الأربعاء, 16 أبريل 2025

المدن وأسرار الأرقام الأربعة

ALMESSNID@
تعتبر المدن موطناً لأكثر من نصف سكان العالم، وهذا الرقم يستمر في الازدياد. كيف ينبغي لهذه المدن التكيف لمواجهة الطلب المتزايد؟ هذا هو التساؤل الذي يمكن أن تجيب عنه التكنولوجيا، وذلك حسب كارلو راتي مدير مختبر “سنسيبل سيتي” في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا والرئيس المشارك لمجلس “مستقبل العالم للمدن والتحضر”.

يقول كارلو، إن هناك أربعة أرقام تحدد أهمية المدن وهي (2، 50، 75، 80). تشكل المدن 2% من مساحة العالم، لكنها تستضيف 50% من سكان العالم، وهي مسؤولة عن 75% من الاستهلاك العالمي للطاقة و 80% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وبالتالي إذا أنشأنا مدناً أعلى كفاءة فإن لذلك تأثير كبير على الكرة الأرضية. ويضيف: دخل الإنترنت الحيز المادي من خلال دمج الطبقات المادية والرقمية، وهذا يفتح عالماً جديداً من التطبيقات في مجالات الطاقة والنقل وإدارة المياه للمواطنين المشتركين. 

على سبيل المثال: تُهدَر اليوم كمية كبيرة من الطاقة في تدفئة وتبريد المكاتب الفارغة والمنازل والمباني المشغولة جزئياً.

اقرأ المزيد

 في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، جرت أبحاث حول كيف يمكن أن يتحكم الإنترنت في المناخ بناءً على تواجد الإنسان، أي تدفئة وتبريد الإنسان نفسه وليس كامل المبنى. قام المعهد بتطوير واختبار النماذج الأولية التي يتم استخدامها حالياً في المباني، مثل إعادة تصميم مبنى Fondazione Agnelli التاريخي في تورينو بإيطاليا. سيتوفر لشاغلي هذا المبنى نظام شخصي للتدفئة والتبريد والإضاءة يشبه فقاعة البيئة المصممة بشكل فردي، مما سيحسن استخدام المساحات ويحد من هدر الطاقة.

هناك أيضاً جوانب أخرى يمكن أن تغير فيها التكنولوجيا الطريقة التي تُستَخدَم بها المباني. عند التفكير بحياتنا العملية، نجد أن لدينا أدوات تكنولوجية تمكن الناس من العمل عن بعد إلا أن معظمهم ما زال يذهب إلى المكتب كل يوم، لأن التواجد في نفس المبنى يجعل من السهل على الناس تبادل المعرفة وتوليد الأفكار وجمع وجهات نظر الموهوبين. 

لكن كيف يمكن لنا تعظيم هذه الآثار؟ هذا ما يمكن أن تجيب عنه التكنولوجيا. هناك أدوات جديدة آخذة في الظهور يمكن الاستفادة منها في قياس الاتصال البشري والسلوك المكاني وربطها بالإنتاجية والإبداع. تاريخياً، كانت المباني جامدة إلا أن هناك توجهاً متزايداً نحو تصميم مباني وأثاث رقمي مدمج تتفاعل وتستجيب مع متطلبات الناس. 

يعتقد كارلو أن نمط العيش في المدن سيتغير في 2030م. فمن حيث وسائل النقل: أصبحت السيارات وكأنها كمبيوترات تمشي على عجلات وتستطيع أن تسير لوحدها؛ وأضحى تحليل البيانات عاملاً مساعداً في إدارة حركة المرور بطريقة ذكية؛ ومع صعود الاقتصاد التشاركي أصبح الناس يفكرون بشكل متزايد في عدم ضرورة امتلاك سيارة خاصة. مؤخراً، أظهرت نتائج دراسة قام بها معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا  عن الطلب على النقل في سنغافورة، أن مثل هذه الأنماط تتماشى مع 30% من المركبات المتداولة حالياً. من الناحية النظرية، يمكن خفض هذا الرقم بنسبة 40% إضافية إذا كان الركاب المتنقلين على طرق مشابهة مستعدين لتقاسم سيارة فيما بينهم. 

هذا يعني أن بإمكان الناس التنقل باستخدام 20% من أعداد السيارات المستخدمة اليوم. ومن بين المزايا الأخرى: هذا من شأنه أن يوفر مساحات واسعة من مواقف السيارات لاستخدامات أخرى.

لكن رغم ذلك، هناك تحديات تواجه هذه الدراسة، فهناك أدوار للحكومات والقطاع الخاص والمواطنين على حد سواء.

 على سبيل المثال: خفض أعداد السيارات الذي يقترحه كارلو يعتمد على رغبة الناس في مشاركة المركبة أو استخدام تكنولوجيا المركبات ذاتية القيادة. كذلك يمكنك أن تتصور كيف تنخفض أسعار السيارات مما يؤدي إلى شراء الناس لمزيد من المركبات بدلاً من استخدام وسائل المواصلات العامة، وبالتالي تصبح المدن أكثر ازدحاماً بحلول عام 2030م.

ويختم كارلو قائلاً: مثل بداية ظهور الإنترنت، فإن إنترنت الأشياء اليوم سيتطلب الكثير من التجربة والخطأ. سلامة وأمن الأنظمة التي نبنيها هي عوامل حاسمة، فنحن جميعاً على دراية بالفيروسات التي تهاجم أجهزة الكمبيوتر، فماذا لو عطلت هذه الفيروسات مركباتنا؟ سنحتاج إلى مبدعين ومنظّمين يعملون معاً عن قرب، مع أنظمة تواكب التقدم التقني لإصلاح المشاكل التي ستنشأ بالتأكيد.
 

ذات صلة



المقالات