطي قطاع السيارات التقليدي، وتعلم كيفية استغلال تكنولوجيا المعلومات لمساعدتها في حماية أصولها. وتحتاج هذه المصانع أيضاً إلى التعاون فيما بينها لتطوير مجموعة من المعايير المشتركة مع إمكانية تطوير حل متخصص لمساعدة كل منها في التميز تنافسياً. لكن تكمن المشكلة في أن الشركات لا تتعاون فيما بينها، ولا يبدو أي معايير مشتركة ستظهر للحد من القرصنة، ما لم تتدخل الحكومات لتشرع قوانين خاصة في ذلك.

ذات صلة



المقالات