الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
كان أداء أسواق المال العربية متفاوتاً خلال الربع الأول 2016، حيث سجلت مؤشرات الأسعار المحلية لتسع أسواق مالية ارتفاعات لها خلال هذا الربع، قابله تراجع في مؤشرات أسعار خمس أسواق مالية. بالمحصلة تراجعت القيمة السوقية الإجمالية لمجموع الأسواق العربية بقيمة 75.7 مليار دولار من قيمتها، مع نهاية الربع. يمثل ذلك، حوالي 7.1 في المائة من هذه القيمة، لتصل في نهاية مارس 2016 إلى 984.3 مليار دولار، مقابل 1059.5 مليار دولار بنهاية العام السابق 2015.
يعكس الأداء المتفاوت، التطورات الاقتصادية الإقليمية والدولية، فمن جانب لا تزال عدد من الأسواق العربية متأثرة بتداعيات المستويات المنخفضة لأسعار النفط وتباطؤ تعافي الاقتصاد العالمي إلى جانب تداعيات تطورات أسعار الفائدة العالمية، ذلك على الرغم من التحسن النسبي لأسعار النفط خلال أسابيع الربع الأول، التي ساهمت في معاودة إقبال المستثمرين في بعض الأسواق. كما تأثرت أسواق المغرب العربي إيجابياً من التحسن النسبي في أداء اقتصاد منطقة اليورو. كما ساهمت من جانب آخر، المستويات السعرية المنخفضة التي كانت قد وصلت إليها بعض الأسواق، في جذب مستثمرين للاستفادة من الفرص المتاحة، في ظل تحسن آفاق الأداء الاقتصادي واستقرار الأوضاع الداخلية لدى هذه الأسواق.
على صعيد آخر، لا يزال الارتفاع في عجز الموازنات العامة لدى عدد من الدول العربية، ولجوء السلطات فيها إلى أسواق التمويل المحلية لتمويلها، وتحديداً من خلال إصدار سندات الخزانة، يساهم في امتصاص جزء من السيولة المتاحة، وهو ما قد يؤدي إلى ارتفاع تكلفة التمويل الممكن توفيره للاستثمار في أسواق المال، وأن كان الأمر أقل حدة خلال الربع الأول 2016، مقارنة مع العام الماضي 2015.
فيما يتعلق بأداء الأسواق العربية فرادى، سجل سوق دمشق، أكبر نسبة للارتفاع خلال الربع الأول، حيث ارتفع مؤشره بنسبة 17.3 في المائة نتيجة التحسن النسبي للأوضاع الداخلية والمستوى المنخفض لمضاعف السعر، تلاها مؤشرات كل من البورصة التونسية والبورصة المصرية وسوق دبي المالي والبورصة المغربية بنسب ارتفاع بلغت 8.5 و7.8 و6.5 و5.2 في المائة على التوالي، فيما لم تتجاوز نسب الارتفاع في مؤشرات بورصة بيروت وسوق مسقط وسوق أبوظبي وبورصة عمان نحو 3.0 في المائة. في المقابل، تراجع مؤشر السوق المالية السعودية بنسبة نحو 9.9 في المائة. كما سجلت مؤشرات الأسعار في كل من بورصة الكويت وبورصة البحرين وبورصة فلسطين وبورصة قطر انخفاضات بنسب 6.9 و6.1 و5.0 و0.6 في المائة على التوالي. هذا وعكس المؤشر المركب لصندوق النقد العربي، الذي يقيس أداء الأسواق المالية العربية مجتمعة، هذه التطورات، وسجل انخفاض بنسبة 0.9 في المائة خلال الربع الأول 2016.
بالمقارنة مع الأسواق الأخرى، جاء أداء أسواق المال العربية متماشياً مع أداء معظم هذه الأسواق، فمن ناحية ارتفعت مؤشرات (MSCI) للأسواق الناشئة في كل من أمريكا اللاتينية وأوروبا الشرقية وأسواق شرق وجنوب آسيا بنسب 19.1 و13.5 و1.3 في المائة على التوالي خلال الربع الأول 2016. في المقابل، سجلت الأسواق المالية في الاقتصادات المتقدمة أداءً مشابهاً للأسواق العربية، حيث ارتفع مؤشري (DJI) و(S&P-500) الأمريكيين بنسبة 1.7 و1.0 في المائة على التوالي، فيما سجلت مؤشرات كل من (NIKKEI 225) الياباني و(CAC 40) الفرنسي و(NASDAC) الأمريكي و(DAX) الألماني تراجعات بنسب 14.5 و4.2 و2.8 و2.3 على التوالي خلال الربع نفسه.
بالرغم من تراجع مؤشرات الأسعار، عرفت الأسواق العربية خلال الربع الأول 2016، تحسناً في السيولة بالمقارنة مع الربع الأخير لعام 2015، كما تعبر عنه مؤشرات التداول. فقد بلغت قيمة الأسهم المتداولة خلال الربع الأول حوالي 125.7 مليار دولار، مقابل قيمة تداول بلغت 118.4 مليار دولار خلال الربع الأخير من عام 2015، ومعدل ربعي عن العام 2015 ككل بلغ نحو حوالي 125.2 مليار دولار. بناء عليه، بلغ معدل الدوران للأسهم العربية عن الربع الأول 2016 نحو 12.3 في المائة، مقارنة بمعدل بلغ 11.1 في المائة كمتوسط ربعي عن العام الماضي 2015.
تجدر الإشارة إلى أن السوق السعودي حافظ على المرتبة الأولى بين الأسواق المالية العربية فيما يتعلق بمعدل الدوران خلال الربع الأول 2016، حيث وصل المعدل إلى 24.3 في المائة مقابل 21.8 في المائة كمعدل ربعي عن عام 2015. جاء سوق دبي المالي ثانياً، بمعدل دوران 13.7 في المائة مقارنة مع 6.2 في المائة كمعدل ربعي عن عام 2015، في حين كان المعدل أقل من 10 في المائة لدى معظم بقية الأسواق المالية العربية عن الربع الأول 2016، عاكساً بذلك استمرار انخفاض السيولة المتاحة.
فيما يتعلق بالاستثمار الاجنبي في أسواق المال العربية، على الرغم من تسجيل تعاملات الأجانب لتدفق سالب خلال هذا الربع وفقاً للإحصاءات المتاحة، إلا أن هذا التدفق السالب يقل بشكل ملحوظ من التدفق السالب المماثل المسجل خلال الربع الأخير لعام 2015. يعكس ذلك، تحسن نسبي في الاستثمارات الأجنبية، تجسيداً لعدة عوامل، منها وصول مستويات أسعار الشركات، بشكل عام، إلى مستويات جاذبة للاستثمار، والتحسن النسبي الذي شهدته أسعار النفط بشكل خاص خلال شهري فبراير ومارس، حيث ارتفعت أسعار النفط من نحو 26 دولار للبرميل بنهاية شهر يناير 2016 إلى نحو 38 دولار للبرميل بنهاية مارس 2016، إلى جانب إعلان عن النتائج السنوية وتوزيع الأرباح. تظهر البيانات المتوفرة عن الاستثمار الأجنبي في البورصات العربية، تسجيل صافي تعاملات الأجانب خلال الربع الأول لصافي تدفق سالب بنحو 12.2 مليون دولار فقط (رقم أولي) مقابل صافي تدفق سالب بقيمة 678 مليون دولار عن الربع الرابع من 2015. سجلت صافي تعاملات المستثمرين الأجانب في سوق أبوظبي المالي خلال الربع الأول أكبر تدفق موجب بنحو 454 مليون دولار، فيما سجلت تعاملات الأجانب في السوق المالية السعودية صافي تدفق سالب بنحو 232 مليون دولار ذلك عن شهري يناير وفبراير 2016.
من جانب آخر، واصلت أسواق الإصدارات الأولية من الأسهم (IPOs)، هدوءها خلال الربع الأول 2016. فقد كان هناك إصداراً واحداً فقط خلال الربع بقيمة بلغت 14.4 مليون دولار (إصدار لشركة مصرية في قطاع الأغذية والمشروبات) مقارنة بمعدل ربعي ثلاثة إصدارات في المتوسط عن عام 2015 وستة إصدارات عن عام 2014 (بمتوسط 502 مليون دولار و2.6 مليار دولار على التوالي). يعكس ذلك، تأجيل طرح الشركات للاكتتاب العام، بسبب استمرار الضعف النسبي للأسوق المالية العربية من جهة، والمخاوف من ضعف إقبال المستثمرين على المشاركة في تلك الاكتتابات من جهة أخرى.
كذلك، عرفت زيادات رأس المال عبر الاكتتابات في حقوق الإصدار خلال الربع الاول 2016، هدوءاً مماثلاً، حيث تراجع عدد الاكتتابات إلى اكتتابين اثنين فقط بقيمة إجمالية بلغت 51.8 مليون دولار، مقارنة مع المعدل الربعي للعام الماضي 2015 البالغ حوالي 11 اكتتاباً بقيمة متوسطة للربع تبلغ نحو 725 مليون دولار.
بإضافة حقوق الإصدار والاكتتابات العامة، تكون أسواق الأسهم العربية، قد قدمت تمويل للشركات العربية خلال الربع الأول 2016 بنحو 66 مليون دولار مقارنة مع معدل ربعي للعام الماضي 2015 وصل إلى 1375 مليون دولار.
لم يقتصر الهدوء في أسواق الإصدارات الأولية، على أسواق الاسهم، حيث بدورها شهدت الإصدارات في أسواق السندات للشركات العربية هي الأخرى، هدوءاً مماثلاً خلال الربع الأول من 2016، على الرغم من توجه عدد من المصارف العربية على اللجوء لهذه الأسواق لتدعيم رؤوس أموالها، استيفاءً لمتطلبات بازل III. فقد بلغ عدد إصدارات من سندات الشركات خلال الربع الأول ستة إصدارات (منها إصدارين لمصارف ومؤسسات مالية)، بقيمة إجمالية 2.1 مليار دولار، تنخفض إلى 402 مليون دولار باستبعاد إصدارات المصارف والشركات المالية، مقارنة مع معدل ربعي عن العام الماضي 2015، بلغ نحو 3.7 مليار دولار، تنخفض إلى 550 مليون دولار باستبعاد إصدارات الشركات المالية والمصرفية. تجدر الإشارة أنه كان هناك إصدارين من الإصدارات الستة بالدولار الأمريكي (للمصارف) والبقية بعملات محلية.
في نفس السياق، شهدت الإصدارات في أسواق الصكوك للشركات العربية كمصدر لتمويل الشركات العربية، هدوءاً ايضاً خلال الربع الأول 2016. فقد بلغ عدد إصدارات صكوك الشركات العربية خلال الربع، إصدارين اثنين، بقيمة بلغت نحو 767 مليون دولار، مقابل معدل ربعي عن العام الماضي 2015 وصل إلى 2.65 مليار دولار. بلغت حصة المصارف من إصدارات الربع الأول 500 مليون دولار. تجدر الإشارة إلى أن إصدارات الصكوك لا تزال تتركز لدى دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، حيث جاء الإصداران خلال الربع الأول 2015 لشركتين من الإمارات والسعودية.
بناءً عليه، وصل حجم التمويل الإجمالي الذي وفرته أسواق المال خلال الربع الأول من عام 2016 للشركات العربية (الإصدارات من الأسهم والسندات والصكوك) إلى نحو 2.94 مليار دولار مقابل معدل ربعي عن عام 2015 بلغ نحو 7.67 مليار دولار.
على صعيد آخر، شهد الربع الأول تواصل إصدارات السندات الحكومية، بما يعكس التوجه إلى أسواق المال لتمويل عجز الموازنات العامة، وإن كان ذلك بوتيرة أقل نسبياً بالمقارنة مع عام 2015. فقد وصل عدد الإصدارات من السندات الحكومية للدول العربية إلى 25 إصداراً بقيمة إجمالية وصلت إلى 18.5 مليار دولار خلال الربع الأول 2016، مقابل معدل ربعي عن العام الماضي 2015 نحو 22.3 مليار دولار. أما على صعيد الإصدارات من الصكوك الحكومية العربية، وصل عدد هذه الإصدارات خلال الربع الأول إلى ثمانية إصدارات بقيمة إجمالية بلغت 1235.1 مليون دولار.
أخيراً فيما يخص بتوقعات الأداء للربع الثاني، يقدر أن يساهم الارتفاع النسبي في أسعار النفط، إلى جانب الإصلاحات التي تقدم عليها السلطات في الدول العربية الرامية لتعزيز مشاركة القطاع الخاص والانفتاح على الاستثمار الاجنبي، وإعلانات توزيع الأرباح، في تحسن أداء الأسواق العربية خلال الشهور القادمة، مستفيدة من المستويات السعرية الجاذبة للعديد منها.
_____________
المصدر: قاعدة بيانات الاسواق المالية العربية- صندوق النقد العربي، تقارير ونشرات صندوق النقد العربي، تقارير هيئات الاوراق المالية والبورصات في الدول العربية، بلومبيرغ، موقع داو جونز-زاوية. بعض البيانات والارقام، تقديرية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال