الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
@ALMESSNID
(مترجم عن النيويورك تايمز)
قال الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في تقرير له أن البنوك الأمريكية الكبرى قادرة على مواجهة أي ركود محتمل. وكان الاحتياطي الفيدرالي قد نفذ اختبارات تحمل الضغوط أو ما يعرف بـ “اختبارات الجهد” على 33 من كبريات البنوك الأمريكية وفق سيناريوهات حادة لتقييم قدرة تلك البنوك على التعامل مع حالة الركود التي قد تؤدي إلى خسائر كبيرة في الخدمات المصرفية للأفراد، في ظل ارتفاع مستويات البطالة وأسعار الفائدة السلبية واللذان كانا مصدر قلق متزايد خلال الفترة الماضية. وتأتي أهمية هذه الاختبارات السنوية في دلالتها على مقدار التقدم الذي يحرزه المنظمون في دفع البنوك نحو تعزيز كفاية رأس المال والتي من شأنها حماية النظام المالي من أي أزمة مستقبلية.
وقد تضمّن التقرير تعامل البنوك مع حالة الركود التي يمكن أن تؤدي إلى خسائر كبيرة في الخدمات المصرفية للأفراد. كما بحث أيضاً كيف يمكن للبنوك التصرف مع معدلات الفائدة السالبة في ظل جهود البنك المركزي لرفع أسعار الفائدة والابتعاد عن السياسات التي تبناها بعد حدوث الأزمة المالية ، حيث يفترض الاختبار أن البنوك قد لا تستطيع تعويض الخسائر الناجمة عن الفائدة السالبة عن طريق فرضها رسوم على العملاء لإبقاء ودائعهم في البنك.
وفي حين تفترض اختبارات تحمل الضغوط أحداثاً حادة، إلا أن ضعف الائتمان الاستهلاكي قد أثارت مخاوف حقيقية لدى البنوك. كما أن المستثمرين قد أبدوا قلقهم من أن يؤدي إضعاف معدلات التوظيف إلى ازدياد حالات التعثر عن السداد لا سيما قروض السيارات والبطاقات الائتمانية، واللذان يعدان من أهم مجالات النمو بالنسبة للبنوك.
وقد أوضحت نتائج اختبارات الجهد أن البنوك الكبرى قد تعاني من خسائر كبيرة تصل إلى 526 بليون دولار. ولكن حتى مع تلك الخسائر، فإن البنوك ستبقى في حالة مالية جيدة نسبياً تفوق الحد الأدنى من المتطلبات التنظيمية للاحتياطي الفيدرالي وذلك بفضل الحجم الكبير من أموال المساهمين الذي تم ادخاره خلال السنوات الماضية. كما أظهرت النتائج أيضاً معاناة بنك ويلز فارغو وبنك أوف أمريكا وبنك جي بي مورغان من خسائر كبيرة في اختبارات الجهد والتي تعد الأكثر إرهاقاً للبنوك حتى الآن، حسب وصف كبير المحللين الاقتصاديين في وكالة موديز “مارك زاندي”. ومع ذلك، فقد حققت البنوك مستويات أكبر من الحد الأدنى الذي تتطلبه الركيزة الأولى لكفاية رأس المال.
وجاءت هذه النتائج في الوقت الذي تستعد فيه هذه البنوك لاختبارات جهد واقعية تتمثل في الآثار المترتبة على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. ونظراً لأهمية لندن للأسواق المالية العالمية، فقد أعدت البنوك الأمريكية خططاً طارئة لأعمالها في الأسواق الأوروبية. كما يعكف منظمو القطاع البنكي على معيار يمكّن البنوك من التصدي للخسائر التي قد تسببها الأزمات ألا وهو: رأس المال، والذي يمكن تعزيزه من خلال احتجاز الأرباح أو جمع المال من المستثمرين.
ورغم مضي ثماني سنوات على الأزمة المالية، لا يزال هناك تصور سائد بعدم كفاية جهود إصلاح المؤسسات التي أُطلِقَ عليها “أكبر من أن تفشل”. كما بات يمكن سماع الأصوات المطالبة بتقسيم البنوك الكبيرة بين الساسة والمحللين وصانعي السياسات. من أجل ذلك، يعكف منظمو القطاع المصرفي حالياً على مزيد من الإجراءات التي تهدف إلى تعزيز حماية هذا القطاع، وهو ما دعا مسئولي مجلس الاحتياطي إلى التأكيد بأن اختبارات الجهد المستقبلية التي ستخوضها البنوك ستصبح أكثر صعوبة في ظل متطلبات رأس مال أكثر صرامة، حيث أن الزيادة المستمرة في متطلبات رأس المال كل عام تقلل من حاجة البنوك إلى جولة أخرى من عمليات الإنقاذ التي تثقل كاهل دافعي الضرائب.
لكن في المقابل، فإن تغيير المتطلبات التنظيمية باستمرار قد يؤدي إلى إرباك مدراء البنوك والمساهمين الذين يشكون من أن ذلك سيجعل البنوك تواجه صعوبات في تحقيق أرباح ثابتة. كما أن اختبارات الجهد قد أصبحت عبئاً لا داعي له، كما يرى محللون في القطاع المصرفي. وفي ذات السياق، قالت جمعية المصارف الأمريكية في بيان لها إن جهوداً كبيرة قد بذلتها البنوك في بناء رأس المال والسيولة بما يسمح لها بتحقيق أداء قوي حتى في ظل السيناريوهات الحادة غير الواقعية، وأن هذه النجاحات مستمرة حتى لو كانت البنوك محكومة بمعايير مبهمة ليس لها أهمية.
يشكك بعض المحللين فيما إذا كان المنظمون يتعمدون وضع لوائح لم يعد لها معنى، من أجل دفع البنوك التجارية والاستثمارية إل العمل ككيان واحد وبالتالي القضاء على خطر ما المؤسسات التي تعتقد أنها “أكبر من أن تفشل”. ففي السنوات الماضية، فشلت بعض البنوك في اختبارات تحمل الضغوط مما اضطرها إلى تقليص الأرباح الموزعة على المساهمين، إلا أن الأرقام الحديثة تشير إلى قدرة البنوك على إظهار نتائج أفضل هذا العام.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال