الإثنين, 28 أبريل 2025

صندوق النقد العربي يصدر تقرير “آفاق الاقتصاد العربي” لتوقعات النمو الاقتصادي والتضخم خلال عامي 2016 و2017

 

صندوق النقد العربي

في إطار الجهود التي يبذلها صندوق النقد العربي لدعم متخذي القرار في الدول العربية، أطلق الصندوق إصدار سبتمبر من تقرير “آفاق الاقتصاد العربي”، الذي يتضمن تحديث لتوقعات النمو الاقتصادي واتجاهات تطور الأسعار المحلية في الدول العربية خلال عامي 2016 و2017.

اقرأ المزيد

أشار التقرير إلى تجدد المخاوف خلال النصف الأول من عام 2016 من استمرار تحرك الاقتصاد العالمي في حلقةٍ مفرغةٍ من تباطؤ مستويات الطلب وضعف معدلات النمو الاقتصادي، وهو ما يزيد إلى حد كبير من ظروف عدم اليقين التي تواجه النشاط الاقتصادي العالمي خلال عام 2016. ففي البلدان المتقدمة، ورغم تحسن الأوضاع الاقتصادية، إلا أن العديد من هذه الدول لا يزال يعاني من تراجع في مستويات الانفاق الاستثماري والانتاجية ومن بوادر تحديات في أسواق العمل ناتجة عن “شيخوخة السكان” وهو ما يضغط على مستويات الناتج الممكن تحقيقه (Potential Output) الذي أشارت دراسات حديثة إلى اتجاهه بالفعل نحو الانخفاض. من جهة أخرى، من شأن ضعف النشاط الاقتصادي في الدول النامية واقتصادات الأسواق الناشئة الأخرى أن يؤدي إلى إبطاء أو ارتداد ما تحقق من تقدم على صعيد تعافي الاقتصاد العالمي نتيجة التحديات الكبيرة التي تواجه هذه البلدان، وتتنوع ما بين تراجع أسعار السلع الأساسية، وضعف الطلب الداخلي والخارجي، والتقلبات في الأسواق المالية وتدفقات رؤوس الأموال، إضافة إلى التحديات الاقتصادية المرتبطة بالبيئة الداخلية، التي تتمثل في الحاجة للمزيد من الإصلاحات الهيكلية وتنسيق أطر السياسات الاقتصادية بشكل يدعم الاستقرار الكلي.

أوضح التقرير أن النمو الاقتصادي العالمي المحقق خلال الجزء المنصرم من العام جاء أقل مما كان متوقعاً من قبل المؤسسات الدولية، والتي اتجهت بٌناءً عليه إلى مراجعة تقييماتها للنمو الاقتصادي العالمي خلال عام 2016 بالانخفاض بقدرِ غير يسيرِ. يشير ذلك إلى أن التعافي القوي ربما لا يزال أمراً بعيد المنال، خاصة في ظل أجواء عدم اليقين التي تحيط بالاقتصاد العالمي، لا سيما في إطار التداعيات المتوقعة لقرار بريطانيا الانفصال عن الاتحاد الأوروبي.

فيما يتعلق بتوقعات النمو الاقتصادي في المنطقة العربية، أشار التقرير إلى أن التطورات في البيئة الاقتصادية الدولية انعكست على الأداء الاقتصادي للبلدان العربية خلال عام 2016 كغيرها من الدول النامية واقتصادات الأسواق الناشئة الأخرى التي تأثرت بهذه التطورات، لا سيما فيما يتعلق باستمرار ضعف الطلب الخارجي أو بقاء أسعار النفط عند مستويات منخفضة. كذلك، مما لا شك فيه فإن ظروف عدم اليقين وتباين مسارات النمو وتوجهات السياسة النقدية في الاقتصادات المتقدمة وما أدت إليه من تقلبات واسعة في تدفقات رؤوس الأموال إلى الدول النامية واقتصادات الأسواق الناشئة، تفرض تحديات إضافية على بلدان المنطقة التي يعاني عدد منها من فجوات تمويلية متزايدة منذ عام 2011 سواءً فيما يختص بالبلدان المصدرة للنفط أو تلك المستوردة له. من جهة أخرى، لا زالت الأوضاع الداخلية في بعض الدول العربية تحول دون استعادة تلك البلدان لتوازناتها الاقتصادية الداخلية والخارجية وتؤثر على النمو المحقق على مستوى الدول العربية كمجموعة.

فالبلدان العربية المصدرة للنفط تشهد منذ منتصف عام 2014 واقعاً اقتصادياً مغايراً على ضوء الاتجاه الهبوطي لأسعار النفط التي فقدت منذ ذلك الوقت وحتى شهر أغسطس من عام 2016 نحو 61 في المائة من قيمتها. تركت هذه التطورات تأثيراتٍ ملموسةٍ على مستويات النشاط الاقتصادي وأوضاع المالية العامة في هذه البلدان على ضوء الأهمية الكبيرة التي يلعبها الانفاق الحكومي في دعم النمو في عدد من القطاعات الاقتصادية، بما حد من قدرة تلك البلدان على التوسع خلال عام 2016 في ظل إجراءات الضبط المالي المتبناة لاحتواء العجوزات في الموازنات العامة بتلك الدول والتي أثرت على مستويات الانفاق بشقيه العام والخاص. أما فيما يتعلق بالبلدان العربية المستوردة للنفط، فرغم كونها قد استفادت من بقاء أسعار النفط عند مستويات منخفضة وهو ما وفر لها حيزاً مالياً داعماً نسبياً للنمو، إلا أن تعرضها هي الأخرى للتداعيات الناتجة عن ضعف مستويات الطلب الخارجي وظروف الجفاف والأوضاع في أسواق الصرف الأجنبي، وكذلك تأثرها بالتطورات في دول الجوار وتدفق المزيد من النازحين إليها كان من شأنه إبطاء تسارع وتيرة النمو في هذه البلدان خلال العام الجاري.

في هذا السياق ورغم التحديات الداخلية والخارجية التي تواجه عدد من الدول العربية، حرصت تلك الدول خلال عام 2016 على تنفيذ إصلاحات هادفة لدعم استقرار الاقتصاد الكلي من خلال تبني أطر للسياسات الاقتصادية الكلية تهدف إلى احتواء الاختلالات الاقتصادية الداخلية والخارجية وضبط أوضاع المالية العامة عبر سلسلة واسعة من الإجراءات التي استهدفت: إصلاح نـظم الدعـم، وتنويع مصادر الإيرادات، وتخفيف مستويات تباين توزيع الدخل، إضافة إلى إجراءات أخرى على صعيد السياسات لحفز أنشطة القطاع الخاص خاصة المشروعات الصغيرة والمتوسطة وتحسين مناخ الاستثمار وإقرار مجموعة من القوانين الداعمة للنمو الاقتصادي وتطوير القطاع المالي.

كمحصلة، للعوامل السابق الإشارة إليها، واستناداً إلى الافتراضات الرئيسية للتقرير، تم خفض معدل نمو الدول العربية كمجموعة خلال عام 2016 بنحو 0.3 نقطة مئوية مقارنة بالتوقعات الواردة في تقرير آفاق الاقتصاد العربي إصدار مارس الماضي، حيث من المتوقع أن ينخفض النمو في البلدان العربية كمجموعة إلى 2.6 في المائة عام 2016. أما فيما يتعلق بعام 2017، من المتوقع حدوث تحسن نسبي لمعدل النمو الاقتصادي إلى نحو 3.1 في المائة مستفيداً من التعافي التدريجي للنشاط الاقتصادي في كل من الدول العربية المصدرة للنفط والمستوردة له نتيجة عدد من العوامل.

على صعيد المجموعات الفرعية، من المتوقع تسجيل الدول العربية المصدرة للنفط معدل نمو يتراوح حول 2.4 في المائة خلال عام 2016 مقارنة بنحو 3.3 في المائة للنمو المسجل عام 2015، فيما يتوقع أن يعاود معدل النمو الاقتصادي لدول المجموعة الارتفاع إلى نحو 2.8 في المائة العام المقبل. يشار إلى تباين النمو المسجل داخل المجموعة ما بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والدول العربية الأخرى المصدرة للنفط. فمن المتوقع أن يتأثر النمو المسجل في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بدرجة أكبر هذا العام جراء تراجع الأسعار العالمية للنفط مقارنة بالتأثر المسجل عام 2015 – الذي شهد تبني بعض هذه الدول لسياسات معاكسة للدورة الاقتصادية لدعم النمو – يأتي هذا التأثر على ضوء إجراءات الضبط المالي التي تم تبنيها خلال عام 2016، للحفاظ على الانضباط المالي التي من المتوقع أن تؤثر على أنشطة القطاعات غير النفطية بدرجة تتفاوت من دولة لأخرى حسب هياكلها الاقتصادية والحيز المالي المتاح لكل منها. تم خفض توقعات نمو مجموعة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية لعام 2016 بنحو 0.4 نقطة مئوية، حيث من المتوقع تسجيل دول المجموعة نمواً بحدود 2.1 في المائة عام 2016 مقارنة بنحو 3.6 في المائة للنمو المسجل العام الماضي، في حين يتوقع تحسن النمو إلى 2.4 في المائة عام 2017 في ظل الأفق الزمني الممتد لإجراءات الضبط المالي المتخذة لاستعادة التوازنات الاقتصادية الداخلية والخارجية، بينما سيجد النمو دعماً من الارتفاع المتوقع لأسعار النفط، ومن سعي هذه الدول لتطوير طاقات الانتاج النفطي واستمرار تنفيذ عدد من المشروعات الاستثمارية.

في المقابل، من المتوقع تحقيق مجموعة الدول العربية المُصدرة للنفط الأخرى نمواً محدوداً لا يتعد الواحد بالمائة العام الجاري على ضوء التأثير الانكماشي المتوقع الناشئ عن ظروف الأوضاع الداخلية في عدد من دول المجموعة باستثناء الجزائر. أما في عام 2017، وعلى ضوء التوقعات بتحسن أسعار النفط وبفرضية حدوث تطور إيجابي ملموس على صعيد البيئة الداخلية يتوقع ارتفاع النمو إلى 6.2 في المائة العام المقبل، وهو ما سيعكس بالأساس النمو الضعيف المسجل في سنة المقارنة.

فيما يتعلق بالدول العربية المستوردة للنفط، من المتوقع تباطؤ وتيرة النشاط الاقتصادي بفعل تأثر الطلب المحلي والخارجي بعدد من العوامل التي من شأنها أن تنعكس على مستويات النمو المسجلة عام 2016، ومن أهمها استمرار تباطؤ النشاط في بعض القطاعات الاقتصادية الرئيسية نتيجة استمرار ضعف الطلب العالمي والأوضاع في سوق الصرف الأجنبي وظروف الجفاف في بعض دول المجموعة. بناءً عليه، تم خفض توقعات نمو المجموعة إلى 3.1 في المائة عام 2016 مقارنة بنحو 3.6 في المائة متوقعة في تقرير آفاق الاقتصاد العربي إصدار مارس الماضي. من المنتظر عام 2017 أن يستمر تعافي الأداء الاقتصادي في بلدان المجموعة على ضوء التحسن المتوقع للنشاط في عدد من القطاعات الرئيسية في تلك الدول التي ستستفيد من التحسن المتوقع للطلب العالمي، وهو ما سيتبعه ارتفاع في مستويات الاستثمار والانفاق الاستهلاكي والصادرات بما يدعم النشاط الاقتصادي الذي من المتوقع ارتفاعه إلى 3.9 في المائة.

فيما يتعلق باتجاهات تطور الأسعار المحلية، ارتفعت معدلات التضخم في معظم الدول العربية خلال الأشهر الأولى من عام 2016. جاء ذلك نتيجة للارتفاع الذي شهدته أسعار السلع الغذائية، ومجموعة الوقود والطاقة. فقد انتهجت معظم الدول العربية تطبيق سياسات هادفة إلى ترشيد مستويات الدعم الحكومي وخاصة الموجه منها للمنتجات النفطية. وقد استفادت تلك الدول في تطبيق تلك السياسات، من بقاء الاسعار العالمية للنفط والسلع الاساسية عند مستويات منخفضة، مما خفف من حدوث ارتفاعات قوية في معدلات التضخم في الدول العربية بصفة عامة. إضافة إلى أثر انخفاض معدلات نمو السيولة وتراجع الاداء الاقتصادي في تخفيف حدة الضغوط التضخمية.

كما تأثر المستوى العام للأسعار في بعض الدول بتواصل الاختناقات في سلاسل إمداد السلع الاساسية نتيجة للظروف المحلية التي تشهدها تلك الدول. إضافة إلى الضغوط التضخمية المتولدة عن زيادة عدد النازحين من بعض المناطق. كمحصلة للتطورات سالفة الذكر، يتوقع أن يبلغ معدل التضخم في الدول العربية كمجموعة خلال عام 2016 حوالي 7.8 في المائة. بالنسبة لعام 2017، فمن المتوقع أن يُسجل معدل التضخم في الدول العربية نحو 8.5 في المائة.

ففي الدول العربية المصدرة للنفط، من المتوقع خلال عام 2016 أن يشهد معدل التضخم في دول المجموعة ارتفاعاً ليبلغ حوالي 6.3 في المائة مقارنة مع 4.3 في المائة محققة خلال عام 2015. جاء ذلك كمحصلة لزيادة معدل التضخم لدى كلٍ من مجموعة الدول العربية المصدرة الأخرى للنفط ليصل إلى نحو 6.9 في المائة، ومجموعة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ليبلغ حوالي 3.8 في المائة خلال عام 2016. وعلى صعيد توقعات مستويات التضخم لعام 2017، يتوقع أن يرتفع معدل التضخم لدى المجموعة ليبلغ حوالي 7.0 في المائة.

أما فيما يتعلق بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، فقد تأثر معدل التضخم خلال الأشهر الاولى من عام 2016 بالارتفاع الذي شهدته أسعار مجموعة الوقود والطاقة والمجموعات الأخرى الخاصة بخدمة السكن. جاء ذلك نظراً لانتهاج معظم دول المجموعة إجراءات هادفة إلى ترشيد مستويات الدعم الحكومي وتطبيق “آلية التمرير التلقائي” للأسعار العالمية. وقد ساعد هذه المجموعة من الدول على تطبيق تلك السياسات، بقاء الأسعار العالمية للنفط والسلع الأساسية عند مستويات منخفضة، الامر الذي حد من حدوث ارتفاعات قوية في المستوى العام للأسعار لدى دول المجموعة. كما خفف من حدة الضغوط التضخمية في دول المجموعة انخفاض معدلات نمو السيولة المحلية وتراجع النشاط الاقتصادي، إضافة إلى ارتفاع القوة الشرائية للعملات المحلية لدى معظم دول المجموعة لارتباطها بالدولار الأمريكي. في ضوء التطورات سالفة الذكر، من المتوقع أن يبلغ معدل التضخم في هذه المجموعة من الدول خلال عام 2016 حوالي 3.8 في المائة. بالنسبة لعام 2017، يتوقع أن يسجل معدل التضخم مستوى 3.1 في المائة.

بخصوص الدول العربية الاخرى المصدرة للنفط، فقد شهدت دول المجموعة (باستثناء الجزائر) تواصل الاختناقات في سلاسل إمداد السلع الأساسية نتيجة للتطورات المحلية التي تشهدها هذه الدول، إضافة إلى أثر هذه الظروف على نزوح السكان من بعض المناطق إلى مناطق أخرى، الأمر الذي يولد ضغوط تضخمية ناتجة عن ارتفاع أسعار الإيجارات وخدمات المرافق السكنية في تلك المناطق التي نزح إليها السكان. بينما تأثر معدل التضخم في بعض دول المجموعة كنتيجة لتطبيق بعض السياسات بغرض ترشيد مستويات الدعم الحكومي خاصة بالنسبة لمنتجات الطاقة، إضافة إلى أثر تراجع قيمة العملات المحلية في بعض دول المجموعة على زيادة حدة الضغوط التضخمية في تلك الدول. كمحصلة للتطورات السابقة، من المتوقع أن يبلغ معدل التضخم في هذه المجموعة من الدول نحو 6.9 في المائة خلال عام 2016. فيما يتعلق بعام 2017، يتوقع أن يبلغ معدل التضخم حوالي 7.8 في المائة.

فيما يتعلق بالدول العربية المستوردة للنفط، سجلت معظم دول المجموعة خلال الأشهر الاولى من عام 2016 زيادة في مستويات التضخم كنتيجة أساسية لارتفاع أسعار السلع الغذائية ومنتجات الوقود والطاقة المنزلية والنقل. فقد تأثرت معدلات التضخم بتلك الدول بالسياسات الرامية نحو ترشيد مستويات الدعم خاصة الموجه منها للمنتجات النفطية. خفف من حدة الضغوط التضخمية تبني السلطات النقدية في معظم دول المجموعة سياسة نقدية انكماشية، إضافة إلى تباطؤ النشاط الاقتصادي وأثره في الحد من التضخم المدفوعة بعوامل جذب الطلب.

من جانب آخر، ساهم أثر التمرير الناتج عن تعرض قيمة العملة المحلية لبعض الدول لضغوط، نظراً لتراجع الموارد من النقد الاجنبي في تلك الدول، في زيادة مستويات التضخم. إضافة إلى أثر زيادة أعداد النازحين إلى بعض دول المجموعة على زيادة الضغوط التضخمية وزيادة مستويات الطلب على السلع والخدمات في ضوء التطورات السابقة، يتوقع أن يبلغ معدل التضخم لدى دول المجموعة حوالي 9.6 في المائة خلال عام 2016. بالنسبة لعام 2017، من المتوقع أن يصل معدل التضخم في دول المجموعة إلى حوالي 10.3 في المائة.

ذات صلة



المقالات